أهمية الوطن وواجبنا نحوه
أحبّ الأشياء إلى النفس وأقربها إلى الفؤاد هي الأوطان؛ فالوطن لمعظم الناس هو مسقط الرأس وَمرتع الطفولة والصبا والشباب ودفء الكهولة واجتماع الأخلاء والأحباب. الوطن ربما هو الشيء الوحيد الذي يكون المرء على استعداد أن يبذل الغالي والنفيس من أجله. كما وأن الوطن يفترض بأن يمنح المرء شعورا بالأمان والاستقرار، شعورا بالبناء والتضحية، مما يجعله يرى الوطن كأفضل ما يكون حتى وإن كانت باقي الأوطان توفر من الخيرات وسبل العيش ما يفوق امكانيات الوطن.[1]
عندما يعي المرء هذه المعاني وتترسخ في ذهنه سيجد بأن ارتباطه يبقى وثيقاً بوطنه حتى وإن ابتعد وغاب عنه لسنوات.. فقد قال الشاعر أبو تمَّام قديماً:وكم من منزلٍ في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل[2]
معنى كلمة الوطن
وَطَنَ، يَطِنُ، وَطْناً، كلمة تدل على المكان الذي يقيم فيه الإنسان ويتربّى فيه وينتمي إليه حتّى لو لم يولد به أو يتربى به فيُسمّى من يسكنه وَاطِن والبقعة الّتي يسكنها وينتمي إليها مَوطِناً أو وَطَناً، وجرت العادة أن يتم استخدام كلمةٍ مرادفةٍ للوطن وهي الوَطن الأم أو الوَطن الأصليّ.[3]
ومن المهم أن نعلم معنى الوطن اصطلاحاً؛ ومعناه المكان الذي تسكنه مجموعة من الناس ويشعر المرء بارتباطه بهم وانتمائه الروحي والوجداني بهم. أو يمكن أن يقال له بأنه البقعة من الأرض التي تولد وتستقر عليها جماعة من الناس بحيث تكون تلك البقعة بيئة حاضنة لهم.[4]
أهمية الوطن
عندما نريد معرفة أهمية الوطن، علينا أن نعرف بداية ما قيمة الإنسان بلا وطن؟وإجابة هذا السؤال تتجلى بقول الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش:لعلكم أحياءلعلكم أمواتلعلكم مثلي بلا عنوانما قيمة الإنسانبلا وطنبلا علمودونما عنوان؟![5]ولأننا لا نستطيع حصر أهمية الوطن بمئات الصفحات سنكتفي بتسليط الضوء على بعض الجوانب الهامة من كون المرء ينتمي لوطن يبذل كل ما بوسعه لأجله:
- الوطن هو رمز الهوية والإنتماء والعِزَّة والفخر والكرامة.
- امتلاك الحقوق الكاملة للمواطن مثل حق الانتخاب، وحقّ امتلاك العقارات والأراضي، وحقّ العيش الكريم، وحقّ ممارسة الشعائر الدينيّة والطقوس والعبادات، وممارسة التقاليد والعادات الحميدة في إطار ما هو مقبول.
- الوطن هو الحنين الفطريّ إلى هذا المكان دون غيره حتى لو عاش المرء غريباً أو مهاجراً أو لاجئاً أو منفيّاً عن وطنه طوال عمره.[6]
واجبنا تجاه الوطن
لو أخذنا المنزل كصورة مصغرة للوطن، فستنجلي الأمور إلى حد بعيد؛ ففي المنزل نجد بأن أفراد الأسرة يتعاونون فيما بينهم من أجل الحفاظ على نظام ونظافة منزلهم. فتجد حتى الأطفال عندما يعتادون على النظام، تجدهم يحرصون على إعادة ترتيب أسرتهم صباحا وإعادة كل ما يستخدمونه إلى مكانه نظيفا مرتبا كالأكواب والملاعق وما شابه. والوطن الكبير لا يختلف كثيرا بهذا الجانب، فالحفاظ على نظامه مسؤولية تقع على كافة المواطنين بحيث يراعون مسألة الحفاظ على الممتلكات العامة كعدم الاعتداء على الرصيف المخصص لسير الناس والحفاظ على نظافة الشوارع بعدم إلقاء القاذورات، كما ويجب الحفاظ على المرافق العامة في المتنزهات وغيرها بحيث يتمكن المرء من عكس صورة إيجابية عن وطنه أمام العالم أجمع.
- حماية الوطن ضدّ أي خطرٍ أو عدوانٍ داخليّاً أو خارجيّاً.
- المحافظة على مُقدَّرات الوطن وممتلكاته العامّة من مرافق ومبانٍ.
- المساهمة في تقدّم الوطن وازدهاره والعمل على محاربة كل فسادٍ، والتعاون فيما بين المواطنين للرقيّ بالوطن عِلماً، واقتصاداً، وسياسةً، وطِبّاً، وبحثاً علميّاً.
- وعي المواطن بأنه حر في وطنه لكن حريته تلك مضبوطة بقواعد هامة كعدم التعدي على الآخرين باسم الحرية، وكاحترام معتقدات الآخرين الدينية والسياسية.
- الحفاظ على موارد الوطن الطبيعية، كالماء، وعدم إهدارها بأي شكل من الأشكال.
- المشاركة بالنشاطات التطوعية التي تخدم المواطنين.
- الحفاظ على القوانين المتبعة في الوطن واعتبارها جزءاً أساسياً لحياة خالية من العقوبات، كالحفاظ على قوانين السير وعدم مخالفتها.[7]
- أن يكون كل مواطنٍ نموذجاً في الإخلاص للوطن كلٌ حسب موقعه، الطالب في مدرسته، والموظف في وظيفته، وربّة المنزل في بيتها؛ بحيث نؤدي العمل بأمانة وعلى الوجه المطلوب، وأن نكون عوناً لبعضنا البعض في أداء الخدمة المجتمعيّة.
- طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه والحفاظ على أمن وأمان الوطن من المتربصين.
- على الأثرياء ورجال الأعمال من أبناء الوطن سواءً في داخل الوطن أو خارجه استثمار أموالهم في الوطن ممّا يؤدي إلى انتعاش الاقتصاد الوطنيّ وتوفير فرص عملٍ للشباب وتحسين مستوى المعيشة.
- يقع على عاتق الشباب والشابات الانخراط في العمل التطوعي ّخدمةً للوطن ومساندةً للمواطنين مثل: العمل التطوعيّ في دور المسنيين، أو حملات التوعية في المدارس والشوارع العامّة بضرر أمرٍ ما، وحملات مساعدة الفقراء والمحتاجين وحملات النظافة للأماكن العامّة وحملات المساعدة في إعطاء دروس تقويةٍ للطلاب ذوي الدخل المحدود أو الأيتام وغيرها الكثير من الأعمال التطوعيّة.[8]