-

تعريف بالكاتب مصطفى صادق الرافعي

تعريف بالكاتب مصطفى صادق الرافعي
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

التعريف بالأديب مصطفى صادق الرّافعيّ

مُصطفى صادق بن الشّيخ بن عبد الرّزاق الرّافعيّ، كُنيته أبو سامي، وهو أديب، وشاعر، وفقيه اعتُبر نابغة في البيان، كما اعتُبر من روّاد الحياة السّياسيّة والاجتماعيّة، وظهر هذا في أشعاره الحاثّة على الدّفاع عن الوطن، والأرض والدّين، وكان له باع في التّاريخ والنّقد، والأدب فخاض فيها معارك فكريّة مُهمّة، كما احتلّ الرّافعيّ مكانة مهمّة في مدارس الفكر والأدب أثناء النّهضة الأدبيّة العربيّة، وذلك من خلال ترويجه لفكرة إعادة استخدام الأساليب العربيّة الكلاسيكيّة، بالإضافة إلى إثبات الوُجود للهويّة الإسلاميّة لمِصر.[1][2]

مولد الأديب مصطفى صادق الرّافعيّ

ولد الرّافعيّ في مصر وتحديدًا في مدينة بهتيم في بيت جدّه لأمّه، إلا أنّ أصله يعود لمدينة طرابلُس الشّام، فهو سوريّ الأصل، وعاش الرّافعيّ وأهله من أبيه وجدّه وعدد من أبناء العمومة والخؤولة، ويُعدّ الشّيخ محمّد الطّاهر أول من قَدِم إلى مِصر منهم، كما يُعدّ الشّيخ عبد القادر الرّافعي الذي يتّصل نسبهُ بعمر بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب رأس أسرة الرّافعيّ، ولقد واجه الرّافعيّ اتّهامات كثيرة تتعلّق بوطنيّته في مِصر خاصّة مع من يختلفون معه في الأدب، إلّا أنّه كان يرى دائماً أنّ الوطن يكمن في الأرض المُسلمة العربيّة، ويقول في ذلك: "أفتراهم يتّهمونني في وطنيتي لأنّني في زعمهم غير مصريّ وفي مِصر مولدي وفي أرضها رفاث أبي وأمّي وجدّي".[3][4]

نشأة الأديب مصطفى صادق الرّافعيّ

كان للبيئة التي نشأ فيها الرّافعيّ أثر في طريقه الأدبيّ؛ لأنّها كانت بيئة مليئة بالشّعراء والكُتّاب من أصحاب الفكر، وممن يدعون إلى العقيدة والسّياسة، والجوانب الحياتيّة الاجتماعيّة، فما كان من نُقّاد عصرهِ إلّا أن قالوا فيه: "إنّ حياته مُمثّلةٌ في أدبه"، بالإضافة إلى أثر العزيمة التي أخذها عن آبائه وأجداده، فلقد نشأ الرّافعيّ في أُسرة تتميّز في تربية أبنائها تربية مثاليّة، فما كان منه إلّا أن حفظ كتاب الله في العاشرة من عُمُره.[2]

تعليم الأديب مصطفى صادق الرّافعيّ

بدأ تعليم الرّافعيّ منذ صغره، وكحاله من أبناء أسرته فقد كان النّهج في التّربيّة يبدأ من تهذيب الطِّباع من خلال التّنشئة على احترام كبار السِّن، والطّاعة، وتعظيم الدّين، فكانت الأسرة تسعى لجعله ممّن يسيرون على طريق السَّلَف الصّالح، وكان القرآن أول هذه الأمور المُهمّة التي بدأت بها لتربية أبنائها، فحفظه الرافعي كما كان يستمع إلى دروس الدّين من أبيه، بالإضافة إلى أخبار السَّلَف الصّالح، وبعد أن تجاوز العاشرة من عُمُره بسنة أو سنتين دخل مدرسة دمنهور الابتدائيّة، ثمّ انتقل بعدها إلى مدرسة المنصورة؛ لانتقال أبيه إلى العمل في محكمة المنصورة، وكان ممّن عُني بتدرسيه هُناك العلّامة الأستاذ مهدي خليل، وكان يُدرّسه الّلغة العربيّة.[4]

