كيف نصلي قيام الليل
قيام الّليل
يقول الله تعالى : (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) السّجدة : 16، فَقد ذكرَ الله تعالى أولئكَ المُؤمنين الذين لا يستطيعونَ النّوم للصّلاةِ في الّليل في الخلوة، ولا يراهُم أحد، وينفقون ممّا رزقهم الله لأنّهم من أفضلِ العبادِ وأتقاهُم، ولهم جنّاتٌ عرضُها السّماوات والأرض ومغفرة في الدّنيا والآخرة، والبيوت التي يُصلّى فيها قيامُ الّليل يشعُّ منها نورٌ يراهُ أهل السّماء، وينظر الملائكة إلى الأرض لتجد تلكَ البيوت منيرةً بنورِ أهلها الذين يقيمونَ الّليل، فتبدأ بالدّعاءِ لَهم بحسبِ حاجتهم، وقيامُ الّليل يعتبر منَ الأعمال العظيمة التي يمكن أن يفعلها المُؤمن لكسبِ رضا الله وطمعاً بما عندهُ، وهي علامة من علاماتِ الإخلاص لله تعالى.
كيفية قيام الّليل
أكّدَ علماء الفقه أنّ قيامَ الّليل يكون بعدَ صلاة العشاء إلى قبلِ صلاةِ الفجر، كما يفضّل تأخيرُها، لأنّ الله تعالى ينزل إلى السّماء الدّنيا في الثّلثِ الأخير من الّليل ويستجيبُ فيها لكلّ من يدعو لهُ، وذلك استناداً لحديث أبي هريرة عن الرّسولِ صلّى الله عليهِ وسلّم، إذ قال: "ينزلُ الله تعالى إلى السماءِ الدُنيا كل ليلة حينَ يمضِي ثلثُ الليل الأول فيقول أنا الملك أنا الملك من ذا الذي يدعُوني فأستجيبُ لهُ من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرُني فأغفر له فلا يزالُ كذلك حتى يضيءَ الفجر"، وبالتّالي صلاة قيام الّليل تكون ما بين ركعتَين إلى اثنتي عشرة ركعة، وبعد كلّ ركعتين يَقرأ المُصلّي التّشهُّد والصّلاةِ الإبراهيميّة ومن ثمّ يسلّم، وكان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يُصلّي عشر ركعات وركعتيّ الشّفع وركعةِ الوتر، وبالتّالي يُصبح مجموعها ثلاث عشرة ركعة ويُمكن الزّيادة فيها أو النُّقصان.وقيام الّليل ليس فقط في تأدية الصّلاة فالدّعاء والاستغفار وقراءة القرآن في جوفِ الّليل تعتبر من قيام الّليل ويؤجر عليها المؤمن، فقد قال الله تعالى : "كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" سورة الذّاريات 17-18، ولم يترك الصّحابة والسّلف الصّالح قيام الّليل أبداً، فإمّا أن يصلّوا فيه أو يستفغروا، أو يقرؤون القرآن خوفاً وطمعاً بما عند الله تعالى، فقد كان أحد الصّالحين يُصلّي قيامَ الّليل حتّى تتورّم قدماه فيقول: يا أمّارةً بالسّوء ما خُلقتِ إلّا للعبادة.
فضلُ قيام الليل
حثّ النّبيّ على قيام الّليل فقد قال: "أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ" لما لها من أجر عظيم :
- رفعةِ قدرَ المُؤمن عندَ الله تعالى: كلّما ازدادَ العبدُ رفعةً عندَ الله كلّما أكرمهُ من فضله ومن نعمهِ التي لا تُحصى فِي الدّنيا والآخرة.
- زيادة الرّضا والطّمأنينة في قلبِ المؤمن: يزدادُ القلب رضا بما آتاه الله من النّعم والابتعادِ عن الكآبة والعيش الضّنك والخوفِ من الحياة ومشاقها، فقد قال الله تعالى: "فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ" سورة طه : 130.
- الإتيانِ بالفرج المُبين: إنّ الله تعالى يأبى أن يُفشّلَ عبداً تضرّعَ إليه ودعاهُ لتفريجِ كُربة منَ الكُربات، وقيامُ الّليل فرصة عظيمة للاقترابِ من الله والدّعاءِ لهُ خصّيصاً في الثّلث الأخير منَ الّليل عندَ نزول الله إلى السّماء الدّنيا.