كيف انقرضت الديناصورات عن الأرض
الديناصورات
هي حيوانات زاحفة شديدة الضَّخامة عاشت على الأرض منذ عصورٍ سحيقة، وكانت من مجموعات الحيوانات الأكثر انتشاراً على كوكبنا لفترة قدَّرها العلماء بـ 160 مليون سنة تقريباً. اختفت الديناصورات - بجميع أنواعها - من على الأرض، على نحوٍ مفاجئ، قبل حوالي 65 مليون سنة،[1] وقد اختلف العُلماء في تحديد سبب انقراضها، حيث لا زالت ثمَّة تفسيراتٌ عديدة ومتفاوتة مطروحة، إلا أنَّ قسماً كبيراً من المُجتمع العلمي يميل إلى أنَّ السبب كان في اصطدام كويكبٍ ضخم آت من الفضاء الخارجي بسطح الأرض، حيث تسبَّبت سُحُب الغبار المتناثرة عن الاصطدام بحجب أشعَّة الشمس، وبالتالي وقعت تغيُّرات مناخيَّة مفاجئة وشديدة على الكوكب، ولم تستطع العديد من الحيوانات التكيُّف مع تلك التغيرات، فكانت النتيجة انقراض جميع أنواع الديناصورات التي عاشت آنذاك، إضافةً إلى نحو 60% من جميع أشكال الحياة التي كانت الموجودة على الأرض في ذلك الزَّمن.[2]
عصر الديناصورات
ظهرت الديناصورات على كوكب الأرض في بداية العصر الترياسي، أي قبل 230 مليون سنة تقريباً، وهي تنتمي إلى مجموعة الزواحف، التي تضمُّ أيضاً السلاحف والتماسيح والأفاعي والسحالي بمُختلف أنواعها. ازداد تنوُّع الديناصورات بوتيرةٍ متسارع على مرِّ العُصور التالية للعصر الترياسي، بحيث أصبحت من الحيوانات الأكثر ضخامةً وتنوُّعاً وانتشاراً على الأرض. لكن لا يُمكن للعلماء التعرُّف على هذه الكائنات إلا عبر أحافيرها ومستحاثاتها التي يُعثَر عليها بصُعوبة بالغة، ممَّا يجعل دراستها أمراً غير سهل. مع ذلك، اكتشف العلماء منذ سنة 1824 وحتى زمننا الحاضر أكثر من ألف نوعٍ من الديناصورات، عاشت على مرِّ 160 مليون سنة من تاريخ كوكبنا.[3]
عاشت على الأرض إلى جانب الديناصورات العديد من الحيوانات الغريبة التي يعتقد الناس أحياناً - على نحوٍ خاطئ - أنَّها ديناصورات، لكنَّها بالحقيقة تنتمي إلى فئاتٍ أخرى من الزواحف. من الأمثلة البارزة على هذه الكائنات ما يُسمَّى التيروصورات (بالإنكليزية: Pterosaurs)، وهي زواحف مُجنَّحة شديدة الضخامة، كان يصل عرض أجنحة بعض أنواعها إلى أكثر من 10 أمتار.[4] كذلك، عاشت في البحار العديد من أنواع الزواحف العملاقة الغريبة، مثل البيلزوصور ذي الرَّقبة الطويلة التي كان يستفيد منها باصطياد الأسماك، والموزاصور الذي كان بحجم الحوت بطوله الذي وصل أكثر من 17 متراً، والذي يُعتَبر أحد أكبر المخلوقات اللاحمة التي عاشت على الكوكب في التاريخ.[5]
نظريات حول الانقراض
مع أنَّ الاتفاق العلمي آخذٌ بالتوجَّه - بصورةٍ متزايدة - نحو فكرة أنَّ اصطدام كويكب بالأرض كان العامل الرئيس وراء انقراض الديناصورات، إلا أنَّ ثمة العديد من النظريات المقترحة التي تُحاول تفسير اختفاء هذه الكائنات عن الكوكب، وهي مُتنوِّعة ومتفاوتة جداً، ومن أهمِّها:
