تشخيص الذئبة الحمراء طب 21 الشاملة

تشخيص الذئبة الحمراء طب 21 الشاملة

الذئبة الحمراء

مرض الذُئبة الحمراء أو الذُئبة الحمامية الشاملة (بالإنجليزية: Systemic lupus erythematosus) هي أحد أمراض المناعة الذاتيّة (بالإنجليزية: Autoimmune disease) التي يُهاجم فيها الجهاز المناعيّ أنسجة وأعضاء الجسم المختلفة،[١] كالمفاصل، والجلد، والكلى، وخلايا الدّم، والدّماغ، والقلب، والرئتين، ممّا يؤدي إلى حدوث التهابٍ في هذه الأجزاء،[٢] وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ الذئبة الحمراء هي أحد أنواع الذئبة وأكثرها شيوعًا، إذ إنّ لمرض الذئبة أربعة أنواع رئيسية، وهي الذئبة الحمراء، والذئبة الحُمامية الجلدية (بالإنجليزية: Cutaneous lupus erythematosus)، والذئبة الحمامية المُحدَثة بالأدوية (بالإنجليزية: Drug-induced lupus erythematosus)، والذئبة الوليدية (بالإنجليزية: Neonatal lupus).[٣]

ولأنّ الذئبة قد تؤثر في العديد من أعضاء الجسم، فإنّ الأعراض التي تظهر على المصاب تختلف باختلاف العضو المتأثر، ومن العلامات المميزة التي قد تظهر لدى الكثير من المصابين الطفح الجلديٍّ في الوجه الذي يشمل كلا الخدين ليمثّل شكلاً شبيهاً بأجنحة الفراشة، وبشكلٍ عامٍ، فإنّ أعراض المرض الأخرى تختلف من شخصٍ إلى آخر، كما قد تظهر هذه الأعراض بشكلٍ مفاجئٍ أو تدريجيّ، وقد تستمر لفترةٍ مؤقتةٍ أو دائمةٍ، ولكن غالباً ما تظهر الأعراض على شكل هبّاتٍ متفرقةٍ تتخللها فتراتٌ من الفتور التي تختفي فيها الأعراض أو على الأقل تخفّ شدتها، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأشخاص الذين لديهم استعدادٌ وراثيٌّ للذُئبة الحمراء منذ الولادة قد يُصابون بها في حال تعرّضهم لبعض المحفّزات، مثل: الإصابة ببعض أنواع العدوى، واستخدام بعض الأدوية، والتعرّض لأشعّة الشمس، وفي الحقيقة، لم يتمكّن العلماء من تطوير علاجٍ يُساهم في التعافي التامّ من المرض إلى الآن، لكن يتوفر عدد من العلاجات التي يُمكن وصفها للسيطرة على أعراض المرض.[٢]

وتجدر الإشارة إلى أنّ الذئبة الحمراء قد تُسبب التهابًا في الكلية، وتُعرف مثل هذه الحالة بالتهاب الكلية الذئبي (بالإنجليزية: Lupus nephritis)، وإنّ إصابة الكلى بالالتهاب تحول دون قدرتها على أداء وظائفها على الوجه المطلوب، بالإضافة إلى ملاحظة ظهور البروتين في البول، ومن أول الأعراض المرافقة لهذه الحالة ظهورًا: انتفاخ الكاحلين، والساقين، والقدمين، مع احتمالية انتفاخ الوجه واليدين، ويجدر التنبيه إلى أنّ المعاناة من أعراض ترتبط بالكلى أو المسالك البولية عامة لا تعني بالضرورة تطور مرض الذئبة الحمراء إلى مرحلة التهاب الكلية الذئبيّ، فقد تُسبب أدوية المرض آثارًا جانبية على مستوى الكلى، ومن جهة أخرى قد يُعاني المصابون بالذئبة الحمراء من التهابات المسالك البولية أو مشاكل بسيطة مرتبطة بالكلى دون الوصول إلى مرحلة التهاب الكلية الذئبيّ. [٤]

معايير تشخيص الذئبة الحمراء

في الحقيقة، لا يوجد إلى الآن معايير موحّدة يُمكن اتّباعها لتشخيص الإصابة بمرض الذئبة الحمراء، لكن تُعدُّ المعايير الصادرة عن الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم (بالإنجليزية: American College of Rheumatology) أكثر المعايير اتباعًا من قِبَل العديد من الأطباء؛ ويُعتقد أنّه في حال وجود أربعةٍ أو أكثر من هذه المعايير لدى الشخص في الوقت الحاضر أو في الماضي، فإنّ نسبة إصابته بمرض الذئبة الحمراء تكون مرتفعة، وفي المقابل فإنّ توفر أقل من أربعة معايير لا ينفي إصابة الشخص المعنيّ بالذئبة، ولهذا يحتاج الطبيب إلى إجراء المزيد من الاختبارات التشخيصيّة؛ من أجل تأكيد الإصابة بالمرض أو نفيها، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز المعايير الصادرة عن الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم:[٥]

تشخيص الذئبة الحمراء

قد يواجه الطبيب صعوبةً في تشخيص الإصابة بمرض الذئبة الحمراء؛ وذلك بسبب تشابه أعراض هذا المرض مع أعراض عدد من الأمراض والمشاكل الصحيّة الأخرى، إضافةً إلى اختلاف الأعراض المصاحبة للمرض من حالةٍ إلى أخرى، وكما أشرنا سابقاً فإنّه لا يوجد اختبارٌ أو تحليلٌ معيّنٍ يُمكن من خلاله تشخيص الإصابة بمرض الذئبة الحمراء، وإنّما يُشخّص بناءً على الأعراض المصاحبة له، ونتائج عددٍ من الاختبارات التشخيصيّة المختلفة؛ مثل تحاليل الدم والبول، والفحص السريريّ؛ لذلك يبدأ الطبيب بتشخيص الإصابة بالمرض من خلال الحصول على التاريخ الطبيّ للمريض، والسؤال عن وجود تاريخ عائليّ للإصابة بأحد أشكال مرض الذئبة، بالإضافة إلى السؤال عن الأعراض المصاحبة للمرض، كما يُجري الطبيب فحصًا سريريًّا للجلد؛ للتأكد من نوع الطفح الجلديّ الذي يعاني منه المريض، وفيما يأتي بيان لأبرز الاختبارات التشخيصيّة التي تساهم في تشخيص الإصابة بمرض الذئبة الحمراء:[٦][٧]

تحليل الدم

تشمل أنواع تحاليل الدم المستخدمة في تشخيص مرض الذئبة الحمراء ما يأتي:

قد يُجري الطبيب تحليل الدّم للكشف عن وجود الدلالات الحيويّة (بالإنجليزية: Biomarkers)، والدلالات الحيوية هي بروتينات، أو عوامل جينية، أو أجسام مضادّة يُعطي وجودها في الدّم فكرةً عمًا يحدث في الجسم، ومدى استجابته للعلاج في حال إعطائه، بالإضافة إلى تحديد نوع اضطراب المناعة الذاتيّة الذي يعاني منه الشخص، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه العلامات تظهر في التحليل بغض النظر عن وجود أعراضٍ للمرض، وعلى الرغم من أنّه يصعب اعتماد وجود دلالة حيوية معيّنة لتشخيص الإصابة بالذُئبة الحمراء، إلاّ انّه من الممكن الاستعانة بتحليل الدّم للكشف عنها إلى جانب مجموعة من الفحوصات الأخرى لتشخيص الذُئبة الحمراء، ومنها ما يأتي:[٨]

يُجرى فحص تعداد الدم الكامل (بالإنجليزية: Complete Blood Count)، واختصاراً CBC، للكشف عن مستويات مكونات الدّم المختلفة، بما فيها كريات الدم البيضاء المختلفة، وكريات الدّم الحمراء، والصفائح الدمويّة (بالإنجليزية: Platelet)، وكذلك يقيس نسبة الهيموغلوبين (بالإنجليزية: Hemoglobin)، وعرض توزيع كريات الدم الحمراء (بالإنجليزية: Red cell distribution width)، وحجم الخلايا المكدّسة (*) (بالإنجليزية: Haematocrit)، والحجم الكروي الوسطي (*) (بالإنجليزية: Mean corpuscular volume)، وغير ذلك؛ إذ تدل المستويات غير الطبيعية لهذه الفحوصات على وجود خلل ما في الغالب، بما في ذلك انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء؛ فعادةً ما يُعاني المصابون بالأمراض المناعة الذاتية كالذُئبة من انخفاضٍ في عدد كريات الدّم البيضاء.[٥][١١]

يقوم مبدأ اختبار سرعة ترسّب الدم (بالإنجليزية: Erythrocyte sedimentation rate) على قياس سرعة خلايا الدم الحمراء في الترسب في أنبوب الاختبار خلال ساعة واحدة، وإنّ ارتفاع مستوى هذا الاختبار عن الحدّ الطبيعي يدل على الإصابة بأحد الأمراض الصحيّة الجهازيّة أو الالتهابيّة؛ بما فيها مرض الذئبة الحمراء والعدوى، ويجدر الذكر أنّ هذا الاختبار غير مُحدّد لنوع معين من الأمراض.[٦]

يُعدّ اختبار البروتين المتفاعل-C (بالإنجليزية: C-Reactive Protein)، واختصاراً CRP، من الاختبارات المُستخدمة للكشف عن وجود التهابٍ في الجسم، لكنه يُستخدم بشكلٍ رئيسي لمراقبة نشاط الأمراض في الجسم، بما فيها الذئبة الحمراء، ومن الجدير بالذكر أنّ مستويات البروتين المتفاعل-C قد تكون مرتفعةً لدى الأشخاص المصابين بالعدوى أو الذين يُعانون من السُّمنة.[١١]

يتمّ إجراء تحليل كيمياء الدم (بالإنجليزية: Chemistry Panel) للكشف عن وظائف عدّة أعضاءٍ في الجسم، بما فيها وظائف الكلى والكبد، بالإضافة إلى قياس نسبة السكّر في الدم، والكولسترول، والشحوم الثلاثيّة (بالإنجليزية: Triglyceride)، والكهارل (بالإنجليزية: Electrolytes)؛ إذ قد يُشير وجود خللٍ في هذه الفحوصات إلى تتطور بعض المضاعفات الصحيّة لدى الشخص المُصاب بالذئُبة الحمراء.[٩]

تحليل البول

قد يُؤثر مرض الذُئبة الحمراء في الكلى في بعض الحالات؛ لهذا قد يُوصي الطبيب بإجراء عددٍ من التحاليل البوليّة وبشكلٍ دوريّ؛ حتى يتمكن من تشخيص ومراقبة تأثير المرض في الكلى عن كثب، وفيما يأتي بيان لأبرز هذه التحاليل:[١١][١٢]

الفحوصات التصويرية

قد يُوصي الطبيب بإجراء عددٍ من الفحوصات التصويريّة، خاصةً في حال ظهور أعراضٍ تُشير إلى تضرر بعض الأعضاء الداخلية الذي يُحتمل أن يكون ناجمًا عن الإصابة بالذئبة، ومن هذه الفحوصات نذكر ما يأتي:[٥]

الخزعة

يُلجأ لأخذ خزعة من الكلى في حال الشك بالإصابة بالتهاب الكلية الذئبي، وخاصة في حال ظهور أعراض أو علامات تدل على ذلك، ولا سيّما في المرة الأولى من الإصابة، ويقوم مبدأ الخزعة على أخذ عينة من النسيج المعنيّ؛ فمثلًا في حال الرغبة في أخذ خزعة من الكلية، فإنّ عينة تُؤخذ منها بواسطة إبرة رفيعة في الغالب.[٦][١٣]

الهوامش:

(*) متلازمة شوغرن: تُمثل أحد أمراض المناعة الذاتية التي يُهاجم فيها جهاز المناعة أجزاء مُعينة من الجسم عن طريق الخطأ؛ تحديداً الغُدد التي تُصنّع الدموع واللّعاب.[١٤]

(*) التهاب المفاصل الروماتيدي: يُمثل أحدّ أمراض المناعة الذاتية طويلة الأمد والتقدمية، إذ يتسبّب هذا المرض بحدوث التهاب، وانتفاخ، وألم داخل المفاصل وحوله، وقد يؤثر أيضاً في أعضاء الجسم الأخرى.[١٥]

(*) ظاهرة رينود: تتمثل بحدوث تشنّجات مُتكررة في الأوعية الدموية الخاصّة بأصابع اليدين والأقدام، ويحدث ذلك في العادة استجابةً للتوتر أو التعرّض للبرد.[١٦]

(*) الحمض النووي الرايبوزي: يُمثل المُنتج الرئيسي للتعبير الجيني وله دور مهمّ في الوظائف الخلوية؛ بما في ذلك تصنيع البروتينات، ويحتوي هذا الحمض النووي في تركيبته على سكّر الريبوز.[١٧]

(*) حجم الخلايا المكدّسة: النسبة المئوية لخلايا الدم الحمراء في الدم.[١٨]

(*) الحجم الكروي الوسطي: متوسط حجم خلايا الدم الحمراء في عينة الدم.[١٩]

المراجع

  1. ↑ "Systemic lupus erythematosus", medlineplus.gov, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  2. ^ أ ب "Lupus Symptoms & causes", www.mayoclinic.org,25-10-2017, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  3. ↑ "The four different types of lupus", www.lupus.org, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  4. ↑ "Lupus Nephritis", www.webmd.com, Retrieved 12-9-2019.. Edited.
  5. ^ أ ب ت Jeri Jewett-Tennant (1-9-2019), "How Lupus Is Diagnosed"، www.verywellhealth.com, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  6. ^ أ ب ت "Lupus Diagnosis & treatment", www.mayoclinic.org,25-10-2017، Retrieved 12-9-2019. Edited.
  7. ↑ "Diagnosing Cutaneous Lupus", nyulangone.org, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  8. ^ أ ب ت Yvette Brazier, "What is lupus"، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  9. ^ أ ب ت ث "Lab Tests for Lupus", www.webmd.com, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  10. ^ أ ب ت "Lupus Blood Tests", www.hopkinslupus.org, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  11. ^ أ ب ت "Understanding Laboratory Tests and Results for Lupus (SLE)", www.hss.edu, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  12. ↑ "Which urine tests are used for lupus?", www.webmd.com, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  13. ↑ "Lupus Nephritis", emedicine.medscape.com, Retrieved 12-9-2019. Edited.
  14. ↑ "sjogrens syndrome", medlineplus.gov, Retrieved 21-11-2019. Edited.
  15. ↑ "What is rheumatoid arthritis?", www.medicalnewstoday.com, Retrieved 23-11-2019. Edited.
  16. ↑ "Raynaud Phenomenon", www.emedicine.medscape.com, Retrieved 23-11-2019. Edited.
  17. ↑ "ribonucleic acid", www.sciencedirect.com, Retrieved 23-11-2019. Edited.
  18. ↑ "Hematocrit (Blood Test)", www.emedicinehealth.com, Retrieved 23-11-2019. Edited.
  19. ↑ "Mean Corpuscular Volume (MCV) ", emedicine.medscape.com, Retrieved 23-11-2019. Edited.