بحث عن هجرة الطيور
هجرة الطيور
تُعدّ الهجرة من مكانٍ إلى الآخر منتشرةً بين الطيور أكثر من أيّ أنواعٍ أخرى من الحيوانات؛ حيث إنّ الطيور تمتلك خصائص وميّزاتٍ تُمكّنها من السفر بكفاءةٍ وسرعةٍ لمَسافات طويلة جداً.[1] تُعدّ هجرة الطيور واحدةً من الظواهر الاستثنائية في الطبيعة، فكلَّ عام تُحلِّقُ الطيورالمهاجرة لمئات وآلاف الكيلومترات في السماء بمُختلف أنحاء الأرض بحثاً عن أنظمةٍ بيئيّة وأماكن جغرافية أكثر مُلائمةً لها للحصول على الغذاء، والتزاوج، وبناء أعشاشها، ورعاية صغارها حتّى يكبروا ويُصبحوا قادرين على الطيران.
عندما لا تكون الظروف مُناسبةً في مَوقع تزاوج وتكاثر الطيور تعود إلى موطنها الذي جاءت منه؛ حيث تُصبح الظروف البيئيّة أفضل بالنسبة إليها، وتكون هذه الطيور مُهيئةً جسديّاً ووظيفياً للطيران بسُرعة وتَحمّل المسافات الشاسعة؛ إذ إنّ رحلة الهجرة قد تتطلَّبُ من الطائر أقصى درجات التحمّل بسبب طولِها الشديد الذي قد يتجاوز عشرة آلاف كيلومتر.[2]
أسباب هجرة الطيور
تسعى الطيور دائماً للعثور على أماكن تعيشُ فيها تكون آمنةً وغنيَّةً بالطعام والدفء لتستطيع رعاية صغارها والعناية بهم؛ فمثلاً في المناطق المدارية القريبة من خطّ الاستواء يكون الطقسُ دافئاً نسبياً على مدار العام بحيث تستطيع الطيور دوماً العثور على ما يَسدّ حاجتها من الغذاء، كما أنّ طول فترة النهار على مرّ السنة يُعطيها الكثير من الوقت للبحث عن الغذاء وجمعه وبالتالي لا تضطرّ لترك مكانها والبحث عن غيره.
إنّ البُلدان الواقعة على دوائر عرضٍ مُرتفعة، وخصوصاً تلك القريبة من القطب المتجمّد الشمالي (مثل الولايات المتحدة وكندا) تُصبح الظروف مختلفةً فيها؛ حيث يُصبح النهار قصيراً في الشتاء والخريف، ويندرُ الغذاء ويُصبح من الصعب على الطيور تأمين الغذاء لنفسها وصغارها، ومن ثمّ فإنّها تُهاجر جنوباً ولا تعود حتى حُلول الصيف، ولا يَنطبقُ ذلك على جَميع الطيور، فبعضها - مثل الحمام والغربان والشحرور - لا تُراوح الأماكن الشمالية من الأرض طوال العام، وبصُورة عامة تُوجد ثلاث فئاتٍ أساسيّة من الطيور حسب طريقتها في الهجرة:[3]
- المُقيمة الدائمة: لا تهاجر أبداً، بل تبقى في المكان نفسه طوال السنة.
- المُقيمة صيفاً: هي طيور تهاجر إلى المناطق الشمالية الباردة في بداية فصل الربيع؛ حيثُ تقضي هناك الصيف بطُوله في رعاية صغارها وتنشئتهم، ومن ثم تعودُ إلى الجنوب مع حُلول الخريف.
- المُقيمة شتاءً: على العكس من الطيور المقيمة صيفاً، تعيشُ هذه بالأصل في الشمال ولكنها تُهاجر جنوباً عند حُلول الشتاء.
