تاريخ الفلسفة
الفلسفة
الفلسفة هي أحد مظاهر الفكر الإنساني والتي تطورت بتطوره، فقد كانت العلامات التي ظهرت في جميع الحضارات وارتبط ازدهارها بازدهار تلك الحضارة، فظهرت في جميع الحضارات القديمة كالحضارة المصرية القديمة، والهند، والصين، وبلاد الفرس، والرومان، واليونان.
استمر ظهور الفلسفة فيما بعد كالفلسفة المسيحية والفلسفة الغربية والفلسفة الإسلامية، ثم ظهرت الفلسفة الحديثة أيضاً، وبالرغم من وجود الفلسفة في العديد من البلدان إلّا أنّه يمكن إرجاع أصل الفلسفة إلى الفلسفة اليونانية، والتي تعد الأساس الذي بنى عليه الفلاسفة اللاحقون آراءهم وخاصةً الفلاسفة الغربيين.
تاريخ الفلسفة
تاريخ الفلسفة هو علمٌ يعنى بدراسة وتتبع الفلسفة وتطورها عبر العقود، فكما ذكرنا أنّ جميع الحضارات التي مرّت عبر التاريخ كانت لديها فلسفتها الخاصة بها، والتي كانت متأثرةً بأفكار الفلسفات الأخرى وتابعةً لها أو أنّها نشأت بشكلٍ مستقلٍ في تلك الحضارة.
قد كانت كلّ حضارةً تحظى بمدارس الفلسفة الخاصة بها والتي تتميز بها عن الآخرين، سواء من حيث المعتقدات أو الجوانب التي اهتمت فيها تلك الفلسفات، فيعنى تاريخ الفلسفة بتتبع هذه الفلسفات عبر حياة الإنسان وتأثرها ببعضها البعض.
تاريخ الفلسفة لا يمكن حصره ببضع كلماتٍ على الإطلاق، فهو مرتبطٌ بالتاريخ الإنساني؛ يؤثر ويتأثر به، ولكن وفيما يلي سنذكر حقبتين للفلسفة من أهمّ الحقب بالنسبة للمسلمين، وهي الفلسفة اليونانية التي تركت تأثيرها على العالم بأكمله، والفلسفة الإسلامية التي تعتبر جزءاً من تراثنا، حيث تبناها الغرب والفلاسفة المعاصرون حتى استطاعوا بناء الفلسفة الحديثة.
الفلسفة اليونانية
ترجع أصول الفلسفة الغربية إلى اليونان القديمة، حيث إنّ الفلاسفة اليونانيين استطاعوا التأثير على رأي العامة، حيث امتد هذا التأثير إلى أهمّ الأحداث التي حصلت في عصرنا هذا، وظهرت الفلسفة الإسلامية التي قامت بترجمة أعمال الفلاسفة اليونانيين وخاصةً أفلاطون وأرسطو ومناقشة أعمالهم.
تمّ تقسيم الفلسفة في اليونان القديمة إلى عددٍ من المراحل كالفلسفة قبل السقراطية، وهي المرحلة التي نشأت فيها الفلسفة اليونانية بشكلٍ خاص والفلسفة بشكلٍ عام، فبزغ طاليس الفيلسوف اليوناني الأول، حيث قام بإنشاء المدرسة الطبيعية برفقة تلميذيه أنكسمندريس وأنكسيمانس اللذين اهتما بدراسة أصل الكون والطبيعة.
تطورت الفلسفة اليونانية تطوراً كبيراً وازدهرت بشكلٍ غير مسبوق فيما عرف بفلاسفة ما بعد سقراط، والذين كان على رأسهم سقراط الذي حوّل الفلسفة وأفكارها وركز على فلسفة الأخلاق، فأنزل الفيلسوف من برجه العاجي إلى الشارع ليمشي مع الناس في الأسواق ويحاول تنوير عقولهم قدر الإمكان، فمات سقراط في النهاية شهيداً لأفكاره الفلسفية من قبل الطبقة الحاكمة التي لم تكن راضيةً عن الأفكار التي كان يبثها في عقول الشباب.
لم تتوقف الفلسفة عند سقراط، بل إنّ أثره بقي وانتشر من خلال تلاميذه، فبزغ من تلاميذه أفلاطون وأشهر كتبه المدينة الفاضلة، وقد اهتم أفلاطون فيه بدراسة العدالة والظلم وأسس خلال ذلك مجتمعاً مثالياً مقسماً إلى طبقات ثلاث وهي الحكام، والحراس، والعمال، وانعكس ذلك على النفس البشرية، ثمّ ظهر أرسطو والذي كان تلميذاً من تلامذة أفلاطون، حيث كان له التأثير الكبير على الفلاسفة اللاحقين له وحتى العصور الحديثة.
الفلسفة الإسلامية
ظهرت الفلسفة الإسلامية بظهور الدولة والحضارة الإسلامية، فازدهرت الفلسفة الإسلامية بعد الترجمات التي حدثت للفلسفة اليونانية واطلاع فلاسفة المسلمين عليها، وهم الذين اعتبروا الفلسفة اليونانية متوافقةً إلى حدٍّ كبير مع مبادئ الإسلام وخاصةً من حيث الأخلاق التي توصل الفلاسفة اليونانيون إلى وجودها، فتبنى فلاسفة المسلمين منهج فلاسفة اليونانيين في استخدام العقل في البحث عن الحقيقة وتسخيره لفهم قوى الطبيعة والوجود الإلهي.
كان أوّل من برز من الفلاسفة المسلمين هو الكندي رحمه الله، وظهر بعده العديد من الفلاسفة المسلمين كابن سينا، والفارابي، والغزالي الذي ألّف كتاب تهافت الفلاسفة، حيث بين فيه أنّه لا يمكن استخدام العقل والفلسفة للوصول إلى الوجود الإلهي، وأنّ الفلسفة قائمةٌ على البحث في المحسوسات من العالم المادي كالعلوم من الطب، والرياضيات، والفلك وغيرها، ففكرة الوجود الإلهي بنظره هي أمر خارج عن نطاق التفكير الإنساني.
أمّا ابن رشد والذي ردّ على الغزالي في كتابه تهافت التهافت فأرجع للفلسفة والعقل دورهما في البحث في كلّ الموجودات، وعدّ الفلسفة أرقى مراتب الدين والتدين، كما ترجمت أعماله إلى اللغات الأخرى، ولكن الكنيسة - التي كانت مسيطرة على الغرب آنذاك - قامت بمحاربة ابن رشد وحرق أعماله.