كيف عالج الإسلام مفسدة الربا
العادات الجاهليّة
كان من عادة النّاس في الجاهليّة أنّ الرّجل المقتدر يستغلّ الفقراء والمحتاجين؛ فيقوم بإقراضهم مبلغًا من المال إلى أجلٍ معيّن، فإذا حان هذا الأجل جاء ذلك المقتدر إلى المدين فيقول له: أتقضي الدّين أم تربي، وكانت صورة الرّبا أن يؤخّر المدين سداد دينه مقابل أن يتحصّل الدّائن على زيادة على أصل ماله بسبب التّأخير هذا، وقد كانت معاملاتهم تلك مثالًا للشّجع والطّمع واستغلال حاجة النّاس.
وقد جاء الإسلام ليبطل تلك العادات كلّها، وليعلن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- بوحي ربّه أسساً وتشريعاتٍ ربّانيّةً جديدة في التّعامل المالي بين النّاس، وفي خطبة الوداع ذكر النّبي الكريم حرمة دماء المسلمين وأموالهم، وأكّد على أنّ ربا الجاهلية موضوع، وأنّ أوّل ربا يضعه ربا عمّه العباس بن عبد المطلب .
تحذير الإسلام من الربّا
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز الرّبا في عدّة آيات، كما حذّر النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- منه وعدّه من كبائر الذّنوب والمعاصي، فقد وصف الله جلّ وعلا من يأكلون الرّبا كالذي يقوم متخبّطًا من مسّ الشّيطان، كما توعّد الله سبحانه وتعالى من يمارس الرّبا بالحرب في قوله جلّ من قال: ( يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فاذنوا بحربٍ من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون ) .
منهج الشّريعة الإسلاميّة في معالجة آفة الرّبا
وقد وضعت الشّريعة الإسلاميّة وسائل عديدة ومنهجاً واضحاً في معالجة الرّبا، ومن هذه الوسائل والأساليب نذكر :
- تشجيع المسلمين على التّجارة والكسب الطّيب، قال تعالى ( وأحلّ الله البيع وحرّم الرّبا )، فالتّجارة تختلف عن الرّبا اختلافًا كبيرًا، من حيث أنّ التّجارة تعمل على إحياء الأسواق التّجاريّة، وتنشيط المعاملات بين النّاس، وبالتّالي ضمان الدّيناميكيّة في حياة المسلم وفق أسس الرّبح والخسارة والعرض والطّلب، كما تؤدّي هذه الحالة التّجارية إلى تشغيل النّاس والعاطلين عن العمل، ممّا يضمن بيئة اقتصاديّة سليمة تنفع الفرد والمجتمع، أمّا الرّبا فهو حالةٌ جامدة من الكسب والتّنفع المضمون، التي تفيد طبقة تتّسم بالشّجع والطّمع والاستغلال .
- مفهوم القرض الحسن، لم تعطي الشّريعة الإسلاميّة شرعيّة للقروض التي ترتب زيادة على رأس المال، وإنّما هناك مفهوم القرض الحسن، وهو المال الذي يُعطى للمحتاج والفقير ويقوم بسداده كما هو بدون زيادة .
- حثّ الدّائنين على الصّبر وإنظار مدينيهم في حالِ الإعسار، قال تعالى (فإن كان ذو عسرةٍ فنظرةٌ إلى ميسرة وأن تصدقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون ) .