آلية الهجرة في الطيور
العلماء ليسوا متأكدين تماماً من الطريقة التي تستحثّ فيها الهجرة عند الطيور، إلا أن الاعتقاد السائد حالياً هو أن ثمة مجموعة كبيرة من العوامل التي تؤدّي دوراً في تنبيه الطائر إلى حُلول وقت الهجرة، ومن أهمّها تغير طول النهار ونقصُ كمية الغذاء المتاحة له والنزعات الوراثية لديه، وقد تختلف أوقاتُ وطرق الهجرة بين كلّ نوع من الطيور أو ضمن سلالات ومجموعات النوع نفسه. العلماء ليسوا متأكدين أيضاً من الطريقة التي تعرفُ فيها الطيور طريقها ومكانها أثناء الهجرة، حيث أن بعض الطيور التي لا يزيدُ عمرها عن العام الواحد تقوم بهجرتها الأولى وحيدة، دُون أن يرشدها أحدٌ إلى الطريق، ومع ذلك فإنها تقومُ بالهجرة كاملةً وتعودُ إلى موطنها في الربيع بدقة تامة. يعتقد أن معظم الطيور تستخدم عدة وسائل لمعرفة طريقها واتجاهها أثناء الطيران، فهي تستفيد من موقع الشمس في السماء، وتهتدي بأماكن النجوم، بل وتستشعر تذبذبات مجال الأرض المغناطيسي.[4]
أنماط وطرق الهجرة لدى الطيور
تتنوَّع طرق واتجاهات الهجرة كثيراً بين أنواع الطيور؛ حيث تحدث غالبيّة هجرات الطيور في العالم في الأجزاء الشمالية من الكرة الأرضية؛ حيث إنّ الطيور التي تعيش على دوائر عرضٍ مُرتفعة قريبة من القطب الشمالي تُغادر موطنها وتُحلّق نحو الجنوب، للعثور على أماكن دافئة تقضي فيها فصل الشتاء، كما أنّ بعضَ الطيور تتكاثرُ في الأقاليم الجنوبيّة من قارة أفريقيا، وتُهاجر في الشتاء شمالاً سعياً وراء المناخ الساحلي الأكثر لُطفاً، ومن جهة أخرى، قد تُفضّل بعض الطيور قضاء الشتاء في سهول ومناطق مُنخفضة دافئة، بينما تصعد - في الصيف - إلى الجبال المُرتفعة الباردة.[2]
الهجرة في أوروبا
تميلُ العديد من طيور شمال وشرقي القارة الأوروبيّة إلى الهجرة لمسافاتٍ طويلة، بينما يَغلب على طيور غرب أوروبا أن تكون مُقيمةً بمناطق مُحدّدة؛ حيث لا تفضّل الهجرة. بعض الطيور الأوروبية تتنقّل في الشتاء؛ حيث تُسافر بحثاً عن أماكن تُناسبها أكثر للعيش، ولكن هذه الأماكن تتغيَّرُ كل سنة حسب الظّروف البيئية والمناخية. من جهة أخرى، تُهاجر بعضُ الطيور إلى جنوب شرقي القارة أو إلى دول حوض البحر المتوسّط بَحثاً عن الدفء في الشتاء، والعديدُ منها تقطعُ مسافاتٍ طويلة جداً؛ حيث تُهاجر إلى قارّة أفريقيا وتَعبرُ الصحراء الكبرى كلّها وصولاً إلى وسط أفريقيا أو جنوبها. تتحدَّدُ طرق الهجرة لطيور أوروبا بفعل الظروف الجغرافية؛ فجبال الألب الشاهقة تُمثّل عَائقاً كبيراً لا تَستطيع مُعظم الطيور تجاوزه إلا بالالتفاف حوله.[1]
الهجرة في أمريكا الشمالية
تضطرّ الطيور في أمريكا إلى مُواجهة ظروفٍ قاسيةٍ وخطرة في الشتاء تشبه تلك التي تتعرَّض لها طيور أوروبا، نتيجة دائرة العرض المُرتفعة التي تقع الدولة عليها. تتحدَّدُ الاتّجاهات والطرق الأساسية التي تتخذها الطيور المُهاجرة في أمريكا الشمالية بناءً على الطبيعة الجغرافيّة للقارة، والتي تتجهُ كلّها من الشمال إلى الجنوب، ومنها ما تمرّ عبر المحيط الأطلنطي، وأخرى تمرّ فوق الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وغيرها تعبُر مسار نهر المسيسبي، وبعضها تكون في وسط البلاد أو على ساحلها الغربي.
تقضي أعدادٌ كبيرة جداً من الطيور المهاجرة في أمريكا فصل الشتاء في الأجزاء الجنوبيّة الشرقية من الولايات المتحدة، كما تشملُ مشاتي الطيور فيها المكسيك وبلدان أمريكا الوسطى وُصولاً إلى بنما؛ حيث تُعدّ بنما من الدول التي فيها أعدادٌ كبيرة من الطيور المقيمة فيها شتاء.[1]
المراجع
- ^ أ ب ت Jean P. Dorst (03-03-2015), "Migration - Birds | Animal"، Encyclopedia Britannica, Retrieved 16-01-2017.
- ^ أ ب "Why Migratory Birds?", World Migratory Birds Day, Retrieved 16-01-2017.
- ↑ "Bird Migration: Facts", Idaho Public Television, Retrieved 16-01-2017.
- ↑ "The Basics Of Bird Migration: How, Why, And Where", The Cornell Lab of Ornithology, Retrieved 16-01-2017.