خواطر مساء الخير طب 21 الشاملة

خواطر مساء الخير طب 21 الشاملة

خواطر مساء الخير

الخاطرة باللغة العربيّة مشتقة من لفظ خاطر وتعني النفس، الهاجس، القلب، أمّا أدبيّاً فالخاطرة هي نثرأدبي نظم ببلاغة واستعان كاتبها بصور وتشبيهات واستعارات يعبر فيها الشّخص من خلالها عمّا يجول في خاطره، كوصف حالته إن كان سعيداً أو حزيناً أو معجباً بشيء ما، وأحياناً يقصد كاتب الخاطرة إيصال رسالة معينة سواء كانت أدبية أو دينية وغيرها، ولا يشترط بالخاطرة أن يكون لها قافية معيّنة أو وزن موسيقي معيّن بل ما تدفق في وجدانه بهذه اللحظة، ولهذا سمّيت خاطرة لأنها تخطر ببال الكاتب فجأة فيسجلها دون إعداد مسبق، وقد تكون قصيرة، متوسطة، طويلة، وتصنّف الخاطرة في الأدب العربي بين القصة القصيرة والأدب الحرّ.

أجمل خواطر المساء

قصائد مسائية

من القصائد التي قيلت في المساء، اخترنا لكم بعضاً منها:

ذلك المساء

صلاح عبد الصبور

حدثتموني عن سنابك مجنحة

تفتق الشرار في أهلّة المآذن

عن عصبة من السيوف لا تفل

قد أُغمدت في الصخر لا تُسل

إلّا إذا قرأتم دونها أسماءكم

يا عصبة الأماجد

الأشاوس

الأحامد

الأحاسن

وقلتم:

يا أيّها المُغني غننا

مُسمل العينين في حضرتنا

لحناً يثير زهونا

ويذكر انتصارنا

إذا تحين ساعة موعودة

نغيم في أشراطها

لم تنخلع عن غيمها إلا لنا

الساعة التي تصير فيها خوذة الشيطان

كأسا لخمر سيد الفرسان.

كنّا وقد أزف المساء

جبران خليل جبران

كنّا وقدْ أزِف المساءْ

نمْشِي الهُويْنا فِي الْخلاءْ

ثمِليْنِ مِنْ خمْرِ الْهوِى

طرِبيْنِ مِنْ نغمِ االْهواءْ

متشاكِييْنِ هُمُومنا

وكثِيرُها محْضُ اشْتِكاءْ

حتّى إِذا عُدْنا على

صوْتِ المُؤذِّنِ بِالْعشاءْ

سِرْنا بِجانِبِ منْزِلٍ

مُتطامِنٍ واهِي الْبِناءْ

فاسْتوْقفتْنِي وانْبرتْ

وثْباً كما تثِبُ الظِّباءْ

حتّى توارتْ فِيهِ عنِّـ

ـي فانْتظرْتُ على اسْتِياءْ

وارْتبْتُ فِي الأمْرِ الّذِي

ذهبتْ إِليْه فِي الْخفاءْ

فتبِعْتُها مُتضائِلاً

أمْشِي ويثْنِينِي الْحياءْ

فرأيْتُ أُمّاً بادِياً

فِي وجْهِها أثرُ الْبُكاءْ

ورأيْتُ وُلْداً سبْعةً

صُبُراً عجافاً أشْقِياءْ

سُود الملابِسِ كالدُّجى

حمْر المحاجِرِ كالدِّماءْ

وكأّنّ ليْلى بيْنهُمْ

ملكٌ تكفّل بِالعزاءْ

وهبتْ فأجْزلتِ الْهِبا

ت ومِنْ أيادِيها الرّجاءْ

فخجِلْتُ مِمّا رابنِي

مِنْها وعْدْتُ إلى الْوراءْ

وبسمْتُ إِذْ رجعتْ فقُلْـ

ـتُ كذا التِّلطُّفُ فِي الْعطاءْ

فتنصّلتْ كذِباً ولمْ

يسْبِقْ لها قوْلُ افْتِراءْ

ولرُبّما كذب الْجوا

دُ فكان أصْدق فِي السّخاءْ

فأجبْتُها أنِّي رأيْ

تُ ولا تُكذِّبُ عيْنٌ راءْ

لا تنْكِرِي فضْلاً بدا

كالصُّبْحِ نمّ بِهِ الضِّياءْ

يُخْفِي الْكرِيمُ مكانهُ

فتراهُ أطْيارُ السّماءْ

ثُمّ انْثنيْنا راجِعيْـ

ـنِ ومِلْءُ قلْبيْنا صفاءْ

مُفكِّهيْنِ مِن الأحا

دِيثِ الْعِذابِ بِما نشاءْ

فإِذا عُصيْفِيرٌ هوى

مِنْ شُرْفة بِيدِ الْقضاءْ

عارٍ صغيرٌ واجِفٌ

لمْ يبْق مِنْهُ سِوى الذّماءْ

ظمْآنُ يطْلُبُ رِيّهُ

جوْعانُ يلْتمِسُ الْغِذاءْ

ولشدّ ما سُرّتْ بِهـ

ـذا الضيْفِ ليْلى حِين جاءْ

فرِحتْ بِطِيبِ لِقائِهِ

فرح المُفارِقِ بِاللِّقاءْ

واسْتنْفدتْ لِبقائِهِ

حِيل الْحرِيصِ على الْبقاءْ

تحْنُو عليْهِ كأُمِّهِ

وتضُمُّهُ ضمّ الإِخاءْ

فحمِدْتُ مِنْها بِرّها

بِالْبائِسِين الأشْقِياءْ

قالت وهلْ لهْوٌ بِعُصْ

فُور جدِيرٌ بِالثّناءْ

فأجبْتُهُا هِي آيةٌ

للهِ فِيكِ بِلا مِراءْ

يُخْفِي الكرِيمُ مكانهُ

فتراهُ أطْيارُ السّماءْ

هذا المساء

لقمان ديركي

من الذي سيأتي الآن

تفوح منه العطور

وفي يده وردة

من الذي سيأتي

في خطواته لهفة

وفي طرقته على الباب ارتجاف

من الذي سيأتي

من الذي سيفتح الباب و يعانقه

ومن الذي سيرقب المشهد

ويتكسّر من الإهمال

هل أنت وحيدة هذا المساء

كما قلت لي

لكن في عينيك بريقٌ غريبٌ

وعلى شفتيك نهم يقتلني

هل أنت وحيدة هذا المساء

لماذا نافذتك مضاءة إذاً

ولماذا على الشرفة ورد

ليتك تكونين وحيدة

كما قلت حقاً..هذا المساء

إنني لا أكفيك وحدي

أصابعي العشر لا تكفي شعرك

وساعداي لا يكفيان لضّمك

وفمي

لا يستطيع رشف دماء شفتيك كلها

وحده

المساء

إبراهيم ناجي

يا غلة المتلهفِ الصادي

يا آيتي وقصيدتي الكبرى

ماذا تركت لديّ من زادِ

إلّا استعادة هذه الذكرى

يا للمساء العبقري وما

أبقى على الأيام في خلدي

شفتاك شفا لوعةً وظما

وجمالك الجبار طوعُ يدي

نمشي وقد طال الطريقُ بنا

ونودُّ لو نمشي إلى الأبدِ

ونود لو خلتِ الحياة لنا

كطريقنا وغدتْ بلا أحدِ

نبني على أنقاض ماضينا

قصراً من الأوهام عملاقا

ونظل ننسج من أمانينا

وشيا من الأحلام براقا

وأظل أسقيها وتملأُ لي

من مورد خلف الظنون خفي

حتى إذا سكرت من الأملِ

وترنحت مالت على كتفي

حلفت بأني مغتد معها

حيث اغتدت وهواي في دمها

فمسحت بالقبلات أدمعها

وطبعت ميثاقي على فمها

مساء هادئ فقط

رياض صالح الحسين

هذا المساء هادئ أكثر ممّا ينبغي

هذا المساء ليس هادئاً

فأنا رجل أو حزمة ديناميت

وتحت إبطي إوزّة حمراء أو خرتيت أسود

المرأة ذات النهد المعشب و اليدين الصريعتين

نامت مع زوجها على السطح

إذن، هذا المساء ليس هادئاً

الفلاح الملتحي لم ينم هذا المساء

فلقد سرق دجاجة سمينة بالأمس

وضبطت المفرزة الجنائية عظامها في برميل الفضلات

إذاً، هذا المساء ليس هادئاً

فريتا الجريحة ماتت في الغابة

وغطتها الأغصان الكثيفة والمستنقعات

إذاعة (مونت كارلو) لم تذكر شيئاً عن ريتا

سيداتي، سادتي:

قُتلت القطة لوسي تحت عجلات القطار

ولم يستطع المستر

أن يمارس واجباته

الزوجية بعناية

المساء هادئ جدًاً

على ضفة الميسيسبي إحدى العاهرات

تغزل الصوف و تحيك الجوارب لقتلى حروب العدالة

الشعراء يتحدثون عن الشعر...

العمال يتحدّثون عن العمل

العشاق يتحدّثون عن الحب

الفلاحون يتحدّثون عن الأبقار

ولكنْ قل لي أيها القارئ الوسخ

عمّ يتحدث الموتى

في هذا المساء الهادئ؟

إنهم بالطبع لا يتحدثون عن لعبة الهوكي

أو الأمجاد التي حصلت عليها أميرة موناكو

لأنّها عرضت ملابسها الداخلية على جمهرة من اللصوص

إنّهم يتحدثون عن الموت

هل الموت قالب كاتوه أم نسناس دانمركي؟

أهو تفاحة أم بلياتشو بأنف يشبه التفاحة؟

هل الموت حلم أو حقيقة

وإذا كان حقيقة

فلِم لمْ يزل هتلر يفكّر بحشر الضعفاء

في أنابيب الغاز؟

ولِم لمْ يزل هولاكو يغتال الفلاحات

في حقول القطن؟

في هذا المساء الهادئ

ثمة شخص يرثي الجميع:

لقطّاع الطرق وأسراب النوارس المهاجرة

للغيوم الكالحة والقتلة المهذبين

ومراسيم حصر الجنسية

للعشاق الفاشلين وكلاب المدن الضالة

وفي هذا المساء الهادئ

سأغلق باب غرفتي ورائي متجهاّ نحو النهر

عليّ أن أتوقّع قبلة على الخدّ

أو خنجراً في العنق

ومن الممكن أن ينتظرني قمر أو قنبلة

زهرة بنفسج أو قبر

عليّ أن أتوقّع كلّ شيء

فالمساء هادئ

المساء ليس هادئاً!