-

ما هي صحف ابراهيم عليه السلام

ما هي صحف ابراهيم عليه السلام
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الرسل والأنبياء

لا يستطيع العقل البشريّ عبادة الله تعالى على الوجه الذي يريده، وتنظيم المجتمع وأفراده على التشريع المناسب الذي أقرّه الله تعالى، ولكن ليتمّ ذلك أرسل الرسل والأنبياء وأنزل معهم الكتب لتكون حجة على صدقهم، كما أراد الله -تعالى- أيضاً أن يجمع الناس على رجل واحد ودين واحد، ليكونوا متماسكين ومترابطين على عقيدة راسخة وإيمان قويّ، ليحصل الصلاح للناس، وحتى يُصدّقوا الأنبياء أيّدهم الله تعالى بالمعجزات، والأدلّة، والبيّنات التي تبيّن صدق الأنبياء والرسل، فهي من أعظم الآيات التي يُؤيَّد بها الأنبياء ما شاع في عصرهم من مهارات أو قدرات يمتلكها الناس، وعليه فيمكن تعريف المعجزة على أنّها اصطلاح على أمر مخالف للعادة الكونيّة، خارق لعادة الناس، بحيث يكون سالماً من المعارضة، يجريه الله تعالى على أيدي الرسل تأييداً وتصديقاً لهم، وبياناً بقدرة الله تعالى، الأمر الذي يشعرهم بالأمان والاطمئنان لصحة وصدق الرسالة دون أيّ شك، ويشار إلى أنّ رحمة الرسل تعدّ من الحكم العظيمة لمعجزات الرسل، لتساعد على تقبّل الرسالة، وإقناع الناس دون معارضة منهم إلا أن تكون معارضتهم كفراً وجحوداً.[1]

صحف إبراهيم عليه السلام

الصحف اسم جمع والمفرد منه صحيفة، وتُطلق أيضاً على الكلام الذي في الصحيفة، تدل على الشيء المبسوط من الجلد، أو من الورق، أو من أيّ شيء آخر يُستخدم للكتابة عليه،[2][3] أمّا صحف إبراهيم عليه السلام فهي ما أنزله الله تعالى على نبيه إبراهيم، أُطلق عليها اسم الصحف، امتلأت بالكثير من الحكم، والعبر، والمواعظ كما نص على ذلك أهل العلم، وقد ورد ذكرها كثيراً في القرآن الكريم إمّا بشكل مجمل، أو بشكل بيّن وواضح، أنزلها الله تعالى في أول ليلة من ليالي شهر رمضان، حيث روى الصحابيّ واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ)،[4][5] ومن الجدير بالذكر أنّ صحف إبراهيم عليه السلام تعدّ من الكتب السماوية التي أنزلها الله تعالى للناس، لتكون له دليل الهداية والصلاح ممّا يوجب الإيمان بها دون البحث عن طبيعتها من حيث صناعتها والمادة التي صنُعت منها؛ حيث تعدّ من الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله، علماً أن ذلك لا يؤثّر في الإيمان بها.[3]

ولا بد من الإشارة إلى أنّ جميع كتب الأقوام السابقة كانت تشريعاتها وأحكامها تناسبهم من حيث أنّها لم تكلّفهم بشيء لم يأت به الرسول الذي أنزل إليهم، كما أنّها محددة بفترة زمنيّة معيّنة مختصّة بزمن الرسالة فقط، فيمكن القول بأنّها الشريعة تنسخ الرسالة التي ستأتي بعدها، وقد كانت آخر الرسالات التي أُنزلت هي ما أُنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الكريم الذي نصّ على الكثير من الأحكام والأوامر التي كُلّف بها المسلمون، ولكن في المقابل لم يكلّفوا بما جاء في الشرائع السابقة بشيء؛ لأنّها خاصة بالأقوام التي نزلت فيهم، هذا بالإضافة إلى أنّها تعرّضت للكثير من التحريف والتبديل، حيث صرّح بذلك القرآن الكريم، وبالنسبة لمكانها فلا يوجد خبر صحيح يدلّ على مكان وجود صحف إبراهيم عليه السلام، أو عمّا جاء فيها من أحكام وتشريعات، ولكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أمر باتّباع ملة إبراهيم عليه السلام بما جاء فيها من عقائد وتوحيد لله تعالى، ولكن يشار إلى أنّ القرآن الكريم جاء شاملاً لكلّ ما يتعرّض له الناس في حياتهم، وعليه فلا حاجة لمعرفة الأحكام التي وردت في صحف إبراهيم عليه السلام، حيث قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).[6][7]

دعوة إبراهيم عليه السلام

منح الله تعالى إبراهيم عليه السلام الحجة البالغة ليحاجج قومه على عبادة الكواكب، والنجوم، والأصنام التي على هيئتها، ويدحض دعوى النمرود، فبدأ دعوته بالقول الحسن، والنصيحة، والإرشاد، والقول بالمعروف، وقد بيّن لهم أنّ التماثيل والأصنام التي يعبدونها إنّما هي إفك وكذب إذ لا تملك لهم أيّ نفع ماديّ أو معنويّ، وأخبرهم بأنه رسول الله تعالى أرسله ليدعوهم إلى عبادته، وبيّن لهم أنّ مصير من يكذّب بدعوته كمصير الأقوام التي سبقتهم، إلا أنّ قوم إبراهيم عليه السلام لم يصدّقوه وأصرّوا على كفرهم عناداً وجحوداً واستكباراً، فلم يؤمن قوم إبراهيم بالقول الصالح، والنصيحة، والإرشاد، لذا أرشده الله تعالى لأسلوب جديد لإقناع القوم باستخدام المنطق العقليّ المبنيّ على البرهان العلميّ القائم على عدّة أسس، منها: إعطاء العقل فرصة للتفكير بعيداً عن التعصّب والعناد، واللجوء إلى الحقائق الكونيّة الواضحة للإنسان بحيث لا يستطيع إنكارها، والتدرّج مع الأقوم للوصول إلى الحقّ دون إفحامهم وهزيمتهم.[8]

ومن الأساليب التي استخدمها إبراهيم عليه السلام في دعوة قومه أسلوب البرهان المعاكس، ويكون ذلك بفرض ضدّ ما يراد إثباته؛ حيث إنّ الكواكب والنجوم التي يعبدها قوم إبراهيم ترى أنّ الله تعالى الذي خلقها لا يستطيع أيّ أحد أن يراه، إلى جانب كونها تظهر وتختفي والله تعالى ليس كذلك، وممّا يدلّ على وجوب عبادة الله تعالى أنّ القمر، والكواكب، والنجوم مخلوقات والمخلوق لا بدّ له من خالق والخالق هو الله تعالى، وهي أيضاً أشياء تبقى محدودة مهما كبُرت والله تعالى لا يحدّه أو يحيطه شيء، كما وصف الله تعالى دين إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم بأنه دين حنيف؛ أي أنّه دين الحق والصواب.[8]

المراجع

  1. ↑ "حكمة إرسال الرسل"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2018. بتصرّف.
  2. ↑ "تعريف ومعنى صحف"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2018. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "صحف إبراهيم"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2018. بتصرّف.
  4. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن واثلة بن الأسقع، الصفحة أو الرقم: 1497، حسن.
  5. ↑ "ما هي صحف إبراهيم عليه السلام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2018. بتصرّف.
  6. ↑ سورة المائدة، آية: 3.
  7. ↑ "صحف إبراهيم"، fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2018. بتصرّف.
  8. ^ أ ب "إبراهيم عليه السلام أبو الحجة والمنطق (1)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-5-2018. بتصرّف.