بحث عن حياة صلاح الدين الأيوبي
صلاح الدين الأيوبي
يعدّ صلاح الدين الأيوبي من أبرز القادة العسكريين والسياسيين في التاريخ الإسلامي، وذلك بسب انتصاراته العسكرية الكبرى على الصليبيين واكتسابه احترامهم في ذات الوقت، وذلك للتسامح الذي أبداه تجاه المسيحيين عند استعادته لبيت المقدس، رغم المذبحة التي تعرض لها سكان المدينة والتي وثقتها رويات المؤرخين الذين عاصروا الحملة الصليبية الأولى حتّى عدّ من أكثر الشخصيات الإسلامية توقيراً في أوروبا في العصور الوسطى، ويرجع لصلاح الدين الأيوبي الفضل ذلك في بناء العديد من المستشفيات والمدارس والمساجد في الفترة التي حكم فيها مصر وسوريا وتحقيق درجة عالية من الرخاء في الدولة الأيوبية.[1]
أصل صلاح الدين الأيوبي والنشأة
ولد صلاح الدين يوسف لعائلة كردية في مدينة تكريت العراقية التي تقع بين بغداد والموصل، وكان والده نجم الدين أيوب بن شادي يشغل منصب حاكم قلعة تكريت، ويذكر أنّ ميلاد صلاح الدين وافق إخراج أبيه من تكريت قسراً، وانتقال الأسرة إلى الموصل حيث نزلوا على عماد الدين زنكي أمير الموصل الذي أكرمهم، ونشأ صلاح الدين نشأة كريمة فتعلم الفروسية وتدرب على القتال، كما تعلم الفقه واللغة وحفظ القرآن الكريم، وتهيأ ليكون أميراً ذو شان ورفعة كما تنبأ له البعض حين مولده.[2]
تولي صلاح الدين الأيوبي حكم مصر
عمل صلاح الدين تحت إمره عمه أسد الدين شيركوه الذي كان قائداً عسكرياً للسلطان السلجوقي نور الدين محمود، حيث أرسلوا إلى مصر في عام 1160م ليصبح أسد الدين وزيراً لحاكمها الفاطمي، ثمّ ورث صلاح الدين الوزارة بعد وفاة عمه في عام 1169م، وأصبح من الواجب عليه الدفاع عن مصر ضد هجمات الصليبيين القادمة من القدس، كما واجه صعوبة كبيرة في التحكم في الجيش المصري الذي كان يقوده باسم الخليفة الفاطمي العاضد، وكانت الخلافة الفاطمية شيعية، بينما كان صلاح الدين وقواته القادمة من سوريا من أهل السنة، إلا أنّ وفاة الخليفة العاضد في 1171م سهلت الأمور على صلاح الدين، حيث أمر الأئمة في المساجد بالدعوة للخليفة العباسي المستضئ في بغداد، وبذلك انتقلت البلاد رسمياً إلى الخلافة العباسية وأصبح صلاح الدين يحكم مصر باسم السلطان نور الدين محمود، وعمل صلاح الدين منذ ذلك الوقت على إعادة تنظيم وتشكيل القوة العسكرية المصرية وتنشيط موارد الدولة استعداداً للاستقلال عن الدولة السلجوقية، وبوفاة السلطان نور الدين محمود في 1174م أعلن صلاح الدين نفسه سلطاناً على مصر دون التبعية للسلاجقة وأسس الدولة الأيوبية التي امتدت من اليمن وحتّى المغرب العربي، والتي وضعت الأسس الأولى لإيقاف الحملات الصليبية وإخراج الصليبيين من الشرق للأبد.[3]
جهاد صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين
اتبع صلاح الدين الأيوبي استراتيجية ذكية للغاية في الجهاد ضد الصليبيين، حيث اعتمد على الاستغلال المادي للقوات الإسلامية بتوظيف أكبر قدر ممكن من الجنود في المعركة عن طريق اتباع أساليب عسكرية جديدة، بالإضافة إلى الشحن المعنوي للجنود ولعامة المسلمين، وحثِّ العلماء والخطباء على بث الحماس في قلوب المسلمين بنشر ثقافة الجهاد وتذكيرهم بالمسلمين الأوائل الذين استطاعوا من خلال الجهاد غزو نصف العالم تقريباً، وبحلول عام 1187م، وهو عام موقعة حطين كان القوات الإسلامية قادرة على مواجهة الجيوش الصليبية من حيث القوة