- اصطدام الكويكب: تشير الرواسب المُكتشفة من أواخر العصر الطباشيري إلى أنَّ الأرض قد شهدت سلسلةً من الموجات الزلزاليَّة الشديدة في فترة انقراض الديناصورات، وهو حدثٌ يُمكن أن يترافق مع حدوث اصطدامٍ كبيرٍ لكويكب. من جهة أخرى، اكتشفت في نفس الرسوبيَّات كميَّات وفيرةٌ من عُنصر الإريديوم، وهو عنصرٌ كيميائيٌّ نادرٌ جداً في قشرة الأرض، إلا أنَّه منتشرٌ في التكوين الكيميائي للعديد من كويكبات الفضاء الخارجيّ، وذلك فضلاً عن أن الكثير من بلورات الكوارتز المضغوط نتيجة صدمة عالية قد اكتشفت في نفس الطبقات، ممَّا يُدعِّم بقوَّة مثل هذه النظرية.[6] في مثل هذه الحالة، لن تكون الصَّدمة الناتجة عن ارتطام الكويكب بالأرض هي السبَّب الأساسي وراء الانقراض، وإنَّما حُطام الكويكب الذي تصاعد على الأرجح على صورة سُحُبٍ غباريَّة عملاقة إلى الغلاف الجويّ، ممَّا تسبَّب بحجب ضوء الشمس، وبالتالي انخفاض درجة الحرارة على سطح الأرض بمقدارٍ كبيرٍ جداً، تسبَّب بتدمير الغطاء النباتي والقضاء على الكثير من أشكال الحياة، وذلك فضلاً عن التسبُّب باضطرابات مناخيَّة شديدة، مثل العواصف الرعديَّة والنارية وانبعاث الأشعَّة تحت الحمراء بكميَّات كبيرة.[7]
- الثورانات البركانية: ترتبط هذه النظرية مع الاعتقاد القائل بأنَّ انقراض الديناصورات كان أمراً تدريجياً، فعوضاً عن أن يكون قد وقع فجأة قبل 65 مليون سنة، يُمكن أن يكون حدثاً استغرق مئات آلاف أو ملايين السِّنين، حيث تشير الدلائل إلى بدء سلسلةٍ من ثوران البراكين الشَّديدة في غربيّ الهند (بهضبة ديكَّان) بدءاً من فترة 68 مليون سنة خلت ولأكثر من مليوني عام بعد ذلك.[8] من المُمكن أن تكون البراكين قد ساهمت في انقراض الديناصورات بطُرقٍ مختلفة، مثل نشر غاز الكبريت السامّ في الهواء، أو حجب ضوء الشمس عن النباتات بسبب الدخان الكثيف الذي أطلقته.
- الانجراف القاري: تفيد نظريَّة الصفائح التكتونية بأنَّ القارات تقوم على كتلٍ منفصلةٍ من اليابسة تطفو فوق الطبقات الداخليَّة للأرض، وأنّ هذه الكتل تتقارب أو تبتعد عن بعضها بعضاً باستمرار، ومن المُحتمل أن تكون هذه الظاهرة قد أدَّت دوراً في انقراض الديناصورات، حيث تشير الدلائل إلى أنَّ القارات كانت آخذةً بالانجراف من خط الاستواء نحو القُطبَين خلال العصر الطباشيري، ممَّا قد يكون سبَّب تغيُّرات مناخية في مناطق مُختلفة، وصلت حتى ست درجاتٍ مئوية في بعض المناطق. إلا أنَّ ثمة ثغراتٍ عدَّة في هذه النظرية، مثل عجزها عن تفسير عدم بقاء الديناصورات على قيد الحياة لفترةٍ أطول قرب خط الاستواء.[9]
- النبات السام: ترجّح هذه النظرية ظهور نباتات سامة في الحقبة الأخيرة من العصر الطباشيري، حيث قامت مُعظم أنواع الديناصورات آكلة النبات بالتغذي عليها ممَّا أدّى إلى تسممها وموتها، ومن ثم موت الديناصورات آكلة اللحوم لأنَّه لم تعد هناك فرائس لتتغذَّى عليها. مع ذلك، رُفِضَت هذه النظرية من قبل الكثير من العلماء والباحثين لصعوبة تصديقها، فالنباتات السامة تنتشر في عصرنا الحديث بأصناف وأنواع كثيرة، لكنها لم تتسبّب بانقراض أي نوع من أنواع الكائنات الحية، كما أنَّ هذه النظرية تفشل في تفسير سبب انقراض الكائنات البحريَّة في نهاية العصر الطباشيري، والتي لم تكن لتتأثَّر بتلك النباتات السامة على اليابسة.[10]
- الوباء: افترضت هذه النظرية ظهور جرثومة معدية أصابت جميع أنواع الديناصورات وتفشّت بينها ممّا تسبّب بموتها، ووصفت هذه النظرية بالضعف؛ لأنّه يصعب وجود جرثومة واحدة تصيب الأنواع المختلفة والمتعدّدة من الديناصورات التي تختلف بقوّتها وقدرتها على محاربة الجراثيم والأمراض.[11]
