-

تاريخ الأمازيغ

تاريخ الأمازيغ
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

حضارات شمال إفريقيا

عاصر الوطن العربي بشكل عام العديد من الحضارات التي تعاقبت عليه وأثرت به بشكل مباشر، ونخصّ بالذكر الدول العربية في شمال إفريقيا وهي دول المغرب العربي وجمهوريّة مصر العربية، حيث تمركزت وتعاقبت عليها حضارات وأقامت بين ربوعها شعوباً وطوائف من مختلف الأصول والمنابت، ومن أكثر القبائل انتشاراً في هذه المناطق من شمال إفريقيا هم الأمازيغ، مع العلم بأنّ هذه الفئة توجد أيضاً في كل من فرنسا وكندا ودول الاتحاد الأوروبي.

الأمازيغ

هم شعوب استوطنوا في منطقة واحة سيوة في الشرق امتداداً إلى الغرب في منطقة المحيط الأطلسي، ويُعتبر الأمازيغ أو كما يُطلق عليهم البربر أنّ أصولهم تعود إلى شمال إفريقيا، وبالتحديد امتداداً من البحر الأبيض المتوسط في شمال قارة إفريقيا وصولاً إلى جنوبها في الصحراء الكبرى، وكان يُطلق قديماً على موطن الأمازيغ اسم نوميديا.

ويشار إلى أنّ الأمازيغ هم قبائل وشعوب من مختلف الطوائف تجمّعت تحت مسمّى الأمازيغ، وصنّفهم العرب إلى البرانس ويعود نسبهم إلى بنو برنس بن بربر، أما الصنف الثاني البتر وتعود أصولهم إلى مادغيش الأبتر بن بربر، ويشار إلى أنّ الفرس هم البربر، ويُطلق عليهم هذا الوصف، وقد ألصق الرومان وصف الأمازيغ بغجر الشعوب التي تقيم في الشمال الإفريقيّ، الذين كانوا لا يخضعون لحضارتهم وثقافتهم.

تتحدث القبائل الأمازيغيّة اللغة الأمازيغية، ويُستخدم بين مفرداتها وتراكيبها ما يقارب عشرين إلى ثلاثين بالمئة من مفردات اللغة العربيّة، وتتّسم هذه اللغة بالصعوبة البالغة، وأصدر الملك المغربي محمد السادس قراراً ملكيّاً بإنشاء معهد ملكيّ أمازيغي وكان ذلك في السابع عشر من شهر أكتوبر عام ألفين وواحد ميلاديّة، وذلك سعياً منه لجمع الآراء والكشف عنها فيما يتعلّق بإجراءات وتدابير الحفاظ على اللغة والثقافة الأمازيغيّة، ومن أهم إنجازات هذا المعهد أنّه أخرج لغة أمازيغيّة وأوجدها، وانتقى خط التيفيناغ لكتابة اللغة الأمازيغية.

ويكتب الأمازيغ لغتهم التي يتحدّثونها بالاعتماد على أبجديّة خط التيفيناغ، والذي يُعتبر من أقدم الخطوط الأبجدية، وهو منحدر بالأساس من الأبجدية الفنيقية.

أماكن وجودهم

يستوطن الأمازيغ منطقة واسعة تبدأ من الجمهورية المصرية في واحة سيوة وصولاً إلى جزر الكناري، ويتمركز وجودهم أيضاً من ساحل البحر الأبيض المتوسط امتداداً إلى أعماق الصحراء الكبرى في دولتي مالي والنيجر جنوباً، وبدأ العرب بالتحدث باللغة العربية عند دخول شمال إفريقيا بالدين الإسلامي، ويكثر وجودهم في كل من:

  • المغرب: أجرت جامعة أريزونا دراسة كشفت من خلالها عن عدد الأمازيغ في المغرب حيث بلغت نسبتهم في المغرب ما يقارب أربعين بالمئة أي عشرة ملايين وأربعمئة ألف نسمة، ويتمركزون في المناطق الجغرافيّة الثلاث التالية:
  • الجزائر، وتنتشر القبائل الأمازيغيّة في الجزائر في عدة مناطق وهي:
  • تونس، ويبلغ عدد الأمازيغ في تونس مئة ألف نسمة يتوزّع وجودهم على مناطق مطماطة، وتطاوين، وجزيرة جربة، وقبلي، وسوق الأحد والقصرين وتكرونة والكاف وسليانة.
  • ليبيا، بيّنت إحصائية أُجريت في عام ألف وتسعمئة وسبعة ميلادية أنّ القبائل الأمازيغية تشكل نسبة تصل إلى اثنين وخمسين بالمئة من نسبة سكان طرابلس، ويتمركزون في جبل نفوسة، ومدينة زوارة، وفي مدن جالو وأوجله وواحة الجغبوب في الشرق.
  • مصر، يبلغ عددهم في واحة سيوة حوالي ثلاثة وعشرين ألف نسمة في تلك المنطقة، ويتكلّمون اللغة السيويّة.
  • فرنسا: بلغ عدد الأمازيغ المقيمين على الأراضي الفرنسية ما يقارب مليوني نسمة.
  • كندا: يقيم عشرون مليون نسمة من القبائل الأمازيغيّة على الأراضي الكندية وتعتبر من مناطق الوجود المميزة للأمازيغ.
  • منطقة الشمال والشرق.
  • منطقة الأطلس المتوسّط.
  • مناطق سهل سوس.
  • منطقة القبائل.
  • منطقة الشاوية.
  • بنو مزاب.
  • الطوارق.
  • الشناوية.
  • أمازيغ تفارقرانت.

عادات الأمازيغ وتقاليدهم

  • التعليم الليلي: لدور العبادة الإسلاميّة في نفوس الأمازيغ مكانة مقدّسة وعالية جداً، ويُعدّ النادي العام لتلقي العلوم والدراسة بها، ويحظى الإمام وأستاذ المسجد بدرجة من الاحترام والتوقير، ويتوجّه الأطفال مساءً إلى المساجد لتلقّي العلوم في التربية الإسلاميّة باللغة الأمازيغية الأمر الذي جعلهم ينتظرون حلقات الدروس الليليّة بفارغ الصبر، أما خلال النهار فتكون حلقات الدراسة باللغة العربية وحفظ القرآن الكريم.
  • سلوكت: ينتهج الأمازيغ أساليب وعادات لتوسيع نطاق الأفكار الإسلاميّة ونشرها من اللغة العربيّة إلى الأمازيغيّة، ومن أكثر تلك العادات انتشاراً لهذه الغاية هي عادات السلوكت والتي تدعو البيئة السوسيّة للتأثر بالإسلام وعاداته، فخلال أداء هذه العادة الأمازيغيّة يُتلى القرآن الكريم بشكل جماعيّ، وكما يعمد الأمازيغ إلى إنشاد قصيدتي البردة والهمزية لصاحبها الإمام البوصيري ويكون ذلك كلّه بالاعتماد على اللغة العربيّة، ومن ثم يليها شرح مفصل لمن لا يفهمون اللغة العربية باللغة الأمازيغية.

ويمكن تعريف هذه العادة بأنها طقوس دينية أو احتفال ديني أُطلق للطلبة الأمازيغيين لإتاحة الفرص لهم لحضور المناسبات الدينية والتأكيد على ضرورة وجود الدين الإسلامي وحضوره في كل أبعاد الحياة.

  • تاحزابت: وتنسب هذه العادة الأمازيغية إلى حزب القرآن الكريم، ويقرأ خلالها الأمازيغ القرآن الكريم بأعلى درجات الصوت وبكل ما أوتوا من قوة بصورة جماعية وذلك في مواسم التلاقي بينهم في منتزهات أدوال، وتترك هذه العادة أثراً عميقاً على ملامح القراء ونفوسهم، وتمتاز قراءتهم بالجودة.
  • البردة والهمزية: ترتبط قصيدتا البردة والهمزية للإمام البوصيري ارتباطاً وثيقاً بعادة السلوكت، وهما قصيدتان كُتبتا في المديح النبوي، لهما قدسية خاصة، وكما يكتب الأمازيغ التمائم باستخدام قصيدة البردة، وينشدونها عند دفن الميت، وتمتلئ جدران المساجد بكتابات من قصيدة البردة.
  • ترجيز: هي عبارة عن طريقة أمازيغية خاصة في إنشاد الشعر العربي، حيث تعتمد على الإنشاد والترديد، إذ يردد فرد الشعر العربي ويعيد الحضور وراءه ما رددّه، ويُكمل شخص آخر عنه، ويعتبر أكثر الوسائل الأمازيغية تفاعلاً بين المستمعين الأمازيغيين.

تاريخ الأمازيغ

كشفت الكتابات المصرية القديمة عن تاريخ وجود الأمازيغ الحقيقي، والذي يعود إلى نحو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، وحمل الأمازيغ عدة أسماء على مر العصور ومن أشهرها: الليبيون، النوميديون، الجيتوليون، والمور، والبربر وأخيراً الأمازيغ، ويشار إلى أنّ الشعوب والقبائل الأمازيغيّة قد عاصرت دول العالم القديم القوية، وكان لها دور تاريخيّ ذو أهمية بالغة، فظهر أثرهم الفعال في كل من الثقافات والمجالات العسكرية، ومن أبرز الأمثلة على دور الأمازيغ هي مدينة قرطاج التي تُعدّ أنموذجاً لتفاعلهم مع الدولة الفينيقيّة، وكما ظهر بشكل جليّ التفاعل بين الإغريق والطوائف الأمازيغية في مدينة قورينا، وقد ترك تفاعل الأمازيغ مع الدولة الرومانيّة أثراً واضحاً حيث أصبحت مدينة قرطاج الرومانية من أكثر المدن قوة بعد العاصمة الرومانية.

أما في المجالات السياسيّة ومؤسساتها، فترك الأمازيغ بصمة واضحة في ذلك حيث امتازت الجيوش الرومانية بالقوة، وخرّجت أعظم قياصرة الرومان ذات الأصول الأمازيغيّة، ومن أبرزهم سبتيموس سيفاريوس، ودارت معارك حامية الوطيس بين الأمازيغ والدولة الأمويّة العربيّة لمدة تصل أكثر من نصف قرن، واختلط الأمازيغ بالعرب وساندوهم في بعض غزواتهم، ويقال إنّ القيادي المقاتل طارق بن زياد ينحدر من أصول أمازيغيّة، ويعود له الفضل في فتح الأندلس.

ومن أبرز أعلام الأمازيغ: عباس بن فرناس، وابن بطوطة، وعبد الله بن يحيى بن يحيى الملقّب بمسند الأندلس، وسليمان باشا الباروني، والمعز بن باديس، وأبو القاسم الزياتي، والعلامة عبد الحميد بن باديس، والمفكر الإسلامي مالك بن نبي، ورئيس جزائري سابق اليمين زروال.