العسكرية إلى جانب الحماس الشديد للجهاد الذي حمله المسلمون لتحرير بيت المقدس،[4] كان صلاح الدين قد أعلن هدنة مع الصليبيين في عام 1178م بعد هزيمته في موقعة تل الجزر، وبعد عام عادت المناوشات بين القوات الصليبية والقوات الإسلامية حيث حاول الصليبيون قطع خطوط التجارة والمواصلات الإسلامية بالإغارة على القوافل التجارية وقوافل الحج، وكان على رأسهم رينالد أوف شاتيون (بالإنجليزية: Raynald of Chatillon) أمير قلعة الكرك التي حاصرها صلاح الدين في عام 1184م، ورد رينالد على ذلك الحصار بنهب قافلة حجاج مسلمين في العام التالي، وتشير بعض الروايات أنّ إحدى ضحايا تلك القافلة كانت أخت صلاح الدين.[3]
موقعة حطين
يشير المؤرخون إلى معركة حطين التي وقعت بالقرب من بحيرة طبرية على أنّها نقطة التحول الأهم في الصراع الصليبي الإسلامي، والسبب الأهم في إخراج الصليبيين من الشرق، وكان صلاح الدين قد تحرك بقواته لخوض معركة فاصلة ضد القوات الصليبية وعسكر بالقرب من بحيرة طبرية، وقد أسفرت تلك التحركات عن استفزاز القوات الصليبية وأمر ملك بيت المقدس جاي لوزينان بالتحرك لملاقاة صلاح الدين، فتحرك خمسون ألف جندياً على رأسهم ريموند الثالث، وفي الطريق إلى طبرية عاجلهم المسلمون بهجمات خاطفة أنهكتهم، وفي اليوم التالي حاول الصليبيون التقدم ناحية بحيرة طبرية للاستفادة من الماء حيث كان المسلمون في انتظارهم، فحاصروا القوات التي كان على رأسها ريموند الثالث ودارت معركة شديدة خسر فيها الصليبيون أغلب جنودهم وأسر بقيتهم، واستطاع ريموند الهرب بينما أسر ملك بيت المقدس وأخيه، ورينالد أوف شاتيون، والعديد من الفرسان الداوية والإسبتارية وهم جماعات من الفرسان الصليبيين المتطوعين.[5]
ما بعد حطين
استعاد صلاح الدين مدينة القدس من أيدي الصليبيين بعد ثمانية وثمانون عاماً من احتلالها بعد السماح لهم بالخروج مقابل فدية، وقد سمح صلاح الدين لغير القادرين بالخروج دون دفع تلك الفدية، ووقعت معظم المدن التي احتلها الصليبيين في أيدي المسلمين مرة أخرى ماعدا مدينة صور، وفي عام 1191م أرسل الأوروبيون حملة صليبية بقيادة الملك الإنجليزي ريتشارد الأول، وكانت علاقة صلاح الدين بريتشارد تحمل الكثير من الاحترام المتبادل، فقد بادر صلاح الدين بإرسال طبيبه الخاص لعلاج الملك الإنجليزي عند إصابته في إحدى المعارك، كما أرسل إليه الفواكه الطازجة والثلج، وفي المقابل اقترح ريتشارد على صلاح الدين زواج اخته من شقيق صلاح الدين على أن تكون بيت المقدس هدية زفافهما، لكن صلاح الدين لم يوافق، وانتهت الحملة بعقد صلح الرملة الذي نص على أن تبقى المدينة تحت حكم المسلمين على أن تكون مفتوحة للحجاج المسيحيين، مع تقليص التواجد الصليبي على الساحل من صور إلى يافا، وتوفى صلاح الدين بعد عام من صلح الرملة في دمشق في 1193م.[3]
المراجع
- ↑ "Salahuddin Ayyubi (Saladin)", whyislam,31-8-2014، Retrieved 10-9-2018. Edited.
- ↑ "صلاح الدين الأيوبي"، islamstory، 13-12-2010، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "Saladin", newworldencyclopedia,10-8-2015، Retrieved 10-9-2018. Edited.
- ↑ Paul E. Walker, "Saladin"، britannica, Retrieved 10-9-2018. Edited.
- ↑ "معركة حطين.. وما بعدها"، islamstory، 15-3-2011، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2018. بتصرّف.