-

كيف تعلم نتيجة صلاة الاستخارة

كيف تعلم نتيجة صلاة الاستخارة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

صلاة الاستخارة

تُعدّ صلاة الاستخارة من طرق التقرُّب إلى الله عزَّ وجل، واللجوء إليه في وقت الحاجة، حيث إنّ من البديهي أن يمر الإنسان بوقتٍ يحتاج إلى من يُرشده للطريق الصحيح ويُميّز له الخير من الشر، إذ إن بعض الأمور يقف المرء عندها مُحتاراً ولا يثقُ إلا برأيٍ حكيم، فإذا صلى ودعا بدعاء الاستخارة جاءه الرد عاجلاً بعون الله، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[1] وتأتي الإجابة للعبد بعدة طرقٍ بحسب قربه أو بعده من الله عزَّ وجل، وفيما يلي بيانٌ لما يخص صلاة الاستخارة، وكيفيّة معرفة نتيجة الاستخارة لمن أدّاها بعد أن يُتِمَّها بوجها الصحيح.

معنى صلاة الاستخارة

  • الاستخارة لُغَةً: من استخارَ يستخير، استخارةً، فهو مُستَخير، واستخار اللهُ تعالى: سأله أن يوفِّقه إلى اختيار ما فيه مصلحته وأن يُعجِّله له وصلاة الاستخارة: صلاة تؤدّى لطلب الخِيَرَةِ في الشيء، واستخار الشَّيءَ: انتقاه واصطفاه.[2]
  • الاستخارة اصطلاحاً: هي طلب الخِيَرة من الله تعالى في أَمرٍ من الأمور المَشروعَةِ أو المُباحَة.[3]

كيفية صلاة الاستخارة

جاء ذكر كيفيّة الاستخارة في النُّصوص الصحيحة المنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكر الفُقهاء لها صُوراً مُقتَبَسَةً من أقواله وأفعاله عليه الصلاة والسلام، ويُمكن بيان ذلك فيما يلي:

الاستخارة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

روى البخاري في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُ أصحابَه الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يُعَلِّمُ السورةَ من القرآنِ، يقولُ: (إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم لْيقُلْ: اللهم إني أَستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرتِك، وأسألُك من فضلِك، فإنك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم فإن كنتَُ تَعلَمُ هذا الأمرَ -ثم تُسمِّيه بعينِه- خيراً لي في عاجلِ أمري وآجلِه -قال: أو في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري- فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي، ثم بارِكْ لي فيه، اللهم وإن كنتَُ تَعلَمُ أنه شرٌّ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري -أو قال: في عاجلِ أمري وآجلِه- فاصرِفْني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان ثم رَضِّني به)،[4] رورى ابنُ حبان من حديث أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد أحَدُكم أمراً فلْيقُلِ: اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُكَ بعِلْمِكَ وأستقدِرُكَ بقدرتِكَ وأسأَلُكَ مِن فضلِكَ العظيمِ فإنَّكَ تقدِرُ ولا أقدِرُ وتعلَمُ ولا أعلَمُ وأنتَ علَّامُ الغُيوبِ اللَّهمَّ إنْ كان كذا وكذا -للأمرِ الَّذي يُريدُ- خيراً لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي وأعِنِّي عليه وإنْ كان كذا وكذا -للأمرِ الَّذي يُريدُ- شرّاً لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاصرِفْه عنِّي ثمَّ اقدُرْ لي الخيرَ أينما كان لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ).[5]

الطريقة العملية للاستخارة من النصوص النبوية الصحيحة

الحديثان سالفا الذكر وردا بطريقين صحيحين، إلا أنَّ الحديث الأول الذي رواه البُخاري عن جابر جاء فيه أنّ من أراد الاستخارة فعليه أن يبدأ بصلاة ركعتين من غير الفريضة، أما الحديث الثاني فقد خلا من ذلك؛ بل جاء فيه: فليقل: (كذا وكذا)، وأَهَمُّ ما يُمكن الإشارة إليه من ذلك أن الاستخارة لها طريقان هما:

  • أن يُصَلِّي طالب الاستخارة ركعتين: ويُشترط في الرَّكعتين أن لا تكونا من صلاة الفريضة، ويجوز أن تكونا في السُّنَن، والأفضل تخصيصها بصلاة نافلة بوجهٍ مُستقل، ويُسَنُّ له أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون، وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص، حتى إذا انتهى من الصَّلاة بدأ بدعاء الاستخارة؛ ويُستَحَبُّ افتتاحه وختمه بالحمد لله، والصلاة على النبي.[6]
  • أن يدعو بدعاء الاستخارة دون صلاة: وذلك كما جاء في الحديث الثاني من حديث أبي سعيد الخدري، ويكون ذلك إن حَبَسَهُ حابِسٌ عن الصَّلاة، كأن يكون غير قادرٍ عليها لعذرٍ شرعي (وخُصوصاً في ذلك النساء) أو أنّه أتاه أمرٌ طارئٌ لم يُمهله حتى يُصلي فإنه يدعو بذلك الدعاء على عَجَل، فقد ثَبَتَ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يستخير لكي شيءٍ حتى في أقل الأمور شأناً.[6]

وقت صلاة الاستخارة

ليس لصلاة الاستخارةِ وقتٌ مخصوص، فإنّّه يجوز للمسلم متى أهمَّهُ أمرٌ وأراد أن يطلب الخِيَرة من الله لذلك الأمر أن يتوجَّه إليه بالصلاة ويسأل حاجته، إلا أنَّ ذلك الجواز محصورٌ بأوقات الاستحباب والإباحة، والبعد عن الأوقات التي تُكره فيها الصَّلاة وهي: ما بعد أداء صلاة الفجر إلى طلوع الشمس بقدر رُمح (من وقت الانتهاء من الفجر إلى الضحى)، وفترة توسُّط الشمس في السماء (فترة الزوال إلى الظهر)، وما بعد الانتهاء من صلاة العصر إلى ما بعد الغروب (من صلاة العصر إلى صلاة المغرب)، فإن ابتعد عن تلك الأوقات جاز له أن يُصلِّيها متى أراد.[7]

الأمور الواجب مراعاتها في الاستخارة

بعد ذكر صور وكيفيّة صلاة الاستخارة ينبغي ذكر ما يجب مراعاته من أفعالٍ وأقوال قبل الصلاة وأثنائها وبعدها ومن ذلك ما يلي:[8]

  • أن يستقبل القبلة حين الدُّعاء.
  • أن يُحسِن وُضوءَه.
  • أن يفتتح دعاءه بحمد الله والصلاة على رسوله، ويختتم بهما.
  • أن ينام على طهارة.
  • أن يُسلِّم أمره لله عزَّ وجل فيتوكل عليه حقَّ التوكل وأن ما من خيرٍ أو شرٍ يأتيه إلا بعلم الله وإرادته.
  • إن رأى في منامه بياضاً أو خُضرَةً فذلك الأمر خير، وإن رأى فيه سواداً أو حُمرَةً فهو شَرٌ ينبغي أن يجتنبه.

كيفية معرفة نتيجة الاستخارة

لا يقتصِر ظُهور أَثَرِ الاستخارة على الرُّؤى أو المنامات فقط، إنما يأتي دور التوفيق الرَّباني، فإنَّ لجأ العبد لاستخارة الله ثم توكَّل عليه حقَّ التوكُّل فإنه سيُيسِّر له ذلك الأمر إن كان خيراً، فيجد طريقه سهلاً سَلِسلاً مُيسراً بتوفيق الله عزّ وجل، وإن كان الأمر غير ذلك وجد طريقه صعباً شائِكاً حتى يَصرِفَهُ الله عنه، وذلك تصديقاً لقوله صلى الله عليه وسلم:( .... اللَّهمَّ إنْ كان كذا وكذا -للأمرِ الَّذي يُريدُ- خيراً لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي وأعِنِّي عليه وإنْ كان كذا وكذا -للأمرِ الَّذي يُريدُ- شرّاً لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاصرِفْه عنِّي ثمَّ اقدُرْ لي الخيرَ أينما كان لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ)،[5] فلا ينبغي للمُسلم أن ينتظر نتيجة الاستخارة بمنامٍ يأتيه أو رسولٍ يوحى إليه فإن ذلك لن يحصُل إلا نادراً، ولكن إن عَزَمَ على شيءٍ ثم استخار له فليتوكَّل على الله وليُقدِم عليه؛ فإن كان له فيه خير يسَّره الله له، وإنْ كان فيه شرٌ صَرَفهُ الله عنه.

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 186.
  2. ↑ أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 711، جزء 1.
  3. ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، مختصر الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية ، صفحة 698، جزء 2.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله السلمي، الصفحة أو الرقم: 7390.
  5. ^ أ ب رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 885، صحيح.
  6. ^ أ ب وهبة مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1064-1065، جزء 2. بتصرّف.
  7. ↑ سليمان بن محمد بن عمر البُجَيْرَمِيّ (1995)، حاشية البجيرمي على الخطيب، بيروت: دار الفكر، صفحة 428، جزء 1. بتصرّف.
  8. ↑ زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتاب الإسلامي، صفحة 56، جزء 2.