حكم الصلاة بالحذاء طب 21 الشاملة

حكم الصلاة بالحذاء طب 21 الشاملة

الصّلاة بالحذاء

ينبغي على المسلم أن يُراعي في أفعاله وأقواله وتصرُّفاته ما جاءت به الشّريعة الإسلاميّة الغرّاء؛ إذ جاء الأمر الإلهيّ بضرورة اتّباع المُصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- المُبلِّغ عن ربّه، وحيث إنّ القرآن الكريم لم يأتِ مُوضِّحاً للأحكام الشرعيّة بل جاء مُجملاً عامّاً، فقد جاءت السذُنة النبويّة المُطهَّرة مُفصِّلةً لأحكام القرآن شارحةً له، لذلك لا ينفكّ القرآن عن السُّنة، ولا يمكن لمسلم الاستغناء عن أحدهما بالآخر، ومن الأمور التي لم يأتِ لها ذِكرٌ ولا إشارةٌ في القرآن الكريم ما يتعلّق بتفاصيل الصّلاة وجُزئيّاتها، ومن بين تلك الجُزئيّات والتّفاصيل ما يخصُّ موضوع الصَّلاة بالحذاء، فما هو حُكم الصَّلاة بالحذاء؟ وهل يُعدُّ ذلك من السُّنة؟ أم أنّه ممّا لا ينبغي للمسلم فعله؟ ذلك ما ستبحثه هذه المقالة بعد توفيق الله ومشيئته.

المقصود بالصّلاة بالحذاء

معنى الصَّلاة

معنى الصّلاة بالحذاء

يُقصَد بالصّلاة بالحذاء أن يشرع المسلم في الصّلاة ويؤدّي أركانها وواجباتها من القِيام، وقراءة القرآن، والرّكوع، والسّجود وهو ينتعل حذاءَه ويلبسه، من وقت ابتداء صلاته إلى انتهائها، وتتعلّق بذلك عدّة مسائل منها: طهارةُ حذائه ونظافته من الأقذار، والمقدرة على الإتيان بأركان الصّلاة وهيئاتها من الرّكوع، والسّجود، والجلوس، وغير ذلك، وجريان العُرف والعادة على ذلك، ويتميّز هذا الموضوع بنُدرة الحديث فيه غالباً إلا في بعض المناطق؛ حسب انتشار الموضوع لديهم، وإمكانيّة قبوله أو رفضه.

حُكم الصّلاة بالحذاء

ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صلّى بنعله -حذائه- وقد فعله النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ودعا الصّحابة إلى فعله من باب مُخالفة اليهود، وكان يفعل ذلك في أحيان، ويتركه في أحيان أخرى،[٤] وقد سُئِل أَنَس بْن مَالِكٍ -رضي الله عنه- بصفته خادم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن ذلك، فقيل له: (أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ)،[٥] إلا أنّ فعل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يستوجب خُلوَّ نعليه من النّجاسات الحِسيَّة، وقبول ذلك من حيث المبدأ؛ حيث كان مسجده -صلّى الله عليه وسلّم- مُكوّناً من الحصير وعسف النّخل، فإن كان النّعل نجِساً أو به نجاسةٌ حسيّة لم تجُز الصّلاة به؛ لانتقاضه أحد شروط صحّة الصّلاة وهي طهارةُ الثّياب، أمّا إن نسي المُصلّي أنّ نعله به نجاسة، ثمّ شرع بالصّلاة وهو يلبس حذاءه، فيجب عليه أن يخلعه بمجرّد تذكُّره وعلمه بوجود النّجاسة به.[٦]

وقد قال أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بخصوص ذلك: (بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ؛ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاتَهُ، قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ جِبْرِيلَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ قَالَ أَذىً، وَقَالَ إِذا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذىً فَلْيَمْسَحْهُ، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا).[٧]

وقد ورد سبب فعل النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لذلك، ولبس نعلَيه أثناء الصّلاة؛ حيث أشار إلى أنّ ذلك يُعدّ من باب مُخالفة اليهود، فقد روى شدّاد بن قيس -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (خَالِفُوا الْيَهُود فَإِنَّهُمْ لا يُصَلُّونَ فِي نِعَالهمْ وَلا خِفَافهمْ).[٨] فيكون سبب مشروعيّة الصّلاة بالنِّعال وعلّتها هو مُخالفة اليهود؛ حيث إنّهم وقت الصّلاة الخاصّة بهم يخلعون نِعالهم وخِفافهم كما جاء عن النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث سالف الذِّكر.

هذا من حيث مشروعية الصّلاة بالنِّعال؛ أمّا حُكمها فمُختلَفٌ فيه عند الفقهاء، ويختلف حكمها كذلك في العصر الحاضر عن حكمها في عصر النبيّ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من عدّة جهات،[٩] وفيما يأتي بيان حُكم لبس النعال في الصّلاة سابقاً، وحكم ذلك في الوقت الحاضر مع تعليلٍ لذلك:

المراجع

  1. ↑ جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (1968)، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار (الطبعة الثالثة)، الهند: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، صفحة: 344، جزء: 3.
  2. ↑ كمال الدين، محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدَّمِيري أبو البقاء الشافعي (2004)، النجم الوهاج في شرح المنهاج (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة: 7، جزء: 2.
  3. ↑ ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، صفحة: 256، جزء: 1.
  4. ↑ " حكم الصّلاة بالحذاء"، إسلام ويب، 18-7-2010، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2017. بتصرّف.
  5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5850.
  6. ^ أ ب ت محمد صالح المنجد (11-8-2006)، "هل تصح الصّلاة بالحذاء"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2017. بتصرّف.
  7. ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 650، صحيح.
  8. ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم: 652، صالح.
  9. ^ أ ب محمد صالح المنجد (16-3-2005)، "الصّلاة بالنعال في المسجد المفروش بالسجاد"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2017.
  10. ↑ رأفت حامد العدني (14-4-2010)، "فقه الانتعال"، ملتقى أهل الحديث، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2017. بتصرّف.