ابن حزم طوق الحمامة طب 21 الشاملة

ابن حزم طوق الحمامة طب 21 الشاملة

التعريف بمُؤلّف طوق الحمامة ابن حزم الأندلسيّ

ابن حزم الأندلسيّ هو أبو محمّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسيّ القرطبيّ. وُلِد في مدينة قُرطبة الأندلسيّة، وذلك عام 384 هجريّة، واشتُهِر بالكثير من المعارف، ومنها: الشِّعر، والأخبار، والأدب، كما كان له باعٌ في المنطق، وأجزاء من الفلسفة، علماً أنّ ابن حزم كان قد نشأ في بيت رفاهيّة، ونعيم؛ لأنّ والده كان أحد كُبراء مدينة قُرطبة، بالإضافة إلى أنّه عُرِف بذكائه الحادّ، وعقله السيّال، فكان له الكثير من الكُتب الثمينة، والقيّمة.[١]

ويُذكَر أنّ هناك العديد من المُصنَّفات المشهورة لابن حزم، وأكبرها كتاب "الإيصال إلى فهم كتاب الخصال"، وكتاب "الخصال الحافظ لجُمل شرائع الإسلام"، وله في الفقه كتاب "المُجلَّى"، وكتاب "المُحلَّى في شرح المُجلّى بالحُجج والآثار"، وكتاب "اختلاف الفقهاء الخمسة مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وداود"، وكتاب "التصفّح بالفقه"، كما أنّ له في الحديث كتاب "الجامع في صحيح الأحاديث"، وفي العشق كتاب "طوق الحمامة في الألفة والأُلّاف".[١]

كتاب طوق الحمامة في الأُلفة والأُلّاف

ألّف ابن حزم كتاب طوق الحمامة أثناء مكوثه في مدينة شاطبة، وذلك عام 417هـ، وكان قد نَهَج في كتابته للكتاب مناهج التجربة الشخصيّة، والمُلاحظة، والتحليل؛ ليصل إلى نتائجه، وذلك في أحاديثه العاطفيّة المذكورة في كتابه الطوق، والجدير بالذكر أنّ ابن حزم تطرّق في كتابه إلى الحديث عن الأمور التي تقود الإنسان، وتُسيِّرُه نحو كلّ شكل من أشكال الجمال في عواطفه النفسيّة، وذلك من خلال ردّ الظواهر إلى مصادرها النفسية، كما يُعَدّ الكتاب نتاجاً لمشاعر ابن حزم القويّة؛ فقد تمكّن من تدوين الحُبّ بأصنافه، وألوانه، فيقول في أحد علاماته: "ومن علامته لكلّ ذي بصر الانبساط الكثير الزائد، والتضايق في المكان الواسع، والمجاذبة على الشيء يأخذه أحدهما"، والمُتأمّلُ في تسجيلاته في صُنوف الحُبّ يعلم أنّها لا تُسجّل إلّا بقلم صاحب إحساس قويّ.[٢][٣]

دواعي تأليف كتاب طوق الحمامة

كان الدافع الأوّلي لتأليف ابن حزم كتابه طوق الحمامة تحقيق رغبة صديقه الذي طلب منه أن يكتب له رسالة تُعنى في الحُبّ، وأسبابه؛ حيث أرادها رسالة تصف حقيقة الحب دون زيادة، أو نقصان، إلّا أنّ هذه الرغبة ما لبثت أن تحوّلت من اقتراح صديق إلى مَطلب حقيقيّ يتوافق مع إحساس ابن حزم بالراحة عند استرجاع الماضي، والعودة إليه، بالإضافة إلى شعوره بأنّه يقدّم في كتابه هذا رصداً لواقع الحياة الأندلسية آنذاك، وطبيعة العلاقات العاطفيّة، والاجتماعيّة فيها، كما كان لتفكير ابن حزم الدائم في المحافظة على الأهل، والولد، وصيانتهم بتحقيق الرزق من خلال ما يكتب دورٌ مهمٌّ في كتابة هذا الكتاب، أمّا ما ميّزه في دراسته هذه بالإضافة إلى عُمقها، الاعتراف، والصراحة.[٤]