- سارقو البيض: اتّجه أصحاب هذه النظرية إلى افتراض ظهور حيوان قارض في أواخر العصر الطباشيري، تغذّى على بيض الديناصورات بشكل كبير وسريع، ممّا أدّى إلى توقف تكاثرها، لكنَّ العديد من العلماء وجدوا صعوبةً في تقبل هذه النظرية.[11]
الديناصورات الناجية من الانقراض
مع أنَّ مُعظم الدلائل تشير إلى أنَّ الطيور هي الكائنات الوحيدة المُصنَّفة ضمن فئة الديناصورات التي نجحت بالبقاء على الأرض بعد انقراض العصر الطباشيري، إلا أنَّ ثمَّة إمكانيَّة في كون عددٍ صغيرٍ منها قد نجا لفترةٍ قصيرة بعده، واستمرَّ بالعيش في بقاعٍ جغرافيَّة مُنعزلة. ليست ثمَّة الكثير من العلامات التي تدلُّ على حدوث هذا، ولا زال العديد من العُلماء يُشكَِّكون به، إلا أنَّ ثمة اكتشافاتٍ يُمكن أن تدعمه؛ فقد عثر العلماء في تشكيلٍ صخريٍّ بولاية مونتانا الأمريكية على مستحاثات ديناصوراتٍ ترتفع 1.3 متر عن الطبقة الصخريَّة التي يُفترض أن انقراض العصر الطباشيري حدثَ عنده، ممَّا يعني أنَّ بعض أنواع الديناصورات قد تكون عاشت حتى 40,000 عامٍ بعد حدوث الانقراض الأساسيّ.[12] رُغم ذلك، يُمكن الردُّ بسهولةٍ على مثل هذه الاكتشافات بأنَّ العظام التي عثر عليها قد تغيَّر مكانها بفعل عوامل المناخ، ونُقِلَت - عَرَضاً - إلى طبقاتٍ صخريَّة حديثة هي، في الحقيقة، لا تنتمي إليها.[13]
المراجع
- ↑ "The End-Cretaceous (K-T) Extinction", Park.org، Retrieved 08-05-2016.
- ↑ John C. Briggs (أكتوبر 1991), A Cretaceous-Tertiary Mass Extinction?, Washington, DC: American Institute of Biological Sciences, Page 619.
- ↑ Jonathan Amos (17-09-2008), " Will the real dinosaurs stand up?"، BBC News، Retrieved 08-05-2016.
- ↑ " Pterosaur distribution in time and space: an atlas", Zitteliana، Retrieved 08-05-2016.
- ↑ Mulder E.W.A. (1999). "Transatlantic latest Cretaceous mosasaurs (Reptilia, Lacertilia) from the Maastrichtian type area and New Jersey". Geologie en Mijnbouw 78: 281–300.
- ↑ "Speculated Causes of the End-Cretaceous Extinction", Park.org، Retrieved 08-05-2016.
- ↑ Robertson, D.S., Lewis, W.M., Sheehan, P.M. & Toon, O.B. (2013). "K/Pg extinction: re-evaluation of the heat/fire hypothesis". Journal of Geophysical Research: Biogeosciences.
- ↑ Keller G, Adatte T, Gardin S, Bartolini A, Bajpai S; Adatte; Gardin; Bartolini; Bajpai (2008). "Main Deccan volcanism phase ends near the K–T boundary: Evidence from the Krishna-Godavari Basin, SE India". Earth and Planetary Science Letters 268 (3–4): 293–311.
- ↑ "Dinosaur Extinction"، HowStuffWorks، Retrieved 08-05-2016.
- ↑ "Theories About Dinosaur Extinction", The Handy Dinosaur Answer Book، Retrieved 11-05-2016.
- ^ أ ب David Lambert, The Ultimate Dinosaur Book, Page 24.
- ↑ ROBERT E. SLOAN, J. KEITH RIGBY JR., LEIGH M. VAN VALEN, DIANE GABRIEL, "Gradual Dinosaur Extinction and Simultaneous Ungulate Radiation in the Hell Creek Formation"، Science AAAS Magazine، Retrieved 08-05-2016.
- ↑ SULLIVAN, Robert M. (07-05-2003), "NO PALEOCENE DINOSAURS IN THE SAN JUAN BASIN, NEW MEXICO"، The Geological Society of America، Retrieved 08-05-2016.