كان الرّافعيّ ممّن يُقدِّرون معلمّيهم كثيراً، وحصل من مدرسة المنصورة على الشّهادة الابتدائيّة في سنّ عمر 17 سنة أو أقلّ من ذلك بقليل، وفي هذا العام أُصيب بمرض أثّر لاحقاً في صوته وأذنيه، فجعله هذا ينقطع عن تعليمه بعد التّعليم الابتدائيّ، ولم يستطع علاج ما أصاب أذنيه حتّى وصل سِنّ الثّلاثين وهو فاقد السّمع، فانتقل الرّافعيّ للتّعلم بنفسه، وكان أبوه يمتلك مكتبة مليئة بكتب الفقه، والدّين، واللّغة العربيّة والتي تُعدّ من النّوادر، فجالسها طويلاً مُبتعداً عن النّاس وأصواتهم، وكان لها من الأثر الكبير على الخلفية المعرفيّة له، وكان فقدانه للسّمع دافعاً قويّاً للتعلّم، فكان يقول: "إن كان النّاس يعجزهم أن يسمعوني فليسمعوا منّي"، فتعلّم حتّى أصبح أديباً، وإنساناً يسيرُ على فِكر السّلف الصّالح وآرائهم.[4]

وظيفة الأديب مصطفى صادق الرّافعيّ

بدأ الرّافعيّ أُولى وظائفهِ في محكمة طلخا الشّرعيّة ككاتب فيها وذلك في عام 1899م، وكان دَخْله منها أربعة جنيهات، وكان لمنصب أسرته وأبيه في المحاكم الشّرعيّة ونُفوذهم دور في ذلك، فبرأيه كانت وظيفة للعيش فقط، فلم ينقطع عن قراءته للكُتب والتعلّم على عكس ما كان يفعل في عمله، ثمّ انتقل بعد ذلك ليعمل في محكمة إيتاي البارود الشّرعيّة، وبعدها إلى محكمة طنطا الشّرعيّة، ثمّ انتقل بعد سنتين إلى محكمتها الأهليّة وبقي فيها حتّى آخر حياته، وكان الرّافعيّ مرجعاً لكُتّاب المحاكم التي يعمل فيها، ويأخذون مشورته فيما يحتارون فيه من القضايا والإشكالات المُختلفة، حتّى وصل الأمر إلى قيامه بذلك لدول مختلفة، وكانت وزارة العدل كذلك تستفتيه فيما يُشكَلُ عليها من الأمور.[4]

كان الرّافعيّ تحت مسؤوليّة كبيرة، وجعله هذا يُقدِم على طلب الاستقالة من وظيفته في المحكمة، فما كانت تفلح محاولاته في ذلك؛ لإلحاح موظفي الحكومة عليه بالبقاء، وكان للرّافعي بحكم وظيفته العديد من الصّلات مع المُديريّات، فلم يكُن مُتهاوناً في عمله، إلّا أنّه تهاون في نظام المحكمة من استقبالات للأشخاص وأمور تتعلّق بالقوانين أو المواعيد، حتّى كُتب فيه مرّة لإحالته من الوظيفة، لكنّه لم يُفصل، ومن بين كلّ ما يمرّ به كان الرّافعيّ كاتباً وشاعراً لم يتوقّف عن ممارسته للفنّ الأدبيّ الذي يُحبّ.[4]

زواج الأديب مصطفى صادق الرّافعيّ

تزوّج الرّافعي في عمر الرابعة والعشرين، وكان لزواجه أثر في تفرّغه للدّراسة والأدب، وذلك يعود لزوجته التي كانت تسعى لأن توفر له سُبل الرّاحة والهدوء التي كانت سبباً من أسباب نجاحه وتوفيقه لتهيئتها نظاماً بيتيّاً مُنظّماً، وكان يعود أصلها إلى مِصر من أسرة البرقوقيّ، كما كان لها أخ أستاذ اسمه عبد الرّحمن البرقويّ، وله كتاب اسمه "البيان"، فكان لهذا الطّابع الأدبيّ سبيل لهذا الزّواج بسبب العلاقات الأدبيّة التي كانت بينه وبين الرّافعيّ، فاستمر زواجه ثلاثة وثلاثين عاماً، ويقول الأستاذ جورج إبراهيم في وصف حال زواجه: "فما شكا إليّ مرّة واحدة همّاً ناله"، ثمّ يذكر لاحقاً أنّه أتاه مرّة يُحدّثه في أمر الطّلاق لمُشكلة تتعلّق بعائلة زوجته، لكنّه سُرعان ما أدرك أنّها وساوس شيطان.[4]

من الجدير بالذِّكر أنّ الرّافعيّ كان يعيش حياة مثاليّة في بيته، فهو الزّوج والأب كما ينبغي أن يكونا، وكذلك عُدّ مثالاً في الحبّ والوفاء لأهل بيته، فكان يُوازن في تعاملاته بين الشِّدة والرّخاء وبحسب ما يتطلّبه الموقف، لكن كان للرافعيّ قصّة حبّ لم يُخفِها عن زوجته فكان يُعلِمها بكلّ أحداثها من تبادل في الرّسائل الواردة والصّادرة، ففقد كانت بينهما تلك العلاقة التي بُنيت على الثّقة، وعلى إثر ذلك ألّف الرّافعيّ كُتباً تُعنى بلفسفة الحبّ والجمال مثل: رسائل الأحزان، السّحاب الأحمر، أوراق الورد.[4]

مؤلّفات الأديب مصطفى صادق الرّافعيّ النّثريّة

تاريخ آداب العرب

يُعدّ هذا الكتاب أكثر ما يُعرف به الرّافعيّ من مُصنّفاته بحسب رأي أكثر الكُتّاب، ويتكوّن من ثلاثة أجزاء، وفي عام 1911م صدرت الطّبعة الأولى لأول جزئين، وفي عام 1940م صدر الجزء الثّالث لاحقاً بعد وفاته، وكانت بتحقيق من الكاتب محمّد سعيد العريان، ويتّحدث الرّافعيّ في مُقدّمة كتابه حول الأسباب التي دعته لكتابته مُصّنفه هذا، ومنها التّراخي في تأليف مؤلفات التّاريخ والضّعف الكتابيّ الذي يتجاهل أحداث ويُبرز أُخرى، فكان الكتاب يتمثّل بكونه دراسة علميّة ومُمَنهَجة لتاريخ الأدب العربيّ، وليست دراسة تُعنى بالطّرق التّقليديّة القديمة في الكتابة التي غفلت عن الكثير من حوادث التّاريخ الأدبيّ، كإيراد تاريخ الرِّجال العرب بشكل ضعيف، فشبّه الرّافعيّ الأمر بإيراد أسمائهم فوق القبور، وهو مع الكَمّ الهائل ممّا تطرّق له من نقد للأدباء والأدب على مخلتف الأعمار في التّاريخ ما يزال مُتواضعاً، ونجدُه يقول في مُقدّمته: "لا أقول إنّي أتيت منه على آخر الإرادة، ولا أعزم أنّي أوفيتُ على الغاية من الإفادة".[5][6]

إعجاز القرآن والبلاغة النّبويّة

يُعدّ هذا الكتاب الجزء الثّاني من كتاب الرّافعيّ "تاريخ آداب العرب"، وفي عام 1928م تم نشر الطّبعة الأولى منه.[5]

حديث القمر

يُعدّ هذا الكتاب أولّ طريق الرّافعيّ في الأدب الإنشائيّ، فقد كان أدب الإنشاء نهجاً دلاليّاً في الحبّ، وقام بتأليفه عام 1912م بعد عودته من رحلة لبنان، في الوقت الذي التقى فيه بالأديبة ميّ زيادة.[5]

رسائل الأحزان

برع مصطفى صادق الرّافعي في التحدّث عن فلسفة الجمال، وهو ما نجده في كتابه هذا الذي يحتوي على رسائل جاءت مغايرة تمامًا للمعاني التقليديّة التي عهدناها عن الحُبّ وفلسفته، وذلك لأنّه صاغ رسائله وهو واضع نفسه في صورة كان فيها المتأمل للجمال، والعاشق، والفيلسوف في آن واحد.[7]

