كيف أثبت على ديني
الثّبات
يُقصد بالثّبات المداومة على التمسّك بالطّاعات والأوامر التي أمر الله -تعالى- بها، وردّ النّفس إلى طريق الاستقامة والخير، مع سرعة العودة والتّوبة إذا مال الإنسان إلى إثم أو إلى معصية، وبالثّبات يصل الإنسان إلى طريق الهداية وطاعة الله -تعالى- وطاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وهو أمر يحتاج إلى قوّة وصبر ليقوم به المؤمن ويسارع إليه أهل السَّبْق إلى الخيرات.[1]
كيفيّة الثّبات على الدّين
حتى يثبت المسلم على طريق الحقّ والصواب لا بدّ له أن يقوم ببعض الأمور التي تُعينه على ذلك لينال رضى الله -تعالى- ويدخل الجنّة يوم القيامة؛ وفيما يأتي بيان الأمور التي تُعين على الثّبات:[2]
- الإقبال والمداومة على قراءة القرآن الكريم؛ فقد حاز القرآن الكريم أهميّة كبيرة للثّبات على الاستقامة والدّين لعدّة أسباب؛ منها:
- التزام الأعمال الصّالحة والإكثار منها؛ حيث قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمينَ وَيَفعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ)،[3] ولذلك كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يداوم على الطاعة التي يلتزم بها؛ فخير العمل أدومه وإن قَلْ.
- تدبّر قصص الأنبياء عليهم السّلام؛ حيث إنّهم أشدّ الناس بلاءً والناظر في سيَرهم يعرف ابتلاءهم وصبرهم عليه وثباتهم ابتغاء مرضاة الله تعالى، فإبراهيم -عليه السّلام- أُلقي في النّار ولم يجزع أو يرجع عن طريقه، وكذلك صَبْر من آمن مع موسى -عليه السّلام- من بني إسرائيل فبعد أن توعّدهم فرعون بأهوالٍ من العذاب والصّلب في جذوع الشّجر كان ردّهم ما ورد في القرآن الكريم: (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا).[4]
- الدّعاء؛ وهو التوجّه إلى لله -تعالى- بالسؤال والتّضرع بأن يثبّت قلب العبد على الطاعات ويبغّض إليه المعاصي والذّنوب.
- ذكر الله تعالى؛ وهو من أعظم أسباب الثّبات، وقرن الله -تعالى- بين الذّكر والثّبات حتى في القتال، حيث قال: ( يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُم فِئَةً فَاثبُتوا وَاذكُرُوا اللَّهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ)،[5] ولجأ يوسف -عليه السّلام- إلى ذِكْر الله -تعالى- عندما راودته المرأة، فثبّته الله تعالى.
- الحرص على سلوك الطريق الصحيح بالتمسّك بشرع الله تعالى، وسنن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، والبُعد عن الشّبهات والبِدَع التي تحرفه عن طريق الثّبات والاستقامة.
- الدّعوة إلى الله تعالى؛ فهناك فرق بين المؤمن الخامل الذي لا يتحرّك ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنّكر، وبين مَن يدعو إلى الله -تعالى- ويعرّف بشرعه وكتابه، فيثبت ويستقرّ الإيمان في قلب الداعي، ولذلك قال الله تعالى: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ).[6]
- يزيد صِلة العبد بالله تعالى.
- يُعطي المسلم الطريق الصحيح التي تُوصله إلى عموم الخير، كما أنّ فيه كلام متوازن وكلّه صواب لا يميل ولا يتغيّر ولا يتناقض.
- يردّ القرآن الكريم على الشّبهات التي يستثيرها الكفّار بين الحين والآخر، وتعدّ الشّبهات سبب رئيسيّ لانحراف المسلم وعدم ثباته على دينه واستقرار الإيمان في قلبه.
مواطن الثّبات على الدّين
هناك العديد من المواطن التي يُبتلى فيها الإنسان بالثّبات على الدّين؛ وبيان ذلك فيما يأتي:[2]
- الثّبات في مواطن الفتنة؛ وبيان بعضها فيما يأتي:
- الجهاد في سبيل الله تعالى؛ فقد عُدّ التولّي من ساحة القتال من كبائر الذّنوب.
- الثّبات على المنهج؛ فامتدح الله -تعالى- من ثبت على صدق نيّته ولم يتغيّر ولم يتبدّل مع الزمن مهما واجه من ظروف ومشاقّ، وقال الله تعالى: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).[8]
- الثبات عند الممات؛ فمن كان همّه الثّبات في الدنيا رزقه الله -تعالى- الثّبات عند موته.
- فتنة المال والجاه؛ بأن تكون كثرة المال فتنة ليعلم الله -تعالى- من يؤدّي زكاتها وشُكرها، وكذلك الإنسان يحرص على الجاه.
- فتنة الزّوجة والأولاد؛ حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ).[7]
- فتنة التعرّض للظّلم والتّعذيب، وتجلّى ذلك في أوّل سنوات الدّعوة الإسلاميّة، فكان الصّحابة السّابقين -رضي الله عنهم- من أكثر من تعرّض لذلك، ولكنّ ذلك لم يُغيّر في دينهم وهمّتهم شيئاً.
- فتنة المسيح الدجّال؛ وهي من أعظم الفتن التي تمر بالإنسان، ووصفه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- للمسلمين وصفاً دقيقاً حتّى يعرفوه إذا ظهر بينهم وينجوا من فتنته.
ثمرات الثّبات على الدّين
وعد الله -تعالى- الثابتين على الدّين والطريق الحقّ بعدّة أمور ولا يلمسها إلّا مَن تمسّك وثبت على دينه، فمنها ما يظهر في الدّنيا ومنها ما يُؤخّر للإنسان للآخرة، وبيان ذلك فيما يأتي:[9]
- زيادة الإيمان؛ فالعمل الصّالح يزيد الإيمان في القلب مهما كبُر أو صغُر، وكلّ طاعة يقوم بها المسلم تُعينه على القيام بطاعة أخرى، وهكذا حتى يزيد الإيمان في القلب.
- البُعد عن الغفلة؛ فالغفلة مذمومة وأهلها مذمومين، والمداومة على الطّاعة تُذهب الغفلة وتوقظ القلب.
- جلب محبّة الله تعالى.
- النّجاة في الشدائد؛ فمَن عرف الله -تعالى- وعبده في الرّخاء وكان مُداوماً على ذلك، عرفه الله -تعالى- في الشدائد فنجّاه منها.
- ثبات الأجر واستمراره عند العجز وعدم الاستطاعة على القيام بالطاعات والعبادات.
- نيل حُسْن الخاتمة عند الموت؛ لأنّ من داوم في حياته على شيءٍ ما مات عليه.
المراجع
- ↑ "عوامل الثبات على الدين في أماكن الفتنة"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-1. بتصرّف.
- ^ أ ب "وسائل الثبات على دين الله"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-1. بتصرّف.
- ↑ سورة إبراهيم، آية: 27.
- ↑ سورة طه، آية: 72.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 45.
- ↑ سورة الشّورى، آية: 15.
- ↑ سورة التّغابن، آية: 14.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 23.
- ↑ "المداومة على الطاعات: فضائلها - ثمراتها - أسبابها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-1. بتصرّف.