كم عدد ركعات صلاة التراويح والتهجد
صلاة التَّراويح
صلاة التَّراويح أو صلاة القيام أو صلاة قيام رمضان هي إحدى صَّلوات النَّافلة، والّتي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بشهر رمضان المبارك الذي يزور العالم الإسلامي في العام مرّةً واحدة، وحكمها للرِّجال وللنِّساء على حدٍّ سواء سُنَّة، وهذا ما اتَّفق عليه الفقهاء، لكنَّ الحنابلة وفُقهاء المالكية يرون أنّها سنَّة مؤكَّدة، والتَّراويح مفردها ترويحة وتعني عكس التَّعب، فهي مأخوذة من معنى الرَّاحة، وسُمّيت بذلك لأنَّها صلاة طويلة يستريح فيها المصلي بعد كل أربع ركعات.[1]
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ وقت صلاة التَّراويح يبدأ في كلِّ ليلة من ليالي رمضان بعد الانتهاء من أداء صلاة العشاء، وقبل أداء صلاة الوتر، حيث تستمر إلى وقت ما قبل طلوع الفجر بقليل،[2] وقد نالت هذه الصَّلاة العظيمة أهميّة كبيرة، وقد أُثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه صلاها في جماعة، إلا أنه تركها خوفاً من أن تصير فرضاً على الأمة، كما أخبرت السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-.[1]
ويُذكر أنَّها صارت تُصلى جماعةً في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ثاني رمضانٍ كان فيه خليفة على المسلمين، أي في السنة الرابعة عشر للهجرة،[3] وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يرغِّبُ في قيامِ رمضانَ مِن غيرِ أن يأمرَهم بعزيمةٍ ثُمَّ يَقولُ مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ).[4]
عدد ركعات صلاة التَّراويح
أمَّا بالنسبة لعدد ركعات صلاة التَّراويح فالثَّابت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد لها عدداً معيناً، ففي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يصليها المسلمون عشرين ركعة، وفي عهد عمر بن عبد العزيز كانت صلاة التَّراويح ستاً وثلاثين ركعة، وهذان العددان جائزان على المذهب المالكيّ، ويرى الإمام أحمد بن حنبل أنّ من يظَنَّ أَنَّ صلاة التراويح فِيهِا عَدَدٌ حدده الرسول عليه الصلاة والسلام لاَ زيادة فِيهِ وَلاَ نقصان مِنْهُ فَقَدْ أَخْطَأَ.[5]
إلّا أن هناك نصوصاً وردت أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يصليها إحدى عشرة ركعة؛ ثماني ركعات تراويح، وثلاثٌ وتر، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنّها قالت: (ما كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ علَى إحدى عشرةَ رَكْعةً يصلِّي أربعًا فلا تسألْ عن حُسنِهِنَّ وطولِهِنَّ ثمَّ يصلِّي أربعًا فلا تسألْ عن حُسنِهِنَّ وطولِهِنَّ ثمَّ يصلِّي ثلاثًا قالت عائشةُ رضيَ اللَّهُ عنها فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ أتَنامُ قبلَ أن توترَ قالَ يا عائشةُ إنَّ عينيَّ تَنامانِ ولا يَنامُ قلبي)،[6] وهذا الحديث لا يدلّ على أنَّ هذا العدد هو العدد النهائي لركعات صلاة التَّراويح فهو لم يمنع أو يقيّد، إذ يمكن أن يزيد المسلم حسب استطاعته، فللمسلم مثلاً أن يُصلّي عشرين ركعة، أو ستاً وثلاثين، أو ثلاث عشرة، وغير ذلك. وهي تُصلى مثنى مثنى كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ركعتين ركعتين.[7] ولكنَّ المشهور والذي عليه المالكيّة والشافعيّة والحنفيّة والحنابلة هو أنّ صلاة التَّراويح عشرون ركعة.[8]
صلاة التهجُّد
صلاة التهجّد هي من الصَّلوات النافلة، قال الله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَك)،[9] ويبدأ وقتها منذ الانتهاء من صلاة العشاء إلى وقت آخر الليل تقريباً، ويُفضّل أن تؤخَّر إلى آخر الليل،[10] فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل).[11]