السّحاب الأحمر

هو الكتاب الذي ألّفه الرّافعيّ بعد كتابه رسائل الأحزان، وعُدّ الجزء الثّاني لقصّة حبّ خاصّة به، ومرحلتها بعد الابتعاد والقطيعة.[5]

أوراق الورد

يُعدّ هذا الكتاب الجزء الأخير من قصّة حبّ الرّافعيّ الذي ألّفه ليكون رسائل لفلسفة الحبّ والجمال مُصوِّراً فيها نفسه وما كان بينه وبين من أحبّ، ومنهنّ "صاحبة حديث القمر"، وهي صديقته الأولى، وعرّف الرّافعيّ الحُب في هذا الكتاب، فقال: "الحُبّ لفظ وهميّ موضوع على أضداد مُختلفة"، كما يُعرّفه كذلك: "امتزاج نفسين بكلّ ما فيهما من الحقائق"، فكان الرّافعيّ يرى أنّ للحبّ مفاهيماً مُتعاكسة مثل: الضّحك والبُكاء، والأفراح والهُموم، والعيوب والمحاسن، وغيرها، وكان يرى كذلك أنّ الحبّ يجعل الإنسان في شخصيتين مختلفتين، كما حقّق الرّافعيّ ربطاً بين مفهوميّ الحبّ والجمال، وبرأيه أنّ الجمال وخصائصه حينما يتوطّن العاشق يكون هذا هو الحبّ، وإلّا فلا، وأنّ الحياة والحبّ على درجة متساوية، فكأنّهما شيء واحد، بالإضافة إلى رؤيته في الطّبيعة مقياساً لمستوى الحُبّ، وممّا ميّزه عن غيره في تعريفه للحبّ في رسمه المُحبّ فناناً، فهو عندما يعشق لا يتوانى في الابداع والإتقان، ثمّ ينتشر الكون جمالاً، فكأنّه بالحبّ يلتفت إلى الجمال.[5][8]

وحي القلم

يُعدّ هذا الكتاب من كُتب الرّافعيّ الثّمينة من الناحية الفكريّة، والفنيّة، ويتكوّن من ثلاثة أجزاء، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات والقصص، وكتب الرّافعي أكثرها لمجلة الرّسالة القاهريّة عام 1937م، وطُبع منه في حياته جزآن، وبعد موته طُبع مع الجزء الثّالث أكثر من مرّة. ومن الجدير بالذّكر أنّه يحتوي على تداخلات لمُختلف أنواع الأجناس الأدبيّة، التي تُشير إلى ثقافة الرّافعيّ الواسعة، وعلمه، وأخلاقه، فنرى الكتاب مملوءًا بأساليب علم البلاغة وعلم البيان بشكلٍ راقٍ، ويُشير تلميذ الرّافعيّ محمّد سعيد العريان أنّ من يقرأ هذا الكتاب يعلم أنّه أكثر كتب الرّافعي التي تحوي الأسلوب الفنيّ الرّاقي، وأنّه كتاب واضح بشكل كبير، وصُنّفت التّداخلات الأدبيّة السّرديّة في الكتاب: على نحوين: الإنشائيّة، والسّرديّة، وهي كالتّالي:[5][9]

  • الأجناس الأدبیّة الإنشائیّة في وحي القلم للرّافعيّ:
  • الأجناس الأدبیّة السّردیّة في وحي القلم للرّافعيّ:
  • المقالة، ويظهر أثرها في كتاب وحي القلم بعناصرها وأنواعها.
  • الخَطَابَة، وتظهر أثرها بعلاقة الرّافعيّ نفسه بها، وبأنواعها.
  • الرّسالة، ويظهر استخدام الرّافعيّ لها بأنواعها، واستخدامه طريقته لكتابتها.
  • القصة، واستخدم الرّافعيّ القصّة بأنواعها في كتابة وحيّ القلم.
  • الحكایة على لسان الحیوان، وعَمَد إلى استخدمه هذا الأسلوب؛ لكتابة ما يُريده الكاتب، أو ما يرمي إليه، تحت مظلّة استخدام الحيوان، وهنا تظهر العلاقة بين ابن المُقفّع والرّافعيّ.