شرح عنوان كتاب طوق الحمامة

يحتوي عنوان الكتاب على دلالات تجمع بين ما هو ثابت، ومُتغيّر؛ فالألفاظ فيه تتجاوز معناها السطحيّ إلى ما تحمله من سياقات دلالية عميقة؛ فكلمة (الطوق) في تركيبها، ومعناها السطحيّ تشير إلى أنّه حبّات مُكرَّرة لها الشكل نفسه غالباً، فمهما كان شكل الطوق، أو تركيبه -كطوق الياسمين، أو طوق اللؤلؤ مثلاً-، فسيبقى مجموعة من الوحداث المصفوفة بشكل مُتماثل، ونَسق ثابت تُشكِّل فيه كلّ وحدة منفردة بداية، ونهاية في الوقت نفسه، تماماً كما هو الحال في مواضيع الكتاب، أمّا دلالته الأخرى التي تتعلّق بمحتوى الكتاب فهي تتعلّق بتقديمه العواطف، والحالات الشعوريّة على أنّها كالطوق في تكرارها، وتواتُرها.[٥]

أمّا كلمة (الألفة) بدلالتها فترتبط مع لفظة (الطوق)؛ وذلك في كونها تحمل معاني الثبات، والتكرار؛ فالألفة تنشأ عندما يُصبح الشيء عادة عند الإنسان، بينما يعتقد الكثيرون أنّ في لفظة (الأُلّاف) لفظة الجمع التي تُشتَقّ من (الألفة)، والإنسان بانتقاله من لفظة (الألفة) إلى لفظة (الأُلّاف) يوحي إلى القارئ أنّهما يفيدان نفس الحالة، والمعنى، إلّا أنّ هناك اختلافاً بينهما؛ فلفظة (الأُلّاف) تحمل معنى التعدُّد، والتغيير؛ بسبب معناه الصرفيّ، في حين أنّ لفظة (الألفة) تحمل معاني الثبات، والسكون، وهذه هي الحركات الدلاليّة التي تتراوح بين الثبات، والتغيير والتي يُريدها ابن حزم في كتابه.[٥]

أبواب كتاب طوق الحمامة وموضوعاته

يتناول كتاب طوق الحمامة ثلاثين باباً مُقسَّماً؛ حيث تناول في عشرة منها أصول الحُبّ، وتطرّق فيها إلى الحديث عن تدرُّجاته، فجاء باب الصلة في النوم أخفّها، فيما عُدَّ باب الصلة في الواقع أقواها، كما شمل الكتاب اثني عشر باباً في أغراض الحُبّ؛ المحمود منها، والمذموم، وقد أُضيفت إلى هذه الأغراض كلّ صفة، ونقيضها، ولم يخلُ الكتاب من الحديث عن آفات الحُبّ الداخلة فيه، وهي ستّة أبواب، فيما ختم ابن حزم كتابه بالحديث في آخر بابَين عن فضل التعفُّف؛ ليكون الحُبّ مُرتبطاً بالتديُّن ارتباطاً يُفضي إلى الحضّ على طاعة الله، وذِكر القُبْح الذي تأتي به المعصية.[٤]

صنّف ابن حزم الكتاب على نحو متسلسل كما ذُكِر سابقاً، إلّا أنّه أشار إلى أنّ هناك أربعُ آفات للحبّ لا أضداد لها من أعراض الحبّ، وهي أربعة أبواب وردت كالآتي: باب الرقيب، وباب الواشي، وباب البَيْن، وباب السلو، وقد أورد ابن حزم الأبواب كلّها على نحو مُتتالٍ بلا تصنيفات تندرج تحت عناوين رئيسيّة كما ذكر في بداية الكتاب؛ إذ يسترسل في ذِكر الأبواب بحسب رؤيته، وفيما يلي تصنيفات أبواب الحبّ؛ تِبعاً لمواضيعها كما أوردها ابن حزم في مقدّمة كتابه:[٦]

أبواب أصول الحُبّ

يُعرِّف ابن حزم الحُبّ في باب ماهيّة الحبّ فيقول: "الحُبّ -أعزّك الله- أوله هزل وآخره جِدّ، دقَّت معانيه لجلالتها عن أن تُوصف، فلا تدرك حقيقتها إلّا بالمعاناة، وليس بمنكر في الديانة، ولا بمحظور في الشريعة؛ إذ القلوب بيد الله عزّ وجلّ"، وفيما يلي أبواب أصول الحبّ العشرة:[٦]

أبواب أعراض الحُبّ

أعراضُ الحُبّ كما يقول ابن حزم في مقدّمته للكتاب "مُتباينةٌ في الزيادة والنُّقصان"، وهي لا تتحدّد بالكمّ، والتجزئة، وقد أوردَ المذموم منها، والمحمود، وهي على النحو الآتي:[٦]

