شرح خطبة الوداع طب 21 الشاملة

شرح خطبة الوداع طب 21 الشاملة

حجة الوداع

فرض الله -تعالى- الحجّ على المسلمين في العام السادس من الهجرة، وكان المسلمون قبل ذلك يحجّون مع المشركين حتى أنزل الله قوله: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّمَا المُشرِكونَ نَجَسٌ فَلا يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرامَ بَعدَ عامِهِم هـذا وَإِن خِفتُم عَيلَةً فَسَوفَ يُغنيكُمُ اللَّـهُ مِن فَضلِهِ إِن شاءَ إِنَّ اللَّـهَ عَليمٌ حَكيمٌ)،[1] وكان ذلك في العام التاسع من الهجرة، وقد استجاب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأمر الله -تعالى- وخرج في العام العاشر من الهجرة لأداء مناسك الحجّ، وقد حجّ معه أكثر من مئة ألفٍ من المسلمين، وسمّيت هذه الحجّة بحجة البلاغ؛ لأنّ النبي الكريم كان يقول في خطبته: (أَلا هل بلغت؟) ويُشهدهم على ذلك، وسميت كذلك بحجّة الإسلام؛ لأنّها حجّة النبي الوحيدة التي أدّاها بعد فرضيته، كما سميت حجة الوداع؛ لأنّ النبي -عليه السلام- ودّع فيها أمته قائلاً: (إنّي لا أدري لعلي لا أَلْقاكُم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً).[2]

خطبة الوداع

يظهر من خلال استقراء الروايات الصحيحة التي تناولت أحداث حجّة الوداع أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد قام خطيباً في الناس في مواقف ومواضع مختلفةٍ، ويمكن حصر تلك الخطب في ثلاثة مواقفٍ، الأولى يوم عرفة، والثانية في العاشر من ذي الحجّة بمنى، والثالثة كانت أوسط أيام التشريق بمنى، وفيما يأتي نصوص الخطب التي جاءت بها الروايات:[3]

خطبة الرسول في عرفات

يوم الوقوف بعرفة اجتمع على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- جمعٌ كبيرٌ من المسلمين؛ فوقف فيهم خطيباً، وقال: (إنَّ دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم كحُرمةِ يومِكم هذا في شهرِكم هذا في بلدِكم هذا، ألا كلُّ شيءٍ مِن أمرِ الجاهليَّةِ تحتَ قدَميَّ موضوعٌ، ودماءُ الجاهليَّةِ موضوعةٌ، وإنَّ أوَّلَ دمٍ أضَعُ مِن دمائِنا دمُ ابنِ ربيعةَ بنِ الحارثِ -كان مُسترضَعًا في بني ليثٍ فقتَلتْه هُذيلٌ-، فاتَّقوا اللهَ في النِّساءِ؛ فإنَّكم أخَذْتُموهنَّ بأمانِ اللهِ، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ اللهِ، ولكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تكرَهونَه؛ فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مُبرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروفِ، وقد ترَكْتُ فيكم ما لَنْ تضِلُّوا بعدَه إنِ اعتصَمْتُم به: كتابَ اللهِ، وأنتم تُسأَلونَ عنِّي فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهَدُ أنْ قد بلَّغْتَ فأدَّيْتَ ونصَحْتَ؛ فقال بإصبَعِه السَّبَّابةِ يرفَعُها إلى السَّماءِ وينكُتُها إلى النَّاسِ: اللَّهمَّ اشهَدْ ثلاثَ مرَّاتٍ).[4]

خطبة الرسول يوم النحر

كان أيضاً ليوم النّحر نصيبٌ من خطاب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لجموع المسلمين؛ فقد خطب خطبةً بليغةً، وقد جاءت عديد الروايات تنقلها، ومن تلك الروايات:[3]

خطبة أيام التشريق

وفي أوسط أيام التشريق ، وقف النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خطيباً بالمسلمين، حيث أكدّ على كثيرٍ من الأسس والقيم السلوكية التي نادى بها في خطبه السابقة يوم عرفة ويوم النحر، حيث جدّد التذكير بحُرمة دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، وربط تلك الحُرمات بحُرمة أِشهر الحجّ ومكانه بلد الله الحرام، لا شكّ أنّ هذا التكرار يحمل دلالاتٍ واضحةٍ على شدّة وعظمة العناية بالأنفس وصيانة الأموال ومهابة الأعراض، كما ذكّر الناس بمرجعهم إلى ربهم، وأنّهم سيسألون عن أعمالهم، وتكرّر الأمر كذلك بتبليغ وصاياه لمن لم يحضرها من الناس، وحملتْ هذه الخطبة إشارةً واضحةً على دنوّ وقرب وفاة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حيث ودّعهم وداع المُفارق، وبالفعل فإنّه لم يطُل بقاءه في الدنيا بعد حجّة الوداع.[3]

شرح خطبة الوداع

يُلاحظ المتأمّل بما ورد على لسان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في خطبه السابقة في حجّة الوداع أنها ركزّت على قضايا هامةٍ، ويمكن شرح هذه المحاور بما يأتي:[8]

المراجع

  1. ↑ سورة التوبة، آية: 28.
  2. ↑ محمد سيد المسير (25-8-2014)، "كم مرة حج الرسول صلى الله عليه وسلم ؟"، www.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2018. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت إبراهيم محمد الحقيل (14-10-2013)، "خطب النبي صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع"، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2018. بتصرّف.
  4. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1457، أخرجه في صحيحه.
  5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن نفيع بن الحارث الثقفي أبي بكرة، الصفحة أو الرقم: 5550، صحيح.
  6. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عمرو بن الأحوص، الصفحة أو الرقم: 2159، حسن صحيح.
  7. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 616، حسن صحيح.
  8. ↑ علي مختار محفوظ (10-11-2011)، "وقفات مع خطبة الوداع"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2018. بتصرّف.
  9. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 4270 ، صحيح.
  10. ↑ سورة البقرة، آية: 275.
  11. ↑ سورة البقرة، آية: 279.
  12. ↑ سورة التوبة، آية: 36.
  13. ↑ سورة البلد، آية: 1.
  14. ↑ رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1469، صحيح.
  15. ↑ سورة الفتح، آية: 29.
  16. ↑ سورة الحج، آية: 87.
  17. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن عمرو بن خارجة، الصفحة أو الرقم: 2209 ، صحيح.