تحت راية القرآن

هو عبارة عن مجموعة من المقالات في الأدب العربيّ بالجامعة، والتي تحتوي كذلك ردّاً على كتاب طه حسين في الشِّعر الجاهليّ.[5]

على السّفود

عُدّ هذا المُصنّف ردّاً على الأديب عبّاس محمود العقّاد، وكانت قد نشرته مجلّة العصور، لصاحبها الأستاذ إسماعيل مظهر ولم تُشِر إلى من قام بتأليفه، فأوردت اسم المؤلف تحت اسم "إمام من أئمّة الأدب العربيّ".[5]

المساكين

صدر هذا الكتاب بطبعته الأولى عام 1917م، وكان عبارة عن كلمات تُعنى في المفردات والمعاني الإنسانيّة، استلهمها من الحربّ العامّة في مصر.[5]

كلمة وكُليمة

هذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة من المقالات غير المنشورة في كتاب التي نُشِرت في مجلّة "الرّسالة"، والتي تختلف موضوعاتها في الأدب والاجتماع والدين والأخلاق، وقد نُشرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب الذي جمع تلك المقالات في عام 2002م.[10]

مؤلّفات الأديب مصطفى صادق الرّافعيّ الشّعريّة

ديوان النّظرات

هو أحد دواوين الرّافعيّ حوى على مجموعة من نماذج أدبيّة من تأليفه، ولقد صدرت أولى طبعاته عام 1908م. وكان للرّافعيّ كتاب مدرسيّ يحتوي على هذه النّماذج جميعها، وذلك تحت اسم: "ملكة الإنشاء"، وعَمَد إلى نشره عام 1907م، فحصل وكان ذلك بأن نُشِرت بعضها في النّظرات. وشاءت صُروف الدّهر بعد ذلك أن تشغله عن تنفيذ ذلك الكتاب، فضاع ما فيه، ولم يبقَ إلّا ما نُشر منه ضمن النّظرات.[5]

ديوان الرّافعيّ

يتضمّن هذا الدّيوان ثلاثة أجزاء، فكان الرّافعيّ قد وضع مُقدّمة لكُلِّ جزء من الكتاب تُعنى في معاني الشِّعر، وشرح فيه أسلوبه وطريقته، وقد صدرت أولى طبعاته بين عاميّ (1903-1906)م. وهُناك طبعة تعود لأخيه محمّد كامل الرّافعيّ فيها شرح للدّيوان مُورَد معها، ونذكر بيتين من شعره فيه كما يأتي:[5][11]

ولا تكُن للوشاة عبداً

واصبر على الَّلغو صَبر قومٍ

كتاب رسائل الرّافعي والتّناصّ القرآني في هذه الرّسائل

رسائل الرّافعيّ

هو كتاب رسائل الرّافعيّ الذي كتبها لصاحبه محمود أبو ريّه مؤلّف هذا الكتاب، والذي كان له أواصر مع الرّافعيّ تعودُ إلى أوائل عام 1912م، وذلك بعد خِطاب أرسلهُ له يُريد أن يتعلّم عنه؛ لكثرة ما سمع عنه، فتوطّنت علاقتهما لاحقاً واستمرّت رُبع القرن، العديد من الخطابات التي ضمّت أيضًا خطابات أدبيّة فيها من الفوائد الكبيرة؛ لاحتوائها على العديد من الآراء المُتعلّقة بالأدب، والبلاغة والشِّعر، والّلغة، ولتضمّنها أساليب تعلّم الأدب العربيّ قديماً وحديثاً، والمصادر الّلازمة لدراسة النّصوص الأدبيّة والنّقديّة، ومُضيفاً فيها سبب تدهور الأدب في وقته آنذاك.[12]

تحتوي الرّسائل كذلك الأساليب التي تطرّق إليها من قوّة الألفاظ، والإنشاء، والاجتهاد، وتحتوي كذلك على ما أراد الرّافعيّ نشره من كُتبه، والسّبب وراء كلّ منها، كإيراده أنّ كتابه "حديث القمر" كان في فتاة أحبّها في الشّام، وأنّ كلمة القمر ما هي إلّا أسلوب تورية عنها والتي كانت مي زيادة. ويُشيرُ الكاتب محمود فيه كتابه إلى أنّه أورد الخصومات الأدبيّة التي كانت بين الرّافعيّ وغيره من الكُتّاب حينها، لكنّه يُشير في مقدمته إلى أنّه أقلّ في أقوال الرّافعيّ من العبارات التي أظهرت شدّة قلمه.[12]

التّناصّ القرآني

التناص القرآني يعني هو أن تتمّ كتابة النّص الأدبيّ بتضمين، أو اقتباس، أو تلميح من القرآن الكريم، ويظهرُ هذا جليّاً في رسائل الرّافعيّ، وإنّ لاستخدامه النّصوص القرآنيّة فيها إشارة منه إلى أنّ القرآن الكريم أفضلُ مرجع في قائمة العناصر الأدبيّة، والتّناص في الأدب يكون في وجهين: الأول المُباشر، ويُسمّى بتناصّ التّجلي، أو التّناص الشّكليّ، وهو إيراد الشّيء، وهُنا "الآيات القرآنيّة" إيراداً بالّلفظ والمعنى، أمّا الثّاني فهو التّناص غير المُباشر، ويُسمّى بأسماء عديدة منها: تناصّ الخفاء، والتّناص المضمونيّ، وتناصّ الأفكار، والمقروء الثّقافيّ، والذّاكرة التّاريخيّة، وهو استنباط ما فيه النّصوص واستنتاج ما فيها، ويُفهم هذا النّوع من خلال التّلميحات والرّموز الواردة في النّص، وقد يكون هذا النّوع من التّناص جملة أو عبارة ما تدلّ على النّص الذي أُخذ منه، ومن الأمثلة على التّناص القرآنيّ في رسائل الرّافعيّ:[13]

  • التّناص القرآنيّ في الشّكل المباشر: (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).[14] ويقول الرّافعيّ بما يُشابهها تماماً في رسائله: "إنّنا في وقت لا ينفذ فيه النّور، فلا أدري كيف أُشير عليك أن تنفذ أنت، ولكنّي أسأل الله أن يهبك حظاً من التّوفيق، فما يفتح الله للنّاس من رحمة فلا ممسك لها".
  • التّناص القرآنيّ في الشّكل غير المباشر: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)،[15] ويقول الرّافعيّ في رسائله ما يتضمّن معنى تلك الآية: "أمّا ما ذكرت من معارضة البَكريّة، والعمريّة، فقد ألقي علي هذا الاقتراح مراراً ولكنّ الوقت لم يحن للعمل، ومتى حان فعندي أعمال أخرى، على أنّ الأمور مرهونة بأوقاتها".

أسلوب الأديب مصطفى الرّافعيّ في أعماله

إن المُتمعّن في كتابات الرّافعي يرى أنّ الوجه الأدبي الذي مال إليه في كتاباته، فهي لا تخلو من عنايته بالتّراكيب عناية أكبر من الألفاظ، مع العمل على الاتّزان في تناسبها، وقال طه حسين عن كتاب الرّافعيّ (رسائل الأحزان): "إنّ كلّ جملة من جُمل الكتاب تبعث في نفسك شعوراً قوياً أنّ الكاتب يلدها ولادة، وهو في هذه الولادة يقاسي ما تقاسيه الأمّ من آلام الوضع"، وممّا حرص عليه الرّافعيّ كذلك في كتابته ألا تقتصر على التّقليد لمن قبله، بل حرص بشكل دائم على أن يكون ما يؤلّفه جديداً من ألفاظ أو أساليب مُراعٍ بذلك الّلغة، وقواعدها، وأوزانها، كما عمل الرّافعي في جميع مؤلّفاته على أن يكون التّعبير بسيطاً وذا معنى واضح. ومن الجدير بالذِّكر أنّ جُمل الرّافعيّ أصبحت تُميّز أسلوبه فصنع بذلك طابعاً خاصّاً له، وقد تطرّق كذلك للتّعابير المجازيّة، والتّنقيحات، فكان لا يقبل الطّرائق السّهلة في الكتابة إنّما يكّد ويجتهد، فكما يقول في رسائله: "لا قيمة لكاتب لا يضع في الّلغة أوضاعاً جديدة".[16]

أسلوب التّشويق القصصيّ في أعمال الرّافعيّ

إنّ أحد الأمثلة على الأسلوب القصصيّ للرافعيّ السّرد على لسان الحيوان مُتشابهاً على نحو ما مع أسلوب كتاب كليلة ودمنة، فكان الرّافعيّ يَعمَدُ على الرّد على أعدائه أو من يشكو منه خصومة بالرّموز، والدّلالات، والحوارات، كما استخدم المُفردات عاميّة أحياناً استهزاءً، وكانت بداية مقالات الرّافعيّ هذه خصومته مع طه حسين حينما ردّ على كتابه الشّعر الجاهليّ، وكان يبدأ قصّته في المقال قائلاً: "عندي نسخة من كتاب كليلة ودمنة، ليس مثلها عند أحد"، كما كان يعتمد على المفاجأة فيما يرويه من القصص، فلم يُشبه كليلة ودمنة بإيراد المثل أولاً ثمّ شرح القصّة، فكان الأسلوب أقرب إلى كونه أسلوباً نثريّاً ساخراً لم يشهده العرب سابقاً، وتطرّق الرّافعيّ إلى استخدام القصص القرآنيّ بإسقاط الأسماء على قصّته التي يُوردُها.[17]

رأي الأديب الرّافعيّ في دراسة الأدب العربيّ

كان يرى الرّافعيّ أنّ من يُرِد السّبيل الأقرب لأن يكون أديباً عليه أن يحرص على أن يكون صاحب نقد وفِكر، كذلك عليه القراءة في الكُتب التي تُعنى بالمعاني قبل التي تُعنى بالألفاظ، كما نصح بقراءة كُتب الفلسفة الأدبيّة ممّا تُرجم منها أو ممّا كانت بلغة أوروبيّة، وكُتب الاجتماع، وكُتب الأدب العربيّ، ونصح في البدء بهذه الكُتب: كتاب كليلة ودمنة، ورسائل الجاحظ، وكتابه الحيوان والبيان، وأشار إلى أهميّة العِلم في أمور البلاغة، ونصح فيها بكتاب المثل السّائر، وقال في ذلك: "هذا الكتاب وحدة يكفلُ لك ملكة حسنة في الانتقاد الأدبيّ".[12]

حرص الرّافعيّ على ضرورة حفظ المُفردات والتّراكيب، وأشار إلى حفظ المُفردات في كتابيّ: نجعة الرّائد لليازجي، وكتاب الألفاظ الكتابيّة للهمذانيّ، والقراءة في كتاب يتيمة الدّهر للثّعالبيّ، والعقد الفريد لابن عبد ربّه، وكتاب زهر الآداب، ولم يقتصر نُصح الرّافعيّ على الكُتب، فقد نصح بالمُطالعة من المجلّات، والصّحف اليوميّة والأسبوعيّة، كما تطرّق لأهميّة الحفظ الكثير من كتابيّ: شرح ديوان الحماسة، وكتاب نهج البلاغة، وأشار إلى أنّ هذا الطّريق طويل ويحتاج جُهداً وصبراً، وأنّ المداومة على البحث والمُطالعة مع ترك الزّمان يطولُ ويقصر، سيُوصل في النّهاية إلى حصيلة الجهد.[12]

وفاة الأديب مصطفى صادق الرّافعيّ

توفّي الرّافعيّ يوم الإثنين عن عُمرٍ يُناهز السّابعة والخمسين بعد أدائه لصلاة الفجر، ودُفن بجانب أبويه في مقبرة طنطا، وقبل أن يتوفى كان جالسًا يتلو كتاب الله، فأصابته حرقة المعدة فأخذ دواءً كان قد أعطاه إيّاه ابنه الطّبيب مُحمّد ثمّ رجع إلى تلاوته، وبعد حلول ساعةٍ قام لينهض فإذا به يقع أرضاً لِيُحدُث صوتاً مسموعاً لدى الجميع، وعندما أتى أهل بيته ليروه كان قد فارق الحياة.[5][4]

