ما هي البدعة طب 21 الشاملة

ما هي البدعة طب 21 الشاملة

البِدعة

لعلَّ من أكثر ما يمرُّ من الأحكام على أسماع المسلمين ويحتارون في مضمونه ما يتعلَّق بالبِدعة، فقد ظهرت فِرَقٌ إسلاميّة عدّة، تُعطي لكلّ مسألةٍ لم يرد فