كيفية صلاة الاستخارة
على الإنسان أن يعلم أنّ كلّ شيء في هذا الكون بيدِ الله سبحانه وتعالى، فهو وحدَه المتصرّف في هذا الكون وهو جلّ جلاله يصرِفُ السوء وهو يجزي بالإحسان عفواً وغفراناً ويُغدق عليك نعمائه التي لا تنقضي.
وربٌّ بهذا الكرَمِ والجود ، حريٌّ بك أيّها المؤمن أن تُقبِلَ عليه ، وأن تلجأَ إليه في السرّ والعلن ، فهو جلّ جلاله مَن بيده مفاتِح الخير وهوَ بكلِّ شيءٍ عليم.
لاشكَّ أنّ الإنسان في هذه الدنيا يصبو إلى تحقيق أحلامه ومراداته ، وهذا مما لا يعارض الشرع ؛ كأن يمتلك الإنسان بيتاً واسعاً أو سيارة جيّدة ، وأن يتنعّم بخيرها ، ما دام ذلك في طاعة الله ومن المباحات ، وما دام قد أدّى الذي عليه وما افترضه الله ، والإنسان في طريقه إلى تحقيق هذه الأمور وسعيه للحصول عليها ، لا يعلَمُ أين يكون له الخير، فقد يُحبّ الإنسان شيئاُ يكون فيه هلاكه ، وقد يكرَهُ شيئاً ويكون هذا الشيء سبباً في تحقيق السعادة له مستقبلاً ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون .
لذا فقد شَرَع لنا ربّ العالمين أن نستشير أصحاب العقول الرشيدة ، وأصحاب العلاقة في الموضوع الذي نرتئي القيام به ، فعلى سبيل المثال : إذا أردت أن تشتري سيّارةً جديدة فإنّك تلجأ إلى شخصٍ ذو خبرةِ في عالم السيّارات ويعرِف أين هي التي تحقّق لك مُرادكَ على ضوء ما تحتاجه من راحةٍ أو رفاهيةٍ وأمانٍ أوأن تكون اقتصاديّة على سبيل المثال ، فإذا أخذت بالأسباب واستشرت النّاس أصحاب الخبرة والاختصاص ، فعليكَ إذن أن تلجأ إلى عالم الغيب والشهادة ، فمع الاستشارة تكون الاستخارة وهو لا يتعارض مع الاستخارة لأنه أخذٌ بالأسباب ، قف عندها بين يدي ربّك جلّ جلاله وهو الذي تلجأ إليه في كلّ حال ، وهو الذي يعلم ما يصلُحُ لك وما لا يصلح ، فتستخير ربّك سبحانه وتعالى بين أمرين أو بين أخذ الأمر وتركه ، وهو جلّ جلاله سييسّر لك الخير ، وعليك حينما تلجأ إلى صلاة الاستخارة أن تكون تاركاً لرغبتك ومستسلماً لأمر الله ، وإيّاك ثمّ إيّاك أن تسخط ولا ترضى بقضائه ، لأنّ الخير كلّ الخير فيما قضى وأمرَ جلّ جلاله ، أمّا عن كيفية صلاة الاستخارة فهي كما جاءت في الحديث الذي ورَد في صحيح البخاريّ ممّا رواه جابر بن عبد الله ونصّ الحديث كما هو مبيّن تالياً .
( كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كالسورةِ من القرآنِ : (( إذا هَمَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتينِ، ثم يقولُ : اللهم إني أستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقدرتِك، وأسألُك من فضلِك العظيمِ، فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم إنْ كنتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري - أو قال : في عاجلِ أمري وآجِلِه - فاقدُرْه لي، وإن كنتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي في ديِني ومَعاشي وعاقبةِ أمري - أو قال : في عاجِلِ أمري وآجِلِه - فاصرِفْه عني واصرِفْني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان، ثم رَضِّني بِه، ويُسَمِّي حاجَتَه)).