أمّا عن السَّنة الذي توفّي فيها الرّافعيّ، فقد اختلفت كُتب التّراجم فيها، ولا دليل على غلبة رأي على آخر، وفيها الأقوالُ التّالية:[18]

  • سنة 622 هجريّة، وهذا قولُ حاجي خليفة في كتابه كشف الظّنون.
  • سنة 623 هجريّة، وهذا قول جماعة التّراجم والتّأريخ، ومنهم: ابن الصّلاح، ابن خلكان، ابن السّبكيّ، عبد الحيّ العكريّ، فقال ابن قاضي شهبة في كتابه طبقات الشّافعيّة في وفاة الرّافعيّ: "قال ابن الصّلاح توفي في أواخر سنة ثلاث أو أوائل سنة أربع وعشرين وستمائة بقزوين، وقال ابن خلكان: توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وعمره نحو ست وستين".
  • 624 هجريّة، وهذا قول الإمام النّوويّ، والذّهبيّ، كما ورد في كتابيّ: سير أعلام النّبلاء، وكتاب تهذيب الأسماء والّلغات، كما أنّه قولُ الشّيخ أبي بكر المصنف في كتابه طبقات الشّافعيّة.

المراجع

  1. ↑ Al-Saleh, Asaad (2012-04-26), "Mustafa Sadiq Al-Rafii"، esirc.emporia.edu, Retrieved 14-11-2019. Edited.
  2. ^ أ ب د.صباح علاوي خلف السامرائي، م.م سهام حسن جواد السامرائي (2009)، الأدب الجاهلي بين مصطفى صادق الرافعي وطه حسين (الطبعة 7)، صفحة 324، جزء 16. بتصرّف.
  3. ↑ مصطفى صادق الرافعي، وحي القلم، بيروت: المكتبة العصرية، صفحة 5، جزء 1. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د محمد سعيد العريان (1955)، حياة الرافعي (الطبعة 3)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 23، 28-32، 59-63، 34-40، -342. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س محمد ثابت (2016)، أروع ما كتب مصطفى صادق الرّافعيّ، شاعر وحي القلم (الطبعة 1)، القاهرة: كنوز، صفحة 8-9. بتصرّف.
  6. ↑ مصطفى صادق الرافعي، تاريخ آداب العرب، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 9-12، جزء 1. بتصرّف.
  7. ↑ "رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب"، hindawi، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2019.
  8. ↑ خديجة زايدي (2015-2016)، مفهوم الفن والجمال في "أوراق الورد" لـ:مصطفى صادق الرافعي، صفحة 35-40. بتصرّف.
  9. ↑ نادیة مطاي، یمینة بومعد (2016-2017)، تداخل الأجناس الأدبية في كتاب وحي القلم لمصطفى صادق الرافعي، صفحة 53،21،8،7. بتصرّف.
  10. ↑ مصطفى صادق الرافعي (2002م)، كلمة وكليمة (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار ابن حزم للطباعة والنشر، صفحة 5.
  11. ↑ مصطفى صادق الرافعي (1322)، ديوان الرافعي، الإسكندرية: جامعة الإسكندرية، صفحة 95. بتصرّف.
  12. ^ أ ب ت ث محمود أبو ريّه، من رسائل الرافعي (الطبعة 2)، القاهرة: المعارف، صفحة ،7،8،9،10،11،26،27. بتصرّف.
  13. ↑ ستي مروة (8-7-2019)، التناص القرآني في رسائل مصطفى صادق الرافعي، صفحة 13،14،15،33،49. بتصرّف.
  14. ↑ سورة فاطر، آية: 2.
  15. ↑ سورة المدثر، آية: 38.
  16. ↑ عادل أحمد سالم باناعمه (10-8-2016)، "قراءة في أسلوب الرافعي"، uqu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2019. بتصرّف.
  17. ↑ عبد الحميد محمد بدران (2017)، أساليب التشويق في المقال الأدبي عند الرافعي، صفحة 1121-1124. بتصرّف.
  18. ↑ شروان ناجي عزيز (12-5-2011)، "حياة الإمام أبي القاسم الرافعي وجهوده العلمية"، كلية العلوم الإسلاميّة، صفحة 4. بتصرّف.