فوائد صلة الرحم طب 21 الشاملة

فوائد صلة الرحم طب 21 الشاملة

حثّت جميع الشرائع السماوية على صلة الرحم؛ لما لها من عظيم الفضل والأهمية البالغة، فعلى الإنسان أن يحرص على صلة أقاربه والسؤال عنهم وتفقّد أحوالهم، قال الله سبحانه: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ)،[1] ويُقصد بذي القربى أي: "الأرحام عموماً"، وكان نبيّنا المصطفى محمد -صلى الله عليه وسلّم- يوصي ويحثّ بكثيرٍ من الأحاديث بصلة الأرحام والأقارب ويبيّن فضلها العظيم،[2] وتعرّف صلة الرحم في اللغة والاصطلاح بما يأتي:

وحقيقة الصلة هي العطف والرحمة، ففي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ حتَّى إذا فَرَغَ منهمْ قامَتِ الرَّحِمُ، فقالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فَذاكِ لَكِ)،[5] وصلة الله -تعالى- لعباده المسلمين تكون بلطفه -سبحانه وتعالى- بهم، و إنزال رحمته عليهم، ونشر عطفه وإحسانه بينهم، وكذلك الإنعام عليهم بأنواع الخيرات.[3]

فضائل وفوائد صلة الرحم

جعل الله تعالى لصلة الأرحام فوائد وآثاراً كثيرةً تعود على المسلم في دينه ودنياه بالخير، وهي كالآتي:[6]

أقسام الرحم

تنقسم الأرحام إلى ثلاثة أقسام، وبيانها على النحو الآتي:[17]

وتُقدَّم الأم على الأب في البِّر والصلة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لسائله: (مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ)،[20]، ويُقَدم الوالدان على الأولاد، ويليهم الأجداد والجدات، ثم الإخوة والأخوات، ثم بقية المحارم من ذوي الأرحام كالأعمام والعمات، والأخوال والخالات، ثم يُقدم الأقرب فالأقرب في النسب، ويُقدّم من قرابته بكلا الأبوين معاً على من قرابته من جهة أحدهما، ثم يأتي بعد ذلك الرحم غير المحرّم كأولاد الأعمام، وأولاد الأخوال، وأولاد الخالات وغيرهم، ثم من كانت قرابتهم بالمصاهرة*، ثم الجيران، ويُقدّم جاره الذي من أقربائه وإن كان بعيد المسكن على الجار الذي ليس من أقربائه وإن كان أقرب مسكناً.[21]

آداب صلة الرحم

جعلت الشريعة الإسلامية لصلة الرحم مجموعةً من الآداب يجب مراعاتها، وهي كالآتي:[22]

أما الآداب المتعلقة بالزيارة فهي:[22]

القيام بحقوق الأرحام

أولى الإسلام صلة الأرحام أهميةً عظيمةً، وقدّمها على كثيرٍ من الأعمال الصالحة، ومما يدل على ذلك ذكرها مقرونةً في القرآن مع الوصيّة بالتقوى، قال الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ)،[23] فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده بصلة الأرحام بعد أمره لهم بتقواه، ليُبيّن سبحانه أن صلة الرحم إن فعلها الإنسان ابتغاء وجه ربه الكريم وطلباً للأجر في الآخرة فهي من علامات تحقّق التقوى في قلب العبد المسلم، وتُعدُّ صلة الرحم بُرهاناً دالّاً على صدق الإيمان؛ فالواصلون لأرحامهم من أهل الإيمان بالله تعالى، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)،[24] والنبي- صلى الله عليه وسلم- هو أوصل الناس لرحمه، وأتقاهم لربه.[25]

وقد دعا النبي- صلى الله عليه وسلم- قومه في بداية بعثته في مكة المكرمة إلى صلة أرحامهم، وجعلها من واجبات الإيمان وعلاماته، وحثَّ النبي الكريم أمّته على صلة الأرحام، ونهاهم عن قطيعتها، مبيناً سرعة ظهور آثار الصلة أو القطيعة في حياة الإنسان، فذلك مما يُجازى به الإنسان في دنياه، وصلة الأرحام من أحب الأعمال إلى الله تعالى،[25] وللرحم حقوقٌ واجبة لا بد للمسلم من أدائها، وبيان هذه الحقوق على الوجه الآتي:[26]

حكم صلة الرحم

اتفق الفقهاء على أن حكم صلة الرحم هو الوجوب، وأن قطيعة الرحم معصيةٌ كبيرةٌ لله تعالى، وتأتي صلة الرحم على رتبٍ متفاوتةٍ بعضها أعلى من بعض، وأدنى رتبةٍ في الصلة هي ترك الإنسان قطيعة أهله وإعراضه عنهم، ويكون ذلك بالتحدّث إليهم ولو بإلقاء السلام فقط، ولكن اختلف الفقهاء في حد الرحم التي يجب صلتها، وبيان اختلافهم على النحو الآتي:[29]

وبيَّن الله جل جلاله في كتابه الكريم وجوب صلة الرحم، فقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا)،[30] فقد أوصى الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية الكريمة بالإحسان والصلة إلى أهل القُربى من الرجال والنساء على حدٍّ سواء.[31]

قطيعة الرحم

ورد في تعريف قطيعة الرحم لغةً واصطلاحاً ما يأتي:[32]

وتعتبر القطيعة معصيةٌ من كبائر الذنوب، ويتحمل الإنسان من الصلة بحسب قدرته عليها وحسب حاجة الإنسان الموصول إلى ذلك، وتكون الصلة واجبةً تارة، ومستحبةً تارةً أخرى، فلو وصل الإنسان قرابته بعض الشيء لكنه لم يصل إلى غاية الصلة فلا يُسمى قاطعاً، ولكنه لو قصَّر عما يقدر ويتوجّب عليه بذله فإنه لا يُسمى واصلاً للرحم، وتكون قطيعة الرحم بمنع المال والإنفاق، وقد تكون بترك الخدمة والزيارة والسلام، وترك العناية والرعاية وعدم تفقّد أحوال الأرحام،[32] وقد نهى الله تعالى في القرآن عن قطيعة الرحم، فقال جل جلاله: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)،[33] ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- مبيّناً أهمية صلة الرحم ومحذّراً من قطعها: (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ).[34][32]

ولقطيعة الرحم مضارّ كثيرة تعود على القاطع بالسوء في دينه ودنياه، وفيما يأتي بيان أهمّها:[32]

________________________________________________

الهامش

المراجع

  1. ↑ سورة النساء، آية: 36.
  2. ↑ مصطفى العدوي، دروس للشيخ مصطفى العدوي، صفحة 2، جزء 9. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية (1992)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 357، جزء 27. بتصرّف.
  4. ↑ عبدالله بن صالح القصير (1419)، تذكير الأنام بشأن صلة الأرحام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 9. بتصرّف.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2554، صحيح.
  6. ↑ عطية صقر (2006)، موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام الوالدان والأقربون، القاهرة: مكتبة وهبة، صفحة 119-122، جزء 5. بتصرّف.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1904، صحيح.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2067، صحيح.
  9. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1213، إسناده قوي.
  10. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبو أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 467، صحيح.
  11. ↑ عبدالله بن جار الله الجار الله، تذكير شباب الإسلام ببر الوالدين وصلة الأرحام ، صفحة 81. بتصرّف.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6138، صحيح.
  13. ^ أ ب ت ث محمد بن إبراهيم الحمد (2015)، قطيعة الرحم، صفحة 15-19.
  14. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 5987، صحيح.
  15. ↑ سورة الرعد، آية: 21.
  16. ↑ سورة الرعد، آية: 22-23 .
  17. ↑ خالد الخرّاز (2009)، موسوعة الأخلاق (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة أهل الأثر، صفحة 354-355. بتصرّف.
  18. ^ أ ب "تعريف القرابة المباشرة وقرابة الحواشي والمصاهرة"، إسلام ويب، 27-4-2002 ، اطّلع عليه بتاريخ 13-11-2019.
  19. ↑ سورة التوبة، آية: 71.
  20. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2548، صحيح.
  21. ↑ عبدالله بن جار الجار الله، تذكير شباب الإسلام ببر الوالدين وصلة الأرحام ، صفحة 70. بتصرّف.
  22. ^ أ ب خالد الخرّاز (2009)، موسوعة الأخلاق (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة أهل الأثر، صفحة 360-363. بتصرّف.
  23. ↑ سورة النساء، آية: 1.
  24. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 6138، صحيح.
  25. ^ أ ب عبدالله بن صال القصير (1419)، تذكير الأنام بشأن صلة الأرحام (الطبعة الثانية)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 15-19. بتصرّف.
  26. ↑ خالد الخرّاز (2009)، موسوعة الأخلاق (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة أهل الأثر، صفحة 358-359. بتصرّف.
  27. ^ أ ب "الحقوق الواجبة على المسلم تجاه أقاربه وأرحامه"، fatwa.islamweb.net، 18-1-2001، اطّلع عليه بتاريخ 2-11-2019. بتصرّف.
  28. ^ أ ب خالد الخرّاز (2009)، موسوعة الأخلاق (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة أهل الأثر، صفحة 350-351. بتصرّف.
  29. ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1992)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 358، جزء 27. بتصرّف.
  30. ↑ سورة النساء، آية: 36.
  31. ↑ ماجدة فوزي أحمد (2011)، أحكام صلة الرحم غير المسلمة، صفحة 14. بتصرّف.
  32. ^ أ ب ت ث إعداد مجموعة من المتخصصين، بإشراف الشيخ صالح بن حميد، وعبد الرحمن بن ملوح (1998)، موسوعة نضرة النعيم في أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الوسيلة، صفحة 5329-5337، جزء 1. بتصرّف.
  33. ↑ سورة محمد، آية: 22-23.
  34. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2555، صحيح.
  35. ^ أ ب عطية صقر (2006)، موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام الوالدان والأقربون، مصر: مكتبة وهبة، صفحة 144، جزء 5. بتصرّف.