العلاج السلوكي للأطفال
مفهوم العلاج السلوكي
العلاج السلوكي هو علاج يركّز على كيفيّة تغيير بعض الأفكار الإشكالية والسلوكيات السلبية التي يقوم بها الأطفال عن غير قصد أو عن غير وعي داخل البيئة المنزليّة، وتساهم المكافآت والتعزيزات التي يحتويها العلاج على تقليل هذه الأفكار والسلوكيات الغير مرغوب فيها، بحيث يمكن تطبيق العلاجات السلوكية على مجموعة واسعة من الأعراض النفسية بين المراهقين والأطفال.
تختلف العلاجات السلوكية اختلافًا كبيرًا من طفل إلى آخر، ومن اضطراب إلى آخر، ولكن من الشائع أنّ المعالجين السلوكيين يشجعون الأطفال والمراهقين على تجربة سلوكيات جديدة، ومكافأة السلوكيات المرغوبة، وإطفاء السلوكيات غير المرغوبة وتجاهلها، فهو بذلك يعلّم الآباء والأمهات والأطفال على تعزيز السلوكيات المرغوبة وتقليل السلوكيات غير المرغوب فيها.[1]
إنّ مشاكل الأطفال هذه من القلق، والاضطراب السلوكي، وفرط الحركة والانتباه، وغير ذلك تحدث بسبب التأثيرات البيئية، بما في ذلك أنواع التفاعلات التي تربطهم بوالديهم في وقت مبكر من حياتهم، وفي أغلب الحالات بسبب العوامل الوراثيّة، وأيضاً تحدث أحياناً بسبب الآباء، بحيث لديهم التأثير في جعل الحالة أسوأ أو أحسن.[2]
متى يجب البدء بالعلاج السلوكي
يحتاج الأطفال إلى العلاج السلوكي إذا كانوا يعانون من الاكتئاب أو القلق أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو عندما تكون هناك أفكار سلبية أو غير عقلانية تؤدي إلى مشاعر أو سلوكيات سلبيّة معينة.
في حالة الاكتئاب أو القلق، والتي تكون عادة مصاحبة بنوبات من الغضب، يجب على الوالدين تحديد ما إذا كان الطفل بحاجة إلى العلاج السلوكي أم لا، وذلك من خلال بعض الأعراض التي تظهر على أطفالهم مثل التهيج المنتظم، وفقدان الاهتمام بالأنشطة، والتغيرات في أنماط الأكل والنوم، وأفكار الموت والانتحار، أما بالنسبة للقلق يحاول الطفل أن يعترض الطريق ويسبب العديد من المشاكل في الحياة اليومية.
إذا كان الطفل يعاني من ردود فعل عاطفية شديدة، واضطرابات مزاجيّة وسلوكيّة، أو إذا كان يبكي بسهولة بسبب أمور بسيطة، أو أنّ هذه المشكلات العاطفيّة والسلوكيّة تؤثّر على أداء الطفل، فإنه حتماً بحاجة إلى علاج ومساعدة.[3]
تشير بعض الدراسات إلى أن العلاج السلوكي يعمل بشكل أفضل عندما يبدأ مبكراً في حياة الطفل، وذلك لأن الأطفال الأصغر سناً يعانون من مشاكل أبسط، واستجابة العلاج يكون أسرع، والتفاعلات بين الوالدين والطفل لا تكون عميقة، بحيث يكون من السهل تغييرها، كما تكون شدّتها أقل، وهذا يعني أنه كلما طال الوالدين بالتفاعل سلبًا مع طفلها وتأخرهما في العلاج، تزداد فرصة الأطفال في تطوير سلوكيات ثانوية، مثل اضطراب التحدي المعاكس، القلق واضطراب المزاج، بالإضافة إلى تدني احترام الذات، بحيث يمكن تجنّب هذه المشاكل من خلال العلاج المبكر للسلوك.[2]
العلاج السلوكي لتعليم الآباء
يميل الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه في التفاعلات، والسلوكيات السلبية إلى سوء التصرّف، مما يؤدّي إلى معاقبتهم أكثر من الأطفال الآخرين، ولكن هذه العقوبة المتكررة يكون لها تأثير سلبي على الأطفال، بحيث تسبّب في زيادة السلوكيات السلبيّة وزيادة المشكلات أيضاً.
يمكن للوالدين تعلّم كيفية إدارة سلوك الأطفال الصغار الذين يعانون من كل هذه المشاكل، من خلال تلقي التدريب على استخدام التقنيات السلوكية والعمل مع مقدمي الرعاية، من مقدمي الرعاية النهارية، ومعلمي مرحلة ما قبل المدرسة، للمساعدة في تقليل هذه السلوكيات السلبية والتفاعلات، ويجب أن يكون التدريب يتناسب بشكل خاص لمستوى الأطفال ونموّهم، وذلك لأنّ الأطفال يتغيرون بسرعة أكثر من الأكبر سنًا، فهم أكثر عرضة للإصابة بنوبات الغضب وغير ذلك، فالمعالج سيساعد الآباء في تحديد النقاط الي بحاجة إلى التدخل والاستراتيجيات التي تعمل بشكل أفضل مع كل طفل.[4]
يحضر الآباء في العلاج السلوكي العديد من الجلسات مع معالج، بحيث تشمل مجموعات أو عائلات فردية، ويجتمع المعالج بانتظام مع العائلة لمراجعة تقدمهم، وتقديم الدعم اللّازم لهم، كما يقوم على ضبط الاستراتيجيات لضمان التحسّن وتقدّم العلاج، ويقوم الآباء بممارسة الدورات مع أطفالهم. يعمل العلاج السلوكي بمساعدة الآباء على:[5]
- تعزيز علاقة الوالدين مع أطفالهم، وذلك من خلال التواصل الإيجابي معهم، مثل الاستماع إليهم، وتشجيعهم على وصف المشاعر.
