أهمية علم الآثار
تعريف علم الآثار
علم الآثار (بالإنجليزية: Archaeology): هو العلم الذي يهتم ويبحث في الآثار التي تمثل بقايا النشاط الإنساني القديم، ويهدف إلى تكوين صورة كاملة عن نمط الحياة اليومية التي عاشها الإنسان منذ القدم، وذلك عن طريق دراسة تاريخ البشرية والبحث في البقايا المادية، والثقافية، والفنية للإنسان القديم. وكان أول من استخدم مصطلح "Archaeology" هو المؤرخ الإغريقي "ديونيسيوس الهاليكارناسي"، حيث ذكر هذا المصطلح في عنوان كتابه "الآركيولوجيا الرومانية" الذي شرح فيه تاريخ روما وآثارها وحروبها القديمة. وفيما بعد أُهمل مصطلح "علم الآثار" إلى أن جاء القرن السابع عشر الميلادي ليُعاد استخدامه، حيث ذكره المؤرخ الفرنسي "جاك سبون" في كتابه "مزيج من علوم الآثار" الذي شرح فيه التاريخ والناحية الفنية للأبنية القديمة. وذكر قاموس أكسفورد الإنكليزي معانٍ لمصطلح "Archaeology"، فقد عرّفه بأنه التاريخ القديم بصفة عامة، كما عرّفه بالدراسة العلمية لآثار عصور ما قبل التاريخ، أما الموسوعة البريطانية فقد عرّفت علم الآثار بأنه: (مجموعة الدراسات والأبحاث التي تتناول آثار النشاط الإنساني القديم منذ أول الأشياء التي صنعها الإنسان سواء كانت أدوات بسيطة أم آلات معقدة)، وقد ربط بعض الباحثين علم الآثار بعلم الإنسان (الأنثروبولوجي)؛ لأن الأساس الذي يقوم عليه علم الآثار هو دراسة آثار النشاط الإنساني وكل ما له علاقة بالإنسان ونمط حياته في الماضي. وعبر المفاهيم السابقة لمصطلح علم الآثار تم التوصل لمفهوم شامل لهذا المصطلح، حيث عُرَف بأنه علم السجلات الصامتة الذي يدرس حياة الإنسان القديم منذ عيشه في الكهوف إلى السكن في السهول، ومن ثم قيام الحضارات الحديثة بغض النظر عن الجنس أو العِرق، عن طريق دراسة الآثار والوثائق التي تركها، والتي تبين طبيعة تفاعله مع البيئة المحيطة به.[1]
أهمية علم الآثار
يهتم علم الآثار بدراسة وتحليل الأصول المادية لحضارة الإنسان القديمة عن طريق استقراء الشواهد المادية والفكرية للعصور المتعاقبة عبر التاريخ، كما يقوم باستخلاص القيم الثقافية، والعلمية، والجمالية للآثار التي تركها الإنسان خلال ممارسة الأنشطة المختفة. ويغطي علم الآثار فضولنا وتفكيرنا وتخيلاتنا حول أسلوب الحياة في الماضي، ويتيح لنا فرصة عيش الحياة اليومية للإنسان القديم عن طريق دراسة آثارهم الباقية، ولا يكتفي علم الآثار بتحليل، ومعرفة، واستقراء الآثار، بل يقوم بالتحقق من المعلومات التي استنتجها من دراسة وتحليل الآثار المكتشفة، كما يسعى إلى حل ألغاز الحضارات القديمة وطلاسمها وخاصة تلك التي ما زالت آثارها مبهمة وغير مفهومة إلى وقتنا الحالي. على سبيل المثال، في عام 1985م قام الدكتور روبرت بولارد بتحديد موقع حطام سفينة التايتنك التي غرقت في شمال المحيط الأطلسي عام 1912م والتي أدت إلى مقتل ما يقارب 1500 شخص من ركابها وأفراد طاقمها، حيث استخدم بولارد جهاز السونار لتحديد موقع الحطام، واستطاع بمساعدة علم الآثار والكاميرات ذات التحكم عن بعد استكشاف حقائق عن غرق السفينة مثل اكتشاف أن السفينة قد انكسرت إلى قطعتين كبيرتين أثناء غرقها وإلى وجود مئات القطع الأثرية على متنها. كما تشمل الآثار المغمورة بالمياه على مخيّمات الصّيد في الجرف القاري لخليج المكسيك وأجزاء من مدينة الإسكندرية في مصر القديمة والتي غُمرت بالمياه؛ بسبب حدوث الزلازل، وارتفاع مستوى مياه سطح البحر.[2][1]
أسس دراسة علم الآثار
يستند العلماء في دراسة علم الآثار على قاعدتين أساسيتين لا يمكن الفصل بينهما، وهما:[1][2]
- المنهج العلمي والميداني لعلم الآثار: عن طريق التنقيب الأثري والبحث عن الآثار واستخراجها من باطن الأرض، لاستخدام المعلومات منها وإدخالها في العلوم التطبيقية والعلمية، حيث يهتم علم الآثار بدراسة الآثار المستخرجة وإجراء صيانة، وحفظ، وعرض متحفي لها، كما يقوم العلماء بطرح الأسئلة ووضع الفرضيات واستخدام الأدلة لاختيار موقع الحفر، ثم يستخدمون تقنيات أخذ العينات العلمية لتحديد مكان الحفر. وتعد عملية التنقيب عن الآثار المدفونة الحلقة المركزية في مجال البحث الأثري والأساس الذي يقوم عليه تحليل أسلوب الحياة القديمة.
- الجانب النظري والأكاديمي: ويعتمد هذا الجانب على التحليل والتفسير والدراسة بالمقارنة مع زمان كل قطعة أثرية يكتشفها؛ ليشخص نوع الحياة التي كان يعيشها الإنسان قديماً، حيث يهتم علم الآثار بدراسة الآثار عن طريق طرق أكاديمية علمية وبحثية؛ لاستنباط أكبر قدر من المعلومات حول طبيعة الحياة القديمة ومعرفة نمط تطور الحضارات القديمة والتغيرات الحاصلة بفعل نشاط الإنسان القديم وتفاعله مع البيئة المحيطة به.
وفي الوقت الحالي يجمع علم الآثار كلا الجانبين ضمن المنهج الأكاديمي، حيث يستعرض علم الآثار نظرياً وتطبيقياً كل الممارسات الإنسانية عن طريق دراسة عينات الآثار الباقية لتلك الممارسات.
تطور علم الآثار
تطور علم الآثار تطوراً واضحاً خلال القرن العشرين وما بعده، حيث ساعد علم الآثار في أوائل القرن العشرين على الكشف عن الحفريات التي أجريت في منطقة موهيجو في الباكستان عن وجود حضارة إندوس التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وفي أواخر العشرينات من القرن العشرين، أسفرت الحفريات التي أجريت في مدينة "آن يانغ" في شرق الصين عن وجود ثقافة صينية تعود إلى فترة ما قبل التاريخ. كما توصل عالم الآثار الكيني لويس ليكي إلى وجود أدوات حجرية وبقايا عظمية للإنسان القديم تعود إلى ما يقارب 2 مليوني سنة في دولة تنزانيا، وشهد القرن العشرين أيضاً زيادة كبيرة في المعرفة الأثرية حول أمريكا في عصور ما قبل التاريخ.[3]
المراجع
- ^ أ ب ت عمر جسام العزاوي، موجز علم الآثار، لبنان-بيروت: دار الكاتب العلمية، صفحة 12-13-14-19-20-22-23. بتصرّف.
- ^ أ ب "Disciplines of Archaeology", www.nationalgeographic.org, Retrieved 5-5-2018. Edited.
- ↑ "Developments in the 20th century and beyond", www.britannica.com, Retrieved 5-5-2018. Edited.