صفات سيدنا يوسف
قصة يوسف عليه السلام
وردت قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم في سورة كاملة وهي سورة يوسف، وقد نزلت هذه السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، ويرجع السبب في نزولها إلى أن اليهود التقوا بجماعة من كفار قريش وتباحثوا معهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منهم أن يسألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن سبب انتقال آل يعقوب من الشام إلى مصر، فنزلت السورة، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر يوسف عليه السلام فقال: (الكريمُ ، ابنُ الكريمِ ، ابنِ الكريمِ ، ابنِ الكريمِ ، يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السَّلامُ).[1][2]
تدور أحداث قصة يوسف عليه السلام حول رؤيا يوسف عندما كان طفلاً صغيراً، حيث رأى أحد عشر كوكباً والشمس القمر يسجدون له، فأخبر يوسف والده بالرؤيا، فنصحه بإخفائها عن إخوته، حيث كان له أحد عشر أخاً، وكان يوسف عليه السلام أحبهم إلى أبيه، فوقع الحسد في قلوب إخوته، وقرروا أن يلقوه في بئر بعيد، ففعلوا ذلك وادّعوا أن ذئباً قد أكله، ثم وجده بعض التجار وباعوه في مصر ببعض الدراهم، فاشتراه ملك مصر، وأمر زوجته برعايته، ولما كبر يوسف وشب راودته زوجة الملك عن نفسه، ولكنه رفض ذلك رفضاً قاطعاً، فدبّرت له مكيدة دخل على إثرها السجن، ثم برّأه الله تعالى من ذلك، وخرج من السجن، وعينه الملك ليدبر اقتصاد مصر خلال سنوات القحط، فنجح بذلك، واجتمع شمله بوالديه وإخوته وتحققت رؤيته.[2]
صفات سيّدنا يوسف عليه السّلام
ذكر الله تعالى قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم، وبيّن فيها المراحل والمواقف التي مرّ بها نبي الله عليه السلام، والعديد من صفاته التي تميز بها، ومنها:[3]
- العلم: فقد كان يوسف عليه السلام قائداً ربانياً أتاه الله العلم من لدنه، مصداقاً لقول الله تعالى: ( وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيناهُ حُكمًا وَعِلمًا وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ).[4]
- الصبر: وهو ما أدى به إلى التمكين، إذ لم يتمكن إلا بعد الابتلاء الشديد وصبره عليه، وقد امتُحن يوسف عليه السلام في الكثير من المواقف خلال حياته وصبر على ذلك، فكانت النتيجة تمكينه في الأرض، كما قال تعالى: (وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيوسُفَ فِي الأَرضِ).[5]
- العفة والبعد عن السوء والفحشاء: حيث ضرب يوسف عليه السلام أروع الأمثلة في العفة واجتناب الفاحشة، فعلى الرغم من كثرة المبررات للوقوع في الفاحشة إلا أنه لم يقع فيها ولم يقترب من مقدماتها، فعندما راودته امرأة العزيز كان يوسف عليه السلام شاباً قوياً، أعزباً لا زوجة له تكسر حدة شهوته، غريباً بعيداً عن أهله ووطنه، وكانت امرأة العزيز ذات منصب وجمال، وهي من طلبت منه، وأرادته، وكل ذلك في بيتها وتحت سلطانها، وقد صرحت ليوسف عليه السلام بذلك، فرفض رفضاً قاطعاً، مصداقاً لقول الله تعالى: ( وَراوَدَتهُ الَّتي هُوَ في بَيتِها عَن نَفسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبوابَ وَقالَت هَيتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّـهِ إِنَّهُ رَبّي أَحسَنَ مَثوايَ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظّالِمونَ)،[6] فلم تيأس امرأة العزيز واستمرت بالمحاولة، بل استعانت بأئمة المكر والاحتيال، حيث دبرت لقاءً مع بعض النساء حتى يرينه، وشكت إليهن حالها، واستعانت بهن على يوسف عليه السلام، فاستعان هو بالله عليهن، ثم هددته بالسجن والصغار إن لم يرضخ لما تطلبه منه، فكان جوابه: (رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدعونَني إِلَيهِ وَإِلّا تَصرِف عَنّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِنَ الجاهِلينَ)،[7] فاستجاب الله تعالى دعاءه فصرف عنه كيدهن.
- الاعتراف بالفضل لأهله: حيث كان يوسف عليه السلام كلما وُفق بأمر ما، أو أصابته نعمة، أو رُزق بصفة ترفع من مكانته عزى الفضل لله تعالى، كما في قول الله تعالى على لسان يوسف: (رَبِّ قَد آتَيتَني مِنَ المُلكِ وَعَلَّمتَني مِن تَأويلِ الأَحاديثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَنتَ وَلِيّي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ تَوَفَّني مُسلِمًا وَأَلحِقني بِالصّالِحينَ)،[8] وعندما راودته امرأة العزيز واجتنبها تذكر إحسان سيده إليه واستعاذ بالله من مقابلة إحسان الرجل إليه بالفاحشة بأهله.
- العفو عند المقدرة: فعلى الرغم مما فعله إخوة يوسف عليه السلام معه، إلا أنه عفا عنهم عندما قدر عليهم، مصداقاً لقول الله تعالى على لسان يوسف: (قالَ لا تَثريبَ عَلَيكُمُ اليَومَ يَغفِرُ اللَّـهُ لَكُم وَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ).[9]
- الإحسان: يُعرف الإحسان على أنه مرتبة متقدمة من الإيمان وهي أن يعبد العبد الله كأنه يراه، وبصفة عامة يمكن القول إن الإحسان هو إتقان العمل على أتم وجهه وأحسنه، وقد وصف الله تعالى نبيه يوسف عليه السلام بالإحسان في أربعة مواضع من سورة يوسف تأكيداً على أن صفة الإحسان من الصفات المتأصلة في يوسف عليه السلام.
- بر الوالدين: كان يوسف عليه السلام من أبر الناس بوالديه، ومن صور برّه لهما أن أجلسهما على كرسي الحكم تعظيماً لقدرهما، وتكريماً لهما، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَرَفَعَ أَبَوَيهِ عَلَى العَرشِ).[10]
جمال يوسف عليه السلام
أعطى الله تعالى يوسف عليه السلام جمالاً لم يعطه لأحد من البشر، حيث فضله بشطر الحسن على كل بني آدم، ودل على ذلك ما ورد في حديث الإسراء والمعراج، حيث روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثمَّ عَرَجَ بي إلى السَّماءِ الثَّالثةِ، فاستفتَح جِبْريلُ، فقيل: مَن أنتَ؟ قال: جِبْريلُ، قيل: ومَن معكَ ؟ قال: مُحمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قيل: وقد بُعِثَ إليه ؟ قال: قد بُعِثَ إليه، ففُتِحَ لنا، فإذا أنا بيُوسُفَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذا هو قد أُعطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ).[11][12]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3382 ، صحيح.
- ^ أ ب "قصة يوسف عليه السلام في القرآن"، articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "يوسف عليه السلام.. النبي القائد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية: 22.
- ↑ سورة يوسف، آية: 19.
- ↑ سورة يوسف، آية: 23.
- ↑ سورة يوسف، آية: 33.
- ↑ سورة يوسف، آية: 101.
- ↑ سورة يوسف، آية: 92.
- ↑ سورة يوسف، آية: 100.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 162 ، صحيح.
- ↑ "ما صحة حديث : ( يوسف أجمل مني خلقا وأنا أجمل منه خلقاً ) ."، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2018. بتصرّف.