- تعزيز السلوك الجّيد، وذلك من خلال إعطاء اهتمام للطفل عند القيام بالسلوك الإيجابي والثناء عليه.
- وضع أساسيّات معيّنة، وضرورة وجود الانضباط الثابت، مثل إعطاء تعليمات فعّالة، وعدم الاهتمام للسلوك غير المرغوب فيه، وضرورة الاهتمام بأوقات اللّعب.
- مساعدة الآباء على تعلّم المهارات السابقة، وكيفية استخدامها بفعّالية مع أطفالهم بمساعدة المعالج.
خطوات العلاج السلوكي للأطفال
هناك العديد من الخطوات التي تساعد في تحكّم الأطفال بسلوكهم أهمّها:[6]
عمل جدول يومي للطفل
يساعد الجدول اليومي على تنظيم وقت الطفل، فيجب تحديد الوقت الذي يستيقظ فيه الطفل، وتحديد مواعيد الأكل، والاستحمام، بالإضافة إلى مواعيد المدرسة، ووقت النوم.
تقليل المشتّتات
هناك العديد من الأشياء التي تعمل على تشتيت الطفل مما يزيد من نشاطه وحركته، مثل الموسيقى الصاخبة، وألعاب الكمبيوتر، والتلفزيون، لذلك يجب أن تكون هناك بعض القواعد البسيطة لتقليل ذلك، مثل إيقاف تشغيل التلفاز أو الموسيقى أثناء وقت تناول الطعام، أوأثناء قيام الطفل بواجباته، ويجب عدم وضع أي من هذه الأدوات المشتّتة في غرفة نومه، بالإضافة إلى تجنّب اصطحاب الأطفال إلى الأماكن التي قد تكون محفّزة لهم، مثل مراكز التسوق المزدحمة.
مكافأة السلوك الإيجابي
إنّ مكافأة السلوك الإيجابي تساعد الطفل في زيادة ثقتهم بأنفسهم، فيجب تقديم الكلمات الّلطيفة، أو معانقتهم، أو إعطائهم جوائز صغيرة على سلوكهم، وذلك للوصول إلى هدف العلاج في الوقت المناسب وتحسن سلوكهم. كما يجب وضع أهداف صغيرة، بحيث يستطيع الأطفال إنجازها والوصول إليها، لأنّ الهدف من العلاج التقدم البطيء بدلاً من النتائج الفورية.
الانضباط والهدوء
استخدام الانضباط والتركيز على الهدوء فعّال في علاج هذه الحالات، مثل استخدم بعض أنواع العقاب بإعطاء الطفل مهلة، أو إخراجه من الموقف بإلهائه بشيء آخر، ففي بعض الأحيان يكون من الأفضل أن يتجاهل الأهل لسلوك الطفل غير المرغوب فيه، مع تجنّب العقاب البدني، مثل الضرب أو الصفع، وذلك لأنه يعطي نتائج سلبيّة، فبالمقابل يجب مناقشة الطفل عن السلوك الذي قام به بعد هدوئه تماماً.
اختيار الأنشطة
تعتبر اختيار الأنشطة المناسبة والممتعة التي يمكن أن تشعر الطفل بالنجاح، من أفضل الحلول، وذلك لأنّ الطفل عادة ما يكون بحاجة إلى تجربة ينجح بها ليشعر بالرضا عن نفسه ويثق بنفسه أكثر.
تنظيم المنزل
إنّ تنظيم المنزل حسب احتياجات الطفل مهم جداً حتى يتعلّم الحفاظ على ممتلكاته، كما يساعد في ضبط سلوكه، لذلك يجب تخصيص أماكن محددة ومنطقيّة للحفاظ على واجباته المدرسية ولعبه وملابسه، كتخصيص مساحة خاصة بالقرب من الباب الأمامي لحقيبته المدرسيّة، بحيث يمكنه أخذها في طريق الخروج من الباب.
المراجع
- ↑ Steven W. Evans (18/5/2019), "Behavior Therapy"، effectivechildtherapy, Retrieved 18/5/2019.
- ^ أ ب LAURA MCCARTHY (18/5/2019), "How Does Behavior Therapy Work?"، additudemag, Retrieved 18/5/2019.
- ↑ Gia Miller (18/5/2019), "Does Your Child Need Behavioral Therapy? How to Tell and What to Do"، rileychildrens, Retrieved 18/5/2019.
- ↑ Dr. L. Eugene (18/5/2019), "Behavioral Therapy for Young Children"، chadd, Retrieved 18/5/2019.
- ↑ Kim Newsome (18/5/2019), "Behavior therapy for young children with ADHD"، cdc, Retrieved 18/5/2019.
- ↑ Colleen Kraf (18/5/2019), "Behavior Therapy for Children with ADHD"، healthychildren, Retrieved 18/5/2019.