الفرق بين القضاء و القدر طب 21 الشاملة

الفرق بين القضاء و القدر طب 21 الشاملة

القضاء والقدر

سَبَق علم الله ومشيئته كلّ شيء، فهو الوحيد المُطّلع على خفايا الأمور والمُتحكّم فيها، وقد جعل الله الإيمان بما قدَّر وقضى أصلاً من أصول الإيمان؛ وذلك لما يعتري هذه المسألة من أهميّةٍ فائقة تُؤثّر في صحّة الاعتقاد، وبالتّالي قبوله أو عدم قبوله، فإنّ المُسلم إن آمن وسلَّم بما أصابه من خيرٍ أو شرّ فقد آمن حقّاً بقدرة خالقه وتصرّفه في كلّ شيء، أمّا إن جحد وكفر وتململ فقد أساء مع خالقه وأدخل في إيمانه الوهن والضّعف، وممّا يُنقَل عن حسن الإيمان بالقضاء والقدر أنّ الإمام الشافعيّ -رضي الله عنه- سُئل مرّةً عن القدر فقال:

ما شِئْتَ كَانَ وَإنْ لَمْ أَشَأْ

خَلقْتَ الْعِبَادَ لِمَا قَدْ عَلِمْتَ

فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ

عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ

معنى القضاء والقدر

معنى القضاء

للقضاء في اللّغة عدّة معانٍ، منها:[٢]

معنى القدر

من معاني القدر في اللّغة التّرتيب والحدّ الذي ينتهي إليه الشّيء، نقول قدَّرتُ البناء تقديراً إذا رتَّبتُه وحددّتُه، وقال تعالى (وقدَّر فيها أقواتها)،[٦] أي رتَّب أقواتها وحدّدها، وقال تعالى: (إنّا كل شيء خلقناه بقَدَر)،[٧] المقصود من قوله تعالى هنا أنّ كل شيءٍ خُلِقَ بترتيبٍ وحَد، فمعنى قضى وقدَّر: حكم ورتَّب.[٢]

معنى القضاء والقدر

القضاء والقدر هو حكم الله تعالى في أمرٍ ما بمدحه أو ذمِّه وبكونه وترتيبه على صفة مُعيّنة وإلى وقت مُعيّن فقط،[٢] وقيل: هو ما قدَّرَه الله تعالى وقضاه على العالمين في علمه الأزليّ ممّا لا يملكون صرفه عنهم، وهذه العقيدة جاء بها جميع الرّسل وأقرَّتها جميع الرّسالات الإلهيّة، وليست خاصةً بالمسلمين وحدهم.[٨]

الفرق بين القضاء والقدر

كثيراً ما يتبادر للأسماع عند المصائب والكوارث، وربّما الأحزان ونادراً عن الأفراح، مصطلح القضاء والقدر، فلماذا يُقرَن القضاء والقدر غالباً بالشّر؟ وهل هناك فرقٌ جليٌّ بين القدر والقضاء؟ وكيف يكون الإيمان بالقضاء والقدر؟

علاقة القضاء والقدر بالشَّر

ينبغي على المُؤمن أن يُدرك يقيناً أنّ القضاء والقدر لا علاقة له بالشرّ والكوارث؛ فقضاء الله تعالى وقدره لا يحملان الشرّ للإنسان حتّى وإن أصابه الضّرر من قضاء الله وقدره؛ لأنّ كل ضررٍ ربما يلحق بالمرء من مُتعلّقات القضاء والقدر لا يجوز أن يُسمّى شرّاً إلا على سبيل المَجاز في الاستعمال اللغويّ فحسب، حيث قضاء الله كلَّه خير، فالله سبحانه وتعالى بحكمته وقضاءه وتقديره وعلمه الأزليّ يضع كلّ شيءٍ في موضعه المُناسب، ويكون ذلك من قبيل الحكمة الإلهيّة، عَلِم ذلك من عَلِمَه، وجَهِل من جَهِله.[٨]

الفرق بين القضاء والقدر

اختلفت أقوال العلماء في الفرق بين القضاء والقدر وكثرت الآراء في ذلك؛ فقد قال بعضهم بأنّه لا يوجد فرق بين الاثنين؛ إنّما هما لفظتان لمُصطلحٍ واحد، وأنّ معنى القضاء موجودٌ في معنى القدر، أمّا الفريق الآخر فقد قالوا بأنّه يوجد اختلافٌ في المعنين، وفيما يأتي بيانٌ للأقوال والأدلة:[٩]

مراتب الإيمان بالقضاء والقدر

وضع العلماء عدداً من المراتب للقدر يجب إدراكها جميعاً حتّى يكتمل إيمان المسلم، وتلك المراتب هي:[١٢]

كيف يُؤمن المسلم بالقضاء والقدر

هناك بعض أمور يجب على المسلم أن يقوم بها ويتيقّن بصدقها حتّى يكون إيمانه بالقضاء والقدر حقيقةً وواقعاً، لا مُجرّد كلامٍ خارجٍ دون معرفة توابعه، أو دون أن يكون مُصدَّقاً بالعمل والقلب والجوارح، وبيان ذلك فيما يأتي:[١٣]

استمدَّ العلماء واستنتجوا تلك النّقاط من الحديث المشهور في بيان معنى الإيمان بالقضاء والقدر، والذي يرويه ابن عباس رضي الله عنه حيث يقول: (كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا قال يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ).[١٤]

قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: (وقع في نفسي شيء من القدر فأتيت أبي بن كعب فقلت: يا أبا المنذر وقع في نفسي شيء من القدر خفت أن يكون فيه هلاك ديني أو أمري، فقال: يا ابن أخي إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم، ولو أن لك مثل أحد ذهبا أنفقته في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطئك لم يكن ليصيبك، وإنك إن مت على غير هذا أدخلت النّار).[١٥]

المراجع

  1. ↑ أبو محمد عفيف الدين عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي (1992)، مرهم العلل المعضلة في الرد على أئمة المعتزلة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الجيل، صفحة 97.
  2. ^ أ ب ت أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، الفصل في الملل والأهواء والنحل، القاهرة: مكتبة الخانجي، صفحة 31، جزء 3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سورة الإسراء، آية: 23.
  4. ↑ سورة الحجر، آية: 66.
  5. ↑ سورة البقرة، آية: 117.
  6. ↑ سورة فصلت، آية: 10.
  7. ↑ سورة القمر، آية: 49.
  8. ^ أ ب المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، مصر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، صفحة 530. بتصرّف.
  9. ↑ الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، "القضاء والقدر"، مجلة البحوث الإسلامية ، المجلد 79، صفحة 119-122. بتصرّف.
  10. ↑ رواه العيني، في نخب الأفكار، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 14/61، روي مطولاً بغير هذا اللفظ بسندٍ صحيح.
  11. ↑ سورة مريم، آية: 21.
  12. ↑ المنتدى الإسلامي، "مسائل مهمة في باب القضاء والقدر"، مجلة البيان، العدد 176، صفحة 30. بتصرّف.
  13. ↑ محمد بن جميل زينو (1997)، مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع، الرياض: دار الصميعي للنشر والتوزيع، صفحة 162، جزء 2. بتصرّف.
  14. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2516، صحيح.
  15. ↑ رواه الذهبي، في المهذب، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم: 8/4212، إسناده صحيح.