أبواب آفات الحُبّ

وهي الآفات الستّة الداخلة في الحبّ، وذلك بحسب رؤية ابن حزم، ولها أضداد في الأبواب السابقة، وهي كالآتي:[٦]

أبواب الخِتام

يختتم ابن حزم رسالته في الحبّ بِبَابيْن اثنين يرى فيهما أفضل ما يُختتَم به، وقد ذكر ذلك في مُقدّمة الرسالة، حيث قال: "ليكون خاتمة إيرادنا، وآخر كلامنا الحضّ على طاعة الله عزّ وجل، والأمرُ بالمعروف والنهي عن المُنكر، فذلك مُفترض على كلّ مؤمن". والبابان هما:[٦]

أسلوب ابن حزم في كتاب طوق الحمامة

يتميّز ابن حزم بامتلاكه سمات أسلوبيّة في كتاباته، وبكونه صاحب نظرة نقديّة ثاقبة، فدائماً ما كان أسلوبه يُعرف بالسلاسة، ومن هذه الأساليب، وأكثرها وضوحاً استشهاده بكتاب الله، والحديث النبوي؛ لامتلاكه ثقافة دينيّة واسعة، وهو يتميّز أيضاً بالفلسفة التي تتّضح في كتابه طوق الحمامة، وقد وضع فيه خليطاً من الفلسفة، والنصوص الدينيّة الإسلاميّة، فيما كان يلجأ في بعض الأحيان إلى أقوال السلف؛ لتكون حُجّة، وبرهاناً على قوله.[٧]

ومن الأساليب التي اتّبعها ابن حزم في كتاباته اعتماده على العقل، ونرى هذا في قوله: "وقسّمت رسالتي هذه على ثلاثين بابًا..."، فكانت دراسته للحُبّ دراسة علميّة، وتعتمد على الواقعيّة؛ إذ نرى القصص التي ذُكرت في الكتاب حقيقيّة، وأغلبها تتعلّق بأهل الأندلس، وهذا يجعل الكتاب بعيداً عن الأمور الوهميّة، والخيالية.[٧]

التقنيات السرديّة في طوق الحمامة لابن حزم

اعتمد ابن حزم في كتابه طوق الحمامة العديد من التقنيات السردية، وأهمّها ما يأتي:[٢]

أثر البيئة الاجتماعيّة في كتاب طوق الحمامة

يتجلّى أثر البيئة الاجتماعية التي عاش فيها ابن حزم في مظاهر عدة ميّزت نتاجه الأدبيّ، وهي:

المراجع

  1. ^ أ ب محمد نعيم العرقسوسي، شعيب الأرنؤوط (1984م)، سير أعلام النبلاء (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 184-194، جزء الثامن عشر. بتصرّف.
  2. ^ أ ب إنصاف إبراهيم كسّاب (15-7-2014)، طوق الحمامة في الأٌلفة والأُلّاف لابن حزم الأندلسيّ، دراسة سرديّة، الأردن: جامعة جرش، صفحة 16-17، 31-62. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج الإمام محمد أبو زهرة، ابن حزم حياته وعصره - آراؤه وفقهه، القاهرة: الفكر العربي، صفحة 112-65،73،74،107. بتصرّف.
  4. ^ أ ب بلقاسمي هاجر، قصري يوسف (2012-2013)، ابن حزم الأندلسي و كتابه طوق الحمامة في الألفة و الأُلّاف،الجزائر: جامعة البويرة، صفحة 22-24. بتصرّف.
  5. ^ أ ب خیرالدین دعیش، أنساق الحُبّ المؤرخنة - مقاربة الجدل في أدب الجاحظ وابن حزم، صفحة 3-4. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث ج علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أبو محمد (1369-1950)، طوق الحمامة في الألفة والألاف ت: الصيرفي، القاهرة: مطبعة حجازي، صفحة 3-142. بتصرّف.
  7. ^ أ ب دانا عبد اللطيف سليم حمودة، شعرية النثر، طوق الحمامة أنموذجاً، صفحة 31-33. بتصرّف.
  8. ↑ د.حنان سعادات عبد المجيد عودة، فلسفة ابن حزم الأندلسي في الحُبّ ما بين التقليد والتجديد، الأردن: الجامعة الهاشمية، صفحة 4. بتصرّف.