كيف تكون مع الله دائما طب 21 الشاملة

كيف تكون مع الله دائما طب 21 الشاملة

أهمية القرب من الله

إنّ من فطنة الإنسان أن يجتهد في حياته فيتقرّب من الله سبحانه، فالله -تعالى- هو الركن الشديد والمأوى لمن أراد معونةً أو عطاء أو قضاء حاجة، ولقد جعل الله -تعالى- للإنسان حبلاً موصولاً بينه وبين ربّه يناجيه من خلاله ويدعوه كلّ حين هو الصلاة، وأوجب في الصلاة قراءة سورة الفاتحة التي هي بمثابة دعاء وبث حاجة لله سبحانه، تتكرّر كلما أدى الإنسان ركعة بين يدي ربه. ولأنّ القرب من الله -تعالى- فلاحٌ ونصر وغلَبة، فقد منّ الله على موسى -عليه السلام- بهذا القرب حين كان في مواجهة فرعون الجبار وحاشيته، فردّ الله بقدرته هيمنة فرعون وقوّته، ونصر عبده ونبيه موسى عليه السلام، وقد تخطّى موسى -عليه السلام- بهذا القرب الكثير من الابتلاءات والمحن، منها قارون وكنوزه، والصحراء والتيه فيها، وسيناء ومشاكلها، وبنو إسرائيل وخروجهم عن طاعته، وغير ذلك مما اتّضح منه أنّ معيّة الله -سبحانه- هي التي كانت السبب وراء كل نجاح ونصر وتأييد.[1]

ولقد منّ الله -تعالى- على نبيه محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- بالقرب والمعيّة كذلك، فكان المؤيد له أمام تعذيب الكفار واستهزائهم أمثال أبي جهل وأبي لهب، ومعيناً له في عام الحزن، ومهوّناً عليه الصعاب حين خرج من مكة مهاجراً تاركاً موطنه وأهله، ومعلياً هيبته وكلمته في الغزوات والمعارك، فكلّ ذلك ببركة المعيّة والقرب منه عزّ وجل. وللمؤمنين الأسوة في الأنبياء من قبلهم، فمتى كان المؤمن قريباً من الله راغباً في معيّته كان أسعد الناس وأوفرهم حظاً، قال الله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ*أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ*فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ*ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ*وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)،[2] فالمقرّبون هم أصحاب الجنات في الآخرة ورضوان الله سبحانه. ويروى عن عليّ -رضي الله عنه- قوله في فضل القرب من الله: من أراد صاحباً، فالله يكفيه، ومن أراد مؤنساً، فالقرآن يكفيه.[1]

تحقيق معيّة الله سبحانه

يفرق الله -سبحانه- في القرآن الكريم بين حالتين من المعيّة للبشر، إحداهما معيّة عامّة تتحقق للناس كافة، سواء منهم الكافر والمؤمن، الفاجر والعابد، يقول الله تعالى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)،[3] وهذه معيّة الإحاطة والمراقبة، والعلم، فالله تعالى يعلم حال الناس في كل وقت ومكان، في الليل والنهار في البر والبحر، يرى حالهم ومكانهم، سرّهم وجهرهم. وهناك معيّة خاصة تحيط بالمؤمنين دون غيرهم، فهو معهم ينصرهم ويؤيّدهم ويحميهم. وتتحقق معيّة الله -عز وجل- لعباده إذا أطاعوه وتركوا معصيته، وإذا أقبلوا عليه واستغاثوا به وتوكلوا عليه.[4]

ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- طريقة من طرق كسب معية الله -سبحانه- في وصيّة أوصاها لعبد الله بن عباس وهو غلام فقال: (احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ)،[5] والإشارة هنا أنّ من كان حافظاً لحدود الله مراعياً حقوقه فإنه يجد الله -تعالى- معه في سائر أحواله، والله تعالى يقول: (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)،[6] قال قتادة: من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه، فمعه الفئة التي لا تُغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل. وقد ذكر الله -تعالى- معيّته لعباده لغاية أخرى هي تخويفهم من مراقبته وعقابه إذا وقعوا في الإثم والمعصية، إذ يقول: (وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ)،[7] فذكر هذه المعية في القرآن الكريم لتنبيه المسلم وتخويفه من قرب الله -تعالى- ومعيته لعباده فلا يجوز لهم أن يعصوه.[8]

أعمال تربط صاحبها بالله تعالى

إذا استقين المسلم أنّ معية الله له مقرونة بطاعته وحسن عبادته كما أمر وجب عليه أن يتعلم كيف يطيع ربه ويصل إلى مرضاته، ومن الأعمال التي ترفع صاحبها في عين الله تعالى ما يأتي:[9]

المراجع

  1. ^ أ ب "أهمية القرب من الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-12. بتصرّف.
  2. ↑ سورة الواقعة، آية: 10-14.
  3. ↑ سورة الحديد، آية: 4.
  4. ↑ "استشعار معية الله من خلال أسباب النزول"، www.almunajjid.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-12. بتصرّف.
  5. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2516 ، صحيح.
  6. ↑ سورة النحل، آية: 128.
  7. ↑ سورة النساء، آية: 108.
  8. ↑ "احفظ الله تجده تجاهك"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-12. بتصرّف.
  9. ↑ " أريد أن أكون ربانيّا .. الوصايا العشر"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-12. بتصرّف.
  10. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الأمالي المطلقة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 151 ، حسن.