عمل نوح عليه السلام
نوح عليه السلام
شاء الله سبحانه وتعالى أن يبعث أوّل رسولٍ إلى النّاس في الأرض عندما عبدوا الأصنام وضلّوا عن سبيل الله، وقد اصطفى الله من عباده سيّدنا نوحاً عليه السّلام ليكون أوّل رسولٍ يبعثه الله برسالة التّوحيد إلى النّاس حيث ظلّ في قومه ألف سنةٍ إلّا خمسين عاماً يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك ما همّ عليه من الكفر والضّلال، وقد قابل قوم نوح دعوة نبيّهم بالصّدّ والهجران والتّكذيب، ولم تضعف تلك السّنون عزيمة هذا النّبي العظيم الذي يعتبر من أولي العزم من الرّسل، بل استمر بدعوتهم ليلاً ونهاراً، وبكافة الطّرق والأساليب إعذاراً لله تعالى وأداءً لأمانة الرّسالة.
عمل نوح عليه السّلام
كانت سنّة الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه العمل والانتاج وامتهان الحرف التي اعتاد النّاس عليها لتحقيق الكسب الحلال الطّيب، فما بعث الله نبيّاً ولا رسولاً كما قال النّبي عليه الصّلاة والسّلام إلّا ورعى الغنم وكان كسبه من عمل يده، وقد كان حرفة نبيّ الله نوح عليه السّلام التي تميّز بها هي حرفة النّجارة وصنع الهياكل الخشبيّة، وقد كانت السّفينة أعظم ما صنعه سيّدنا نوح عليه السّلام حيث كانت سفينة النّجاة التي ركب فيها ومن آمن معه، وحمل فيها من كلّ زوجين اثنين تنفيذاً لأمر الله تعالى له بذلك.
صفة السّفينة
كانت سفينة نوح عليه السّلام التي صنعها بنفسه آيةً في الإتقان وبديع الصّناعة حيث اشتملت على الألواح والمسامير، قال تعالى: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) [القمر: 13]، كما صنعها سيّدنا نوح عليه السّلام لتكون قادرةً على أن تمخر عباب الأمواج المتلاطمة التي رافقت الطّوفان حيث كانت تلك الأمواج كالجبال في علّوّها حتّى شاء الله تعالى أن تمسك السّماء مطرها، وينزل الماء في الأرض فيهدأ الطّوفان الذي غمر الأرض لتستقرّ السّفينة بأمر الله تعالى على جبل الجودي وينجّي الله الذين آمنوا بفضله ومنّه.
اكتشاف سفينة نوح
وجد علماء الآثار في العصر الحديث أحافير ترابيّة تشير إلى سفينة نوح في منطقة أرارات في تركيا، وعلى الرّغم من أنّ هذا الاكتشاف يخضع للدّراسة والبحث إلّا أنّه يؤكّد على حقيقة أنّ الله سبحان وتعالى قد أراد لهذه السّفينة أن تبقى آيةً شاهدة على قدرة الله تعالى وعظمته، فهذا المجهود البشري الذي كان على يد نبيّ من أنبياء الله تعالى كان سبباً ماديّاً من أسباب نجاة المؤمنين بأمر الله تعالى ومشيئته، وشاهد على هلاك قوم ظلموا وعتوا عن أمر ربّهم فكان عاقبتهم الغرق في الطّوفان.