تاريخ الفلسفة الحديثة
الفلسفة
نشأت الفلسفة مع تطوّر الفكر البشري ومحاولة الإنسان البحث عن الحقيقة وراء الحياة وسبب الوجود، وتُعتبر الفلسفة من أقدم الأنشطة العقليّة البشرية على الإطلاق، ولفظة فلسفة مُعربة من الكلمة اليونانيّة فيلوسوفيا، وتعني حب الحكمة أو طلب المعرفة، والمادة الأساسيّة لمباحث الفلسفة كثيرة ومتشعّبة لارتباطها بجميع أصناف العلوم والمعارف الإنسانيّة، فالعلوم الحديثة والتكنولوجيا لها فلسفتها المتفرّعة من فلسفة العلوم، بالإضافة إلى فلسفة العلوم الإنسانيّة، وفلسفة الفلسفة التي يحدّدها العلماء بأنّها التفكير في التفكير، وتحاول الفلسفة منذ القدم الإجابة عن التساؤلات العامة حول الوجود والكون وماهيّة الإنسان والروح والقيم العليا، مثل الحق والخير والجمال، ومع تطوّر العلوم والثقافة الإنسانيّة تجدّدت مذاهب الفلسفة لتظهر الفلسفة الحديثة في العالم.
الفلسفة الحديثة
مفهوم الفلسفة الحديثة
تنحاز الفلسفة الحديثة إلى التقنية والتركيز على المنطق، وتشمل أبحاثها في العصر الحديث طبيعة اللغة وطبيعة العقل والذكاء البشري والاصطناعي، وهناك اتجاهات ترى أنّ الفلسفة الحديثة هي دراسة الفنون والعلوم الحديثة لتكوين نظريّة عامة عن الحياة، وبهذا تصبح الفلسفة وسيلة لتحديد الطريقة المثلى للحياة وليست وسيلة لفهمها.
تاريخ الفلسفة الحديثة
- نشأت الفلسفة الحديثة في أوروبا الغربية في القرن السابع عشر أو ما يُعرف بعصر النهضة، وتشكّلت من التجادل الفكري بين مدرستين فلسفيتين هما العقلانيّة والتجريبيّة، معظم رواد المدرسة العقلانيّة كانوا من فرنسا وألمانيا مثل ديكارت، وسيبينوزا، الذين رأوا أنّ المعرفة الإنسانية عامة تبدأ من الأفكار الفطريّة للإنسان، وعلى النقيض منهم كان التجريبيون يتزعّمهم جون لوك وديفيد هيوم، يرون أنّ المعرفة تنتج عن التجارب الحسيّة، واستمر التناقض بين المدرستين طوال القرنين السابع عشر والثامن عشر.
- في أواخر القرن الثامن عشر طرح إيمانويل كانط نظرية رائدة للمزج بين العقلانيّة والتجريبيّة، ومع أنه لم ينجح كليّاً في فض الاشتباك الفكري بين المدرستين، إلا أنّ أعماله كانت البداية لعاصفة من الدراسات الفلسفيّة في ألمانيا التي أخرجت مدارس فلسفيّة كبيرة، كوّنت الركائز الأهم للفلسفة الحديثة، وبلغت المدرسة الألمانيّة ذروتها في أعمال هيغل الذي أسس المدرسة المثاليّة الألمانيّة.
- أثرت أعمال هيغل على كل الدراسات الفلسفيّة اللاحقة له، حيث اعتمد كارل ماركس عليها في وضع نظريّته المادية التاريخية والجدليّة التي غيّرت وجه العالم في القرن العشرين، وأسّس لعلم الاجتماع والتاريخ الحديث، كما أخذ آرثر شوبنهاور بالفلسفة المثالية في تحليله للعالم، واستنتج أنّه تفاعل بين الصور العقليّة والرغبات الحسيّة، وفي القرن التاسع عشر جاءت الفلسفة البريطانيّة التي اعتمدت على التحليل كرد فعل على السيطرة الهيغيليّة، وبدأ علماء منطق رياضي مثل برتراند راسل بالتحرّك حثيثاً نحو الفلسفة التحليليّة لاستعياب التطورات الجديدة في المنطق والعلوم.