وقد سُمّيت هذه الصَّلاة بهذا الاسم لأنّ التهجُّد من الهُجُود، ومعناه لغةً ترك النوم لأجل الصلاة، ومن هنا فإنَّ ما يُصلّى من صلاة الليل قبل النَّوم يُطلق عليه اسم قيام الليل، أمّا ما يُصلّى في الليل بعد الاستيقاظ من النوم فهو صلاة التهجُّد.[12]
وقد اختلف الفقهاء على أيّ أوقات الليل أفضل لصلاة التهجُّد، فذهب المالكية إلى أنّ أفضل وقت هو الثلث الأخير من الليل، وترى المذاهب الثلاثة الأخرى أنّ أكثرها فضلاً هو السدس الرابع، والسدس الخامس من الليل.[10]
عدد ركعات صلاة التهجُّد
أقل عدد ركعات التهجُّد ركعتان وهذا غير مختلفٍ فيه، يقول صلى الله عليه وسلم: (إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْل فَلْيَفْتَتِحْ صَلاَتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)،[13] أمّا الحد الأعلى فقد كان محل اختلاف بين العلماء، فقال بعضهم إنّها ثماني وهذا قول الحنفيّة، وهناك من قال إنّها عشر ركعات، أو اثنتا عشرة ركعة وهو ما ذهب إليه المالكية، وهناك رأي مفاده أنّ عدد الركعات في حده الأعلى غير محصور برقم، وهو رأي الشافعيّة والحنابلة، لذا يمكن للمصلّي أن يُصلّي ما شاء من الركعات.[14]
صلاة الوتر
وهي صلاةٌ تُختم بها صلوات اليوم، وهي سنَّة مؤكّدة عند جُمهور الفقهاء، وأمَّا وقتها فيبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي عند طلوع الفجر، ويُسنّ أن تُصلّى آخر صلاة النافلة في الليل، وأمَّا سبب تسميتها فيعود إلى معناها اللغوي الذي يعني: (العدد الفردي)، لذا فعدد ركعات هذه الصَّلاة فرديّة، وهي ركعة واحدة، أو ثلاث، أو أكثر، ولا تُصلّى بركعات زوجيّة، وأقلُّها واحدة إلا عند الحنفيَّة، فقد ذهبوا إلى أنَّ ركعةً واحدةً لا تُجزِئ، وقد ذهب الشافعيّة والحنابلة إلا أنَّ صلاة الوتر ركعة واحدة تجزئ، ولكنها خلاف للأولى، وأنّ الأكمل للمسلم أن يصليها ثلاثاً.
ولهذه الصلاة عدة صور تؤدَّى بها في مسألة الفصل والوصل بين الركعات، وهي كالآتي:[15]
- أن يصليها ركعة واحدة، عملًا برأي من أجاز الوتر ركعة.
- أن يصليها ثلاث ركعات دون جلوس بينهنَّ، ولكنّ هذه الصورة مكروهة عند المالكيّة.
- أن يصليها ثلاث ركعات، ويجلس للتشهد بعد الثانية دون أن يُسلّم، وهذه الصورة شبيهة بصلاة المغرب، وهي المعتبرة في المذهب الحنفيّ، وجائزة عند الشافعيّة والحنابلة لكن الصورة التي تسبقها أولى عندهم.[15]
المراجع
- ^ أ ب مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 137-139، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 145_146، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 139، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1371.
- ↑ مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 141-143، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1341.
- ↑ "لا حرج في صلاة التَّراويح بأي كيفية أو عدد ورد عن السلف"، إسلام ويب، 19-12-2000، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2016. بتصرّف.
- ↑ "عدد ركعات التَّراويح "، الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2016. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 79.
- ^ أ ب مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 87-88، جزء 14. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جعفر بن برقان، الصفحة أو الرقم: 755.
- ↑ "الفرق بين قيام الليل والتهجُّد"، إسلام ويب، 11-8-2010، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2016. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 768.
- ↑ مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 88-89، جزء 14. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 289-297، جزء 27. بتصرّف.