ما نتائج فتح مكة
أسباب فتح مكة
إنّ خلاصة الخبر الذي تسبب في سير المسلمين نحو مكة قاصدين الفتح هو غدر كان من بني بكر حلفاء قريش، ومعاونة قريش لهم ضدّ حليف المسلمين بني خزاعة وتقتيلهم في مكّة. وفي التفاصيل أنّه بعد إتمام صلح الحديبية الذي وُقّع بين المسلمين وقريش، كان أحد بنوده أن تنضمّ القبائل العربية إلى حيث تريد بين المسلمين وقريش، فانضمت قبيلة تدعى خزاعة إلى حلف المسلمين، وانضمّت قبيلة بكر إلى حلف المشركين، ولقد كان بين هاتين القبيلتين ثأر قديم. ثم حصلت بعض الخلافات بينهما حتّى رفع بنو بكر السيف على بني خزاعة، فاقتتلوا، ثمّ استنجد بنو بكرٍ بقريش حليفهم، وقد كانوا في مكة، فأقبلت قريش تنجد بني بكر، متناسين العهد بينهم وبين النبي عليه السلام، فقتلوا من بني خزاعة، ولحقوا بهم حتّى الحرم. ولم يلبث أن وصل الخبر إلى النبي -عليه السلام- فعلم بخيانة قريش ونقضهم العهد، وخافت قريش خوفاً شديداً، ونظّموا الاجتماعات الطارئة التي تنظر على عجل ماذا سيقولون للنبي -عليه السلام- حين تصله الأخبار، وهم يعلمون أن النبي والمسلمين قد ازداد عددهم وحلفاؤهم، وتنامت قوّتهم. فبدأ الاضطراب يدبّ فيهم.[1]
ورأت قريش وعلى رأسها أبو سفيان أنّ أفضل حلّ لما وقعوا فيه من زلل أن يذهب بنفسه إلى النبي -عليه السلام- يُخبره أنّه يريد أن يجدد العقد من جديد، ويزيد في مدّة الهدنة المذكورة في الصلح، فأخبر أبو سفيان النبي -عليه الصلاة والسلام- بمراده، فسأله النبي -عليه السلام- عن هدفه حقاً من قدومه من مكة إلى المدينة، فأكّد له صدقه وصفاء نيّته، فلم يعط النبي -عليه السلام- أي إشارة لأبي سفيان بالموافقة على تجديد العهد وتمديد مدة الصلح. فذهب أبو سفيان إلى ابنته أم حبيبة رضي الله عنها، وهي زوجة النبي -عليه السلام- ظاناً أنها ستشفع له عند زوجها، لكنّها رفضت أن تعطيه مراده، ثمّ قصد أبو سفيان أبا بكر فعمر فعليّ وفاطمة ابنة النبيّ، ورجاهم كلّهم أن يتواسطوا له عند النبي -عليه السلام- لكنّ أحداً لم يفعل، ولم يراجعوا نبيّهم عليه السلام في أمر أبي سفيان.[1]
نتائج فتح مكة
دخل النبي -عليه السلام- مكة فاتحاً بسلام دون قتالٍ يُذكر، كما الخطة التي رسمها عليه السلام في كيفية دخول مكة سلماً قدر الاستطاعة، ولقد حقّق على إثر فتح مكة العديد من النتائج العظيمة، ومنها ما يأتي:[2]
- صعود بلال ربن رباح -رضي الله عنه- سطح الكعبة، والأذان من فوقها معلناً دخول الإسلام مكة المكرّمة، ونزولها تحت السيادة الإسلامية.
- إلغاء ما كان سائداً قبل الفتح من تحالفات أو أحزاب مخالفة للشريعة الإسلامية. وبدء التعاون الجديد على أساس البر والتقوى.
- إعادة بناء المجتمع المكيّ على التوحيد وشريعة الله سبحانه، فوضّح دية القتل وحرّم شرب الخمر وسنّ العديد من الأحكام الشرعية الأخرى، فكان الفتح سبباً لتنفيذ شرائع الله في مكة.
- إقامة الحدّ في المخزومية السارقة، وذلك تأكيداً منه على تحكيم شرع الله في مكة.
- انتشار الإسلام، والأمن والعدالة في مكة، ودخول عدد كبير من المكيّين في الإسلام، خصوصاً لمّا رأوا سماحة الإسلام وصفح النبي -عليه السلام- عن كلّ من أذاه قبل الهجرة، فرغبت نفوسهم في دين الله حتّى دخلوا فيه أفواجاً.
- إزالة جميع الأصنام من حول الكعبة، بل وجعلها تتهاوى أمام الناس حتى تسقط هيبتها من عيونهم، ويرتاحون للدين الجديد الذي أعلنوه توّاً.
- دخول أبي سفيان في الإسلام بعد كلّ سنين العداوة ورفع السلاح أمام النبي عليه السلام.
وقائع فتح مكة
قصد النبي -عليه السلام- مكة المكرمة عازماً على فتحها بعد غدر قريش ونقضها للعهد، ودعا الله -سبحانه- أن يبعد عيون قريش عنه حتّى يصل مكة، وانطلق بعشرة آلافٍ من المسلمين في العاشر من رمضان من السنة الثامنة للهجرة، حتّى بلغوا مر الظهران، فنزلوا فيها بعد العشاء، وطلب منهم النبي -عليه السلام- أن يشعل كلّ منهم ناراً، فلمّا رآها أبو سفيان أدرك أنّ هناك خطباً ما، فخرج يلتمس الخبر، فبلغه أنّه جيش النبي -عليه السلام- على أعتاب مكة، فخرج إلى النبي -عليه السلام- بنفسه يريد أن يكلّمه، فلما رآه النبي -عليه السلام- عرض عليه الإسلام مجدّداً، وفي الرواية أنّه قال له: (ويْحَكَ يا أبا سُفْيانَ، أَلمْ يَأْنِ لكَ أنْ تعلمَ أَنِّي رسولُ اللهِ؟ فقال: ما أَحْلَمَكَ، وما أكرمَكَ وأوْصَلكَ، وأَعْظَمَ عَفْوَكَ، أَمَّا هذه فإنَّ في النَّفْسِ مِنْها حتى الآنَ شيءٌ، قال العباسُ رضيَ اللهُ عنهُ: فقُلْتُ: وَيْلكَ أَسْلِمْ، واشْهَدْ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ قبلَ أنْ تضْرَبَ عُنُقُكَ، فَشَهِدَ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ).[3] فكان إسلام أبي سفيان -رضي الله عنه- حينها.[4]
وفي صباح اليوم السابع عشر من رمضان اتّجه النبي -عليه السلام- وجيشه نحو مكة، داخلين مكبّرين، وخرج أبو سفيان ينادي في الناس أنّ النبي محمّداً -عليه السلام- قد وصل فاتحاً، وأنّه لا يريد قتال أحد، فمن دخل الحرم فهو آمن، ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل بيته فهو آمن، فاختبأ معظم أهل مكة، وبقي قلّة قليلة يريدون قتالاً، فقاتلهم الصحابة وقد كانوا على شكل كتائب قسّمها رسول الله عليه السلام. ثمّ قام نبي الله -عليه السلام- داخلاً مكة، والمهاجرون والأنصار من ورائه، دخلها مطأطئاً رأسه متواضعاً لله تعالى، فوصل الحجر الأسود فقبّله، ثمّ طاف بالبيت، وقام إلى الأصنام يضربها بيده وهو يردّد: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).[5][4]
المراجع
- ^ أ ب "أسباب فتح مكة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-28. بتصرّف.
- ↑ "من آثار فتح مكة .. تثبيت وإرساء قواعد الحكم الإسلامي "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-29. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في المطالب العالية، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4/418، صحيح.
- ^ أ ب "قصة فتح مكة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-28. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 81.