شعر عن السيف طب 21 الشاملة

شعر عن السيف طب 21 الشاملة

السيف

كان القدماء يحملون السيف كقطعة منهم ويعطونه من صفاتهم، ويطفون عليه المهابة والعزة، وكان رمزاً للشجاعة والقوة التي تجتمع مع حكمة صاحبه، حتى أنهم تغنّوا به وقالوا العديد من الأشعار في وصف أهميته، وهنا أضع بعض هذه الأشعار.

قصائد عن السيف

من القصائد التي قيلت في السيف، نذكر ما يأتي:

فتح عموريّة

السّيف أصدق إنباءً من الكتب

في حده الحدّ بين الجدّ واللّعب

بيض الصّفائح لا سود الصّحائف في

متونهنّ جلاء الشّك والريب

والعلم في شهب الأرماح لامعة ً

بين الخميسين لافي السّبعة الشّهب

أين الرواية بل أين النّجوم وما

صاغوه من زخرف فيها ومن كذب

تخرّصاً وأحاديثاً ملفّقة ً

ليست بنبع إذا عدّت ولاغرب

عجائباً زعموا الأيّام مجفلة ً

عنهنّ في صفر الأصفار أو رجب

وخوّفوا الناس من دهياء مظلمة

إذا بدا الكوكب الغربيّ ذو الذّنب

وصيّروا الأبرج العليا مرتّبة ً

ما كان منقلباً أو غير منقلب

يقضون بالأمر عنها وهي غافلة

ما دار في فلك منها وفي قطب

لو بيّنت قطّ أمراً قبل موقعه

لم تخف ماحلّ بالأوثان والصلب

فتح الفتوح تعالى أن يحيط به

نظم من الشعر أو نثر من الخطب

فتح تفتّح أبواب السّماء له

وتبرز الأرض في أثوابها القشب

يا يوم وقعة عمّوريّة انصرفت

منك المنى حفّلاً معسولة الحلب

أبقيت جدّ بني الإسلام في صعد

والمشركين ودار الشرك في صبب

أمّ لهم لو رجوا أن تفتدى جعلوا

فداءها كلّ أمّ منهم وأب

وبرزة الوجه قد أعيت رياضتها

كسرى وصدّت صدوداً عن أبي كرب

بكر فما افترعتها كفّ حادثة

ولا ترقّت إليها همّة النّوب

من عهد إسكندر أو قبل ذلك قد

شابت نواصي اللّيالي وهي لم تشب

حتّى إذا مخّض اللّه السنين لها

مخض البخيلة كانت زبدة الحقب

أتتهم الكربة السّوداء سادرة ً

منها وكان اسمها فرّاجة الكرب

جرى لها الفال برحاً يوم أنقرة

إذ غودرت وحشة الساحات والرّحب

لمّا رأت أختها بالأمس قد خربت

كان الخراب لها أعدى من الجرب

كم بين حيطانها من فارس بطل

قاني الذّوائب من آني دم سرب

بسنّة السّيف والخطيّ من دمه

لا سنّة الدين والإسلام مختضب

لقد تركت أمير المؤمنين بها

للنّار يوماً ذليل الصّخر والخشب

غادرت فيها بهيم اللّيل وهو ضحى ً

يشلّه وسطها صبح من اللّهب

حتّى كأنّ جلابيب الدّجى رغبت

عن لونها وكأنّ الشّمس لم تغب

ضوء من النّار والظّلماء عاكفة

وظلمة من دخان في ضحى ً شحب

فالشّمس طالعة من ذا وقد أفلت

والشّمس واجبة من ذا ولم تجب

تصرّح الدّهر تصريح الغمام لها

عن يوم هيجاء منها طاهر جنب

لم تطلع الشّمس فيه يوم ذاك على

بان بأهل ولم تغرب على عزب

ما ربع ميّة معموراً يطيف به

غيلان أبهى ربى ً من ربعها الخرب

ولا الخدود وقد أدمين من خجل

أشهى إلى ناظري من خدها التّرب

سماجة ً غنيت منّا العيون بها

عن كلّ حسن بدا أو منظر عجب

وحسن منقلب تبقى عواقبه

جاءت بشاشته من سوء منقلب

لو يعلم الكفر كم من أعصر كمنت

له العواقب بين السّمر والقضب

تدبير معتصم باللّه منتقم

لله مرتقب في الله مرتغب

ومطعم النّصر لم تكهم أسنّته

يوماً ولا حجبت عن روح محتجب

لم يغز قوماً، ولم ينهد إلى بلد

إلاّ تقدّمه جيش من الرّعب

لو لم يقد جحفلاً، يوم الوغى، لغدا

من نفسه، وحدها، في جحفل لجب

رمى بك الله برجيها فهدّمها

ولو رمى بك غير الله لم يصب

من بعد ما أشّبوها واثقين بها

والله مفتاح باب المعقل الأشب

وقال ذو أمرهم لا مرتع صدد

للسارحين وليس الورد من كثب

أمانياً سلبتهم نجح هاجسها

ظبى السيوف وأطراف القنا السّلب

إنّ الحمامين من بيض ومن سمر

دلّوا الحياتين من ماء ومن عشب

لبّيت صوتاً زبطريّاً هرقت له

كأس الكرى ورضاب الخرّد العرب

عداك حرّ الثغور المستضامة عن

برد الثّغور وعن سلسالها الحصب

أجبته معلناً بالسّيف منصلتاً

ولو أجبت بغير السّيف لم تجب

حتّى تركت عمود الشرك منعفراً

ولم تعرّج على الأوتاد والطّنب

لمّا رأى الحرب رأي العين توفلس

والحرب مشتقّة المعنى من الحرب

غدا يصرّف بالأموال جريتها

فعزّه البحر ذو التّيار والحدب

هيهات! زعزعت الأرض الوقور به

عن غزو محتسب لا غزو مكتسب

لم ينفق الذهب المربي بكثرته

على الحصى وبه فقر إلى الذّهب

إنّ الأسود أسود الغيل همّتها

يوم الكريهة في المسلوب لا السّلب

ولّى، وقد ألجم الخطيّ منطقه

بسكتة تحتها الأحشاء في صخب

أحذى قرابينه صرف الرّدى ومضى

يحتثّ أنجى مطاياه من الهرب

موكّلاً بيفاع الأرض يشرفه

من خفّة الخوف لا من خفّة الطرب

إن يعد من حرهّا عدو الظّليم، فقد

أوسعت جاحمها من كثرة الحطب

تسعون ألفاً كآساد الشّرى نضجت

جلودهم قبل نضج التين والعنب

يا ربّ حوباء لمّا اجتثّ دابرهم

طابت ولو ضمخت بالمسك لم تطب

ومغضب رجعت بيض السّيوف به

حيّ الرّضا من رداهم ميّت الغضب

والحرب قائمة في مأزق لجج

تجثو القيام به صغراً على الرّكب

كم نيل تحت سناها من سنا قمر

وتحت عارضها من عارض شنب

كم كان في قطع أسباب الرّقاب بها

إلى المخدّرة العذراء من سبب

كم أحرزت قضب الهندي مصلتة ً

تهتزّ من قضب تهتزّ في كثب

بيض، إذا انتضيت من حجبها، رجعت

أحقّ بالبيض أتراباً من الحجب

خليفة اللّه جازى اللّه سعيك عن

جرثومة الدين والإسلام والحسب

بصرت بالرّاحة الكبرى فلم ترها

تنال إلّا على جسر من التّعب

إن كان بين صروف الدّهر من رحم

موصولة أو ذمام غير منقضب

فبين أيّامك اللاّتي نصرت بها

وبين أيّام بدر أقرب النّسب

أبقت بني الأصفر الممراض كاسمهم

صفر الوجوه وجلّت أوجه العرب.

أيّها السيف

أيُّهَا السَّيْفُ الذي ظلَّ المدى

بَيْنَ أسياف ذَوِيهِ سيِّدَا

وله الغِمْدُ الذي أبصرتُهُ

ورآه الناسُ قبْلي عَسْجدا

وله القبْضة كانت فضَّةً

صاغَها الصانعُ حُسْنًا مُفْرَدا

ما الذي تشْكوه فالشَّكْوى وَنَى

وهْيَ للسَّيْف حرامٌ أبدا

أنت من لا يشتكي قَطُّ ولو

غَشِيَ الْهَوْلُ الذي يسقي الرَّدى

عزَّةُ النفس تَقِيهِ المُشْتكى

راضيًا أو عاتبًا أو حَرَدا

كيف تشكو؟! أنت من نَعْهَدُهُ

مِنْ خُطوب الدَّهر يبقى أصْلدا

ولقد كنت الذي أنباؤه

جزنُ آفاقِ الدُّنَا والْفَرْقدا

ولها في مشرق الناس رضًا

ولها في مغرب الناس صدى

وهْي في هامته أوْسِمةٌ

رَاعَتِ الخُلْدَ جلالاً وهدى

أطربته فدعاها ضاربًا

لِعُلاها في عُلاه موْعدا

ترْفُدُ المجد بما يعشقه

من غواليه فيغدو أمجدا

يومُه يسبق أمسًا ماجدًا

وأجلُّ السَّبْقِ ما يأتي غدا

قال لي والدمعُ فيه جائلٌ

وبقايا الكِبْرِ صارت بدَدا

أنا من ضيَّعه أصحابُه

حينما صاروا من العجز سُدى

أودعوني الغِمْدَ لما استمرؤوا

وَهْنَهم والذلُّ يغري الأعْبُدا

طال في الغمد مقامي فغدا

ليَ لحدًا واعترى حدْيَ الصدا

لا تلم شكواي مثلي مجده

حين يجتثُّ - ولم يبغ - العِدا

وهْو في قبضة حرٍّ فارس

طبْعُه الإقدام والداعي الغدا

يده تخْطف أبصار الورى

فيقولون لها طبت يدا

نحن للموت سيوف وورى

وأنا الموتُ له أن يغمد

أحنّ إلى ضرب السيوف

أَحِنُّ إِلى ضَربِ السُيوفِ القَواضِبِ

وَأَشتاقُ كاساتِ المَنونِ إِذا صَفَت

وَيُطرِبُني وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَنا

حُداةُ المَنايا وَاِرتِعاجُ المَواكِبِ

وَضَربٌ وَطَعنٌ تَحتَ ظِلِّ عَجاجَةٍ

كَجُنحِ الدُجى مِن وَقعِ أَيدي السَلاهِبِ

تَطيرُ رُؤوسُ القَومِ تَحتَ ظَلامِها

وَتَنقَضُّ فيها كَالنُجومُ الثَواقِب

وَتَلمَعُ فيها البيضُ مِن كُلِّ جانِبٍ

كَلَمعِ بُروقٍ في ظَلامِ الغَياهِبِ

لَعَمرُكَ إِنَّ المَجدَ وَالفَخرَ وَالعُلا

وَنَيلَ الأَماني وَاِرتِفاعَ المَراتِبِ

لِمَن يَلتَقي أَبطالَها وَسَراتَها

بِقَلبٍ صَبورٍ عِندَ وَقعِ المَضارِبِ

وَيَبني بِحَدِّ السَيفِ مَجداً مُشَيَّداً

عَلى فَلَكِ العَلياءِ فَوقَ الكَواكِبِ

وَمَن لَم يُرَوِّ رُمحَهُ مِن دَمِ العِدا

إِذا اِشتَبَكَت سُمرُ القَنا بِالقَواضِبِ

وَيُعطي القَنا الخَطِّيَّ في الحَربِ حَقَّهُ

وَيَبري بِحَدِّ السَيفِ عُرضَ المَناكِبِ

يَعيشُ كَما عاشَ الذَليلُ بِغُصَّةٍ

وَإِن ماتَ لا يُجري دُموعَ النَوادِبِ

فَضائِلُ عَزمٍ لا تُباعُ لِضارِعٍ

وَأَسرارُ حَزمٍ لا تُذاعُ لِعائِبِ

بَرَزتُ بِها دَهراً عَلى كُلِّ حادِثٍ

وَلا كُحلَ إِلّا مِن غُبارِ الكَتائِبِ

إِذا كَذَبَ البَرقُ اللَموعُ لِشائِمٍ

فَبَرقُ حُسامي صادِقٌ غَيرُ كاذِبِ

حكم عن السيف