-

لماذا سميت صلاة التراويح بهذا الإسم

لماذا سميت صلاة التراويح بهذا الإسم
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

صلاة التراويح

صلّى النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة التراويح إماماً بالمسلمين، إلّا أنّه خاف وخشي من أن تُفرض عليهم، فأمرهم بأدائها في بيوتهم، وبقي الحال كذلك بعد أن توفي الرسول واستلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه خلافة المسلمين، وعندما انتقلت الخلافة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورأى المسلمين يؤدّون صلاة التراويح على شكل جماعاتٍ متفرّقةٍ في المسجد، ورأى أن يصلّي المسلمون التراويح جماعةً، وجمعهم على إمامٍ واحدٍ، وكان الإمام أبي بن كعب، ومن ذلك الوقت والمسلمين يؤدّون صلاة التراويح جماعةً، واستند عمر بن الخطاب في فعله ذاك إلى ما رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب التراويح، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن صامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيماناً واحتِساباً غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ)،[1] واحتجّ أيضاً ابن الخطاب بأنّ العلّة التي كانت من عدم جمع المسلمين على إمامٍ واحدٍ انتفت، فالخوف والخشية من فرض التراويح على المسلمين زال، كما أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أدّاها جماعةً مع المسلمين، ممّا يعني أنّ صلاة التراويح سنةً عن النبي عليه الصلاة والسلام، والخلفاء الراشدين من بعده، وباجتماع المسلمين في صلاة التراويح على الخير تحقيقٌ للعديد من المصالح والفوائد، من الاستماع للقرآن الكريم، وغيرها من الاستماع للمواعظ.[2]

سبب تسمية صلاة التراويح بهذا الاسم

التراويح في اللغة جمع، والمفرد منها ترويحةٌ التي تعني الراحة لمرةٍ واحدةٍ، فيُقال: روّحت بالقوم ترويحاً؛ أي صليت بهم التراويح، ومن السنن المتعلّقة بصلاة التراويح إطالة القيام والركوع والسجود أيضاً، فكانوا يأخذون قسطاً من الراحة بين الركعات، فكانوا يؤدّون أربع ركعاتٍ، ثمّ يستريحون قليلاً، ثمّ يؤدّون أربع ركعاتٍ أخرياتٍ، ثمّ يستريحون قليلاً، ثمّ يؤدّون ثلاث ركعاتٍ، ولأجل ذلك أطلق عليها مصطلح صلاة التراويح، أمّا صلاة التراويح في الاصطلاح فتطلق على صلاة القيام في شهر رمضان المبارك، التي أجمعت الأمة الإسلامية على مشروعيتها، والدليل في ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث قالت: (أنَّ رسولَ اللِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم خرج ذاتَ ليلةٍ مِن جوفِ الليلِ، فصلى في المسجد، فصلى رجالٌ بِصلاته، فأصبح الناسُ فتحدَّثوا، فاجتمع أكثرٌ منهم فصلَّوْا معه، فأصبح الناسُ فتحدَّثوا، فكَثُرَ أهلُ المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فصلَّوْا بصلاته، فلما كانتِ الليلةُ الرابعةُ، عجَز المسجدُ عن أهله، حتى خرج لصلاةِ الصبحِ، فلما قَضى الفجرَ أقبل على الناسِ فتشهَّدَ، ثم قال: أما بعدُ، فإنه لم يَخْفَ عليَّ مكانُكُم، لكِني خشِيتُ أن تُفْرضَ عليكم، فتَعجِزُوا عنها)،[3] وتجدر الإشارة إلى أنّ صلاة التراويح من السنن المؤكّدة الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وذلك ممّا أجمع عليه العلماء، كما أنّ جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ذهبوا إلى القول بأنّ أداء صلاة التراويح جماعةً في المسجد من السنة، أمّا الحكم بالنسبة للمرأة فأداؤها للتراويح في منزلها أفضل لها من المسجد، ولكن إن خشيت التفريط فيها وعدم أدائها يجوز لها أداؤها في المسجد، بشرط الالتزام بالحجاب الشرعي، وعدم التطيّب، وعدم التزيّن.[4]

بيّن العلماء العديد من المسائل والأحكام المتعلّقة بصلاة التراويح، وفيما يأتي بيان وتفصيل البعض منها:[5]

  • إن تردّد المسلم في أفضلية صلاة التراويح جماعةً مع المسلمين أول الليل أو صلاتها بانفرادٍ آخر الليل، فالأفضل صلاتها جماعةً مع المسلمين، وبذلك يُكتب له أجر قيام ليلةٍ كاملةٍ، وقال الإمام البهوتي في تفصيل ذلك: (وَالتَّرَاوِيحُ بِمَسْجِدٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِبَيْتٍ، لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَةً، كَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ)، وقول بعض الأئمة بأنّ صلاة التراويح في البيت أفضل من أدائها في المسجد، فذلك يخصّص بمن كان حافظاً لبعض أو كلّ القرآن الكريم، ويستطيع أداء الصلاة كاملة في البيت ولا يُخشى عليه من عدم أدائها أو التكاسل أو التهاون فيها، ويشترط في ذلك عدم انقطاع التراويح في المسجد إن صلّى في بيته، وكلّ ما سبق لا يطبّق إن كان المصلّي تتوفّر له الجماعة في الحرم المكي والحرم المدني، وفي تفصيل المسألة قال الإمام الدسوقي المالكي: (ندْب فعلِها في البيوت مشروط بشروط ثلاثة: أن لا تُعطل المساجد، وأن يَنشط لفعلها في بيته، وأن يكون غير آفاقي بالحرمين، فإن تخلف منها شرط: كان فعلُها في المسجد أفضل).
  • إن فاتت صلاة العشاء على المصلّي ودخل المسجد والإمام يصلّي التراويح، فالأولى من المصلّي أن يصلّي مع الإمام بنية صلاة العشاء، وإتمام الصلاة بعد سلام الإمام، وما سبق يفضّل من المسلم مقابل صلاته منفرداً، وأولى أيضاً من إقامة جماعة أخرى، فلا تُقام جماعتين للصلاة في ذات المكان، حتى لا تتداخل الجماعتين مع بعضهما البعض، ويحصل بذلك التشويش في الأصوات وعدم الخشوع في الصلاة، فالراجح عن العلماء فيما ذهبوا إليه جواز المصلّي للفريضة الإتمام بالإمام المتنفّل في صلاته، والدليل على ما سبق ما رُوي أنّ معاذ بن جبل -رضي الله عنه- كان يصلّي العشاء جماعةً مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ يذهب إلى قومه ويصلّي بهم صلاة العشاء أيضاً، وتعتبر نافلةً في حقّه، وفرضاً في حق المأمومين.

المراجع

  1. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2014، صحيح.
  2. ↑ "صلاة التراويح"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 924، صحيح.
  4. ↑ "صلاة التراويح"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "صلاة التراويح.. وقفات فقهية (1)"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.