ساد التعليم التقليديّ في العديد من العُصور، وساهم في تحقيق التقدُّم الإنسانيّ في مُختلف الحضارات، كما لا يزال هذا النوع من التعليم مُنتشراً في دُوَل العالَم جميعها؛ لِما لعبته العولَمة من تقريب للثقافات، والحضارات على المُستويات جميعها، من خلال تبادُل العلوم، والمعارف في أيّ وقت، ومكان.[1]
ومع مرور الزمن، وتقدُّم هذه الحضارات، جاء التعليم عن بُعد؛ استجابةً للتطوُّر في التقنيات الحديثة بشتَّى أشكالها، ممَّا دعا الجامعات، والمُؤسَّسات التعليميّة على حدٍّ سواء لتكثيف الجهود، وتعزيز المساعي المُختلفة؛ لتبنِّي تقنيات حديثة تُواكِب العصر الحديث، وتُقدِّم كلَّ ما يُعين المُتعلِّم على الحصول على العلوم، والمعارف بأحدث الطُّرُق، وأسرعها؛ حيث إنَّه لم يتمّ اعتماد التعليم عن بُعد بشكلٍ مباشر، بل جاء ذلك بعد سِلسلة من الأُطُر التعليميّة التي سبقت تقنية التعليم عن بُعد، وساهمت في الترويج، والتمهيد لهذا النموذج، ومنها: التعليم بالمُراسلة، والتعلُّم المُستمرّ، والتعلُّم الذاتيّ، والتي أخذت العديد من الأشكال، والنماذج على مرِّ العصور؛ حتى نتج عنها هذا النموذج المهمّ.[2]
وقبل التعمُّق أكثر في أبعاد التعليم عن بُعد، لا بُدَّ من التعريف بمفهوم التعليم عن بُعد، أو ما يُشار إليه في بعض الأحيان بالتعلُّم الإلكترونيّ،أو التعلُّم عبر شبكة الإنترنت؛ فهو: نموذج من النماذج التعليميّة التي تمتاز بغياب الاتّصال المُباشر بين المُعلِّم، والمُتعلِّمين، وذلك بالاستعانة بالتقنيات المُختلفة التي ساهمت في بناء جُسور التعاون بين الطرفين، مُقدِّمةً إطاراً عامّاً لإدارة هذه العمليّة بشكلٍ فاعلٍ، وملموس؛ حيث لاقى التعلُّم عن بُعد استحساناً لدى العديد من المُجتمعات، والأفراد؛ لما يُوفِّره من مرونة في الوصول إلى المادَّة التعليميّة، فضلاً عن سُهولة مُتابعة العمليّة التعليميّة حسب وقت المُتعلِّم، ومن أيّ مكان يجده مُناسباً.[3]
مع حلول القرن الحادي والعشرين، وبزوغ فجر التقنيات الثوريّة، باتت العديد من الجامعات، والمُؤسَّسات التعليميّة أكثر إقبالاً على توظيف وسائل التعليم عن بُعد في طرح العديد من الدورات التعليميّة، والمساقات بشتَّى أنواعها؛ وذلك بسبب الإقبال الشديد من مُختلف الخُبراء، والباحثين عن سُبل التعليم المُتنوِّعة في المجالات، والاختصاصات جميعها.[3]
يُعَدُّ التعليم الهجين، أو ما يُعرَف ب(التعلُّم المُدمَج) من وسائل التعليم عن بُعد؛ حيث يُقدِّم هذا النموذج خليطاً من المُحاضَرات الصفِّية، والجلسات التعليميّة عبر شبكة الإنترنت، كما يُساهم هذا النموذج في زيادة تفاعُل المُتعلِّمين، وتحفيز التفاعُل في العمليّة التعليميّة؛ لما يُوفِّره من تفاعُل، وأنشطة مُختلفة، وتُعَدُّ هذه الوسيلة إحدى أكثر وسائل التعليم عن بُعد رواجاً؛ نتيجة لما تُحقِّقه من بيئة مُتوازنة بين الجامعة، وشبكة الإنترنت، كما أنَّ هناك إقبالاً مُتزايداً من الجامعات لتطبيق هذا النموذج.[4]
يُعَدُّ التعلُّم القائم على شبكة الإنترنت إحدى أهمّ وسائل التعلُّم الإلكترونيّ، وأكثرها انتشاراً؛ حيث يمتاز هذا النموذج التعليميّ باعتماده الكلِّي على شبكة الإنترنت؛ لتيسير العمليّة التعليميّة، كما يَستخدم هذا النوع العديد من الوسائل؛ لإنجاز العمليّة التعليميّة التي قد تتراوح ما بين الرسائل الإلكترونيّة، وجلسات الحِوار، وجلسات البثِّ المُباشر، بالإضافة إلى بعض المَراجع، والموادّ المطبوعة في بعض الأحيان، إضافة إلى أنّه تتمّ إدارة هذا النموذج التعليميّ عبر نظام تعلُّم افتراضيّ مُتكامِل يَدمِج بين التقنيات، والوسائط المُتعدِّدة جميعها في مكان واحد.[5]
يُعَدُّ التعليم بالمُراسلة من أقدم، وأوَّل أساليب التعلُّم عن بُعد؛ حيث يعود أوَّل ظهور لهذا النموذج إلى القرن التاسع عشر عبر مجموعة من الجامعات، ودُور التعليم التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وقد ازدهر هذا النوع من التعليم حتى القرن العشرين، ثمّ بدأ بالانحسار؛ لاستبداله بسُبُل التعليم الحديث، والتي استعانت بشبكة الإنترنت، والوسائط المُتعدِّدة، إلّا أنَّه من الجدير بالذكر أنَّ التعلُّم بالمُراسلة قد مَهَّد الطريق لما تَبِعه من نماذج تعليميّة حديثة؛ عَبر طرح نموذج ثوريّ لم يَكُن موجوداً في السابق.[6]
فيما يلي بعض مزايا التعليم عن بُعد:[7]