وصف ظاهرة البطالة
ظاهرة البطالة
تعني البطالة في اللغة العربيّة: عدم وجود عمل يتناسب مع القدرات، والمُؤهّلات، حيث يُقال: بَطل الشيء؛ أي ذهب ضَياعاً، وخُسراً، وبَطل الأجير؛ أي تعطَّل، فهو بَطَّال، أمّا البطالة اصطلاحاً، فيختلف تعريفها من بيئة إلى أخرى، تِبعاً للجانب الذي تهتمُّ به الدراسة؛ فقد تمّ تعريف ظاهرة البطالة على أنّها: الحالة التي تُلازم الشخص الذي لا يجد عملاً، وهي أيضاً الحالة التي تظهر؛ بسبب عدم توفُّر العمل المناسب لفرد يمتلك قدرات، ومهارات، ومُؤهّلات، ويرغب في ممارسة هذا العمل؛ نتيجة لضَعف هيكلة سوق العمل. كما أنّ ظاهرة البطالة تُمثّل زيادة في القُوى العاملة التي تسعى إلى إيجاد فرصة عمل أكبر من تلك التي يُتيحُها سوق العمل، والمجتمع بمختلف مُؤسَّساته، وتُمثّل البطالة أيضاً مقدار الفرق بين حجم العمل المعروض، وحجم العمل المُستخدَم ضمن فترة زمنيّة مُحدَّدة.[1]
وبالمفهوم الاقتصاديّ، نجد أنّ ظاهرة البطالة تدلُّ على عدم توفُّر العمل، أو توقُّفه لفرد يرغب فيه، وقادر على ممارسته. وقد وضعت مُنظَّمة العمل الدوليّة مفهوماً شاملاً، وجامعاً لمفهوم ظاهرة البطالة، حيث عرّفته على أنّه: "الحالة التي تشمل الأشخاص الذين هم في سِنِّ العمل، والقادرين عليه، والمُؤهّلين له بالنوع ،والمستوى المطلوبَين، والراغبين فيه، والباحثين عنه، والمُوافقين على الولوج فيه في ظلّ الأجور السائدة، ولا يجدونه خلال فترة زمنيّة مُعيّنة".[1]
أنواع البطالة
تتعدَّد أنواع البطالة تِبعاً للظروف المُسبِّبة لها، وأهمّ هذه الأنواع:[2]
- البطالة الإجباريّة: وهي البطالة التي تنشأ؛ بسبب تقصير الحكومة، وعدم مقدرتها على توفير فُرَص عمل، ووظائف تتناسب مع القُوى العاملة الموجودة، ضمن الأجر السائد في السوق، ويُعتبَر هذا النوع من البطالة الأشدّ خطورة على المجتمعات، والأفراد.
- البطالة الاختياريّة: وتتمثّل بعدم رغبة الفرد في العمل؛ بسبب قلّة الأجور، والرواتب.
- البطالة الموسميّة: وهذا النوع من البطالة لا يحدث على مدار الوقت، بل ينشأ في أوقات، ومواسم مُعيَّنة، فعلى سبيل المثال، تُوجَد العديد من المِهَن التي تتمّ ممارستها في فصل الصيف فقط، ولا يمكن ممارستها خلال فصل الشتاء لظروف ما، كما أنّ المزارعين مثلاً يحصدون مزروعاتهم تِبعاً لمواسم مُعيَّنة، في حين يظلّون دون عمل بقيّة أيام السنة.
- البطالة المُقنَّعة: وتتمثّل بالزيادة العدديّة للمُوظَّفين في بيئة العمل، مع عدم الحاجة إلى خدماتهم، ويُعتبَر هذا النوع من البطالة الأكثر شيوعاً في وقتنا الحاليّ.
أسباب البطالة
هناك العديد من الأسباب التي تُمهِّد الطريق؛ لظهور البطالة، وتفشِّيها في المُجتمَعات، وأهمّ هذه الأسباب:[2]
- تدخُّل الجهات الحكوميّة في شؤون السوق الحُرّ، كتدخُّلها في ضمان الحدّ الأدنى من الأجور؛ حيث إنّ تقليل الضرائب، والأجور، يُشجِّع الأنشطة الاستثماريّة، ومنها توفير فُرَص عمل جديدة.
- قلّة المُستثمِرين، ورُوّاد الأعمال؛ بسبب قلّة الأرباح، والواردات الماليّة.
- النموُّ السكّاني المُتزايد، حيث يكون يشكِّل هذا الأمر في بعض المجتمعات ثروة قوميّة تُساهم في نُموّها، وتطوُّرها، إلّا أنّه في مجتمعات أخرى يُشكِّل مصدراً للمشاكل الاجتماعيّة، ونشوء ظاهرة البطالة.
- الاعتماد بشكل مُتزايد على الآلات، والتقنيات الحديثة التي حلَّت مَحلَّ الموارد البشريّة في العديد من الصناعات، والمجالات الإنتاجيّة، ممّا أثَّر على حجم فُرَص العمل المُتاحة لأبناء المجتمع.
قياس مُعدَّل البطالة
يمكن تعريف مُعدَّل البطالة على أنّه: النسبة بين عدد الأفراد العاطلين عن العمل، وفُرَص العمل المُتاحة خلال فترة زمنيّة مُحدَّدة، وتلجأ العديد من الدُّول إلى حساب مُعدَّل البطالة؛ بهدف تقييم أدائها الاقتصاديّ، ويعتمد قياس مُعدَّل البطالة على طول الفترة المرجعيّة؛ فمُعدَّل البطالة خلال يوم واحد يكون أعلى منه خلال فترة أسبوع، كما أنّه يعتمد على توقيت الفترة المرجعيّة خلال العام؛ فهناك مواسم مُحدَّدة تكثر فيها فُرَص العمل مُقارنة بغيرها من المواسم، مثل مواسم الزراعة، علماً بأنّه يتمّ حساب مُعدَّل البطالة في الدُّول المُتقدِّمة كلّ عشر سنوات، إلّا أنّ هذه الفترة قد تزيد، وقد تكون العمليّة أصعب لدى الدُّول النامية؛ بسبب قلّة الإمكانيّات المُتاحة، والبيانات المُتوفِّرة لدى الجهات الرسميّة، وقد يختلف حساب مُعدَّل البطالة من بلد إلى آخر، ومن أهمّ طُرق قياسه:[1]
- إيجاد النسبة المئويّة بين عدد الأشخاص غير العاملين، والقوّة العاملة المدنيّة من عاطلين، وعاملين، ودون اعتبار للأفراد العاملين في القُوّات المُسلَّحة، والقطاع العسكريّ.
- حساب النسبة المئويّة الناتجة عن قسمة عدد الأفراد العاطلين على القُوى العاملة جميعها في الدولة، سواء من القطاع المدنيّ، أو العسكريّ.
- حساب مُعدَّل البطالة عن طريق أجهزة الإحصاء المُتخصِّصة التي تتوصَّل إلى مُعدَّلٍ تقريبيٍّ، من خلال دراسة عيِّناتٍ من أفراد المجتمع، ويتمّ هذا الإحصاء كلّ سنة، أو كلّ ثلاثة أشهر.
الحلول المقترحة لمشكلة البطالة
هناك العديد من الحلول التي تُساعد بصورة مباشرة، أو غير مباشرة على الحَدِّ من مشكلة ظاهرة البطالة في مختلف المُجتمَعات، وأهمّ هذه الحلول:[3]
- مَنْح حقِّ الضمان الاجتماعيّ، والتأمين الصحّي، والاجتماعيّ.
- تنفيذ دورات تدريبيّة دون مقابل مادّي، بحيث تختصُّ بتنمية المشاريع الإنتاجيّة.
- تقديم المساعدات، والإعانات للأفراد العاطلين عن العمل.
- تقليل الحَدِّ الأدنى لسِنِّ التقاعُد.
- تقليل عدد أيّام العمل، والدوام الرسميّ خلال الأسبوع.
- تشجيع الشركات، والمُؤسَّسات التي تسعى إلى توظيف عدد مُعيَّن من الأيدي العاملة، ويتمّ هذا التشجيع من خلال تقديم الدَّعم، والإعانات.
- جَذب المُستثمِرين، والحفاظ عليهم، وتشجيعهم على الاستثمار داخل البلد.
- تقليل سعر الفائدة إلى الحَدِّ الأدنى.
- المُساهمة في إعادة هيكلة مختلف أنواع القطاعات الإنتاجيّة.
- تقليل الضرائب، وزيادة الإنفاق العامّ.
- توطين الصناعات الإنتاجيّة في كافّة أرجاء البلاد.
- دَعم مُنفِّذي المشروعات الصغيرة، وتمويلهم حسب الإمكانيّات المُتاحة.
المراجع
- ^ أ ب ت د.مصطفى عراقي، البطالة..نظرة واقعية وحلول عملية ، صفحة 5,6,7,9,10,11. بتصرّف.
- ^ أ ب د.محمد حسين عبد القوي، البطالة (المشكلة والعلاج)، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ د.سامر مظهر قنطقجي، البطالة حلول اقتصادية إسلامية، صفحة 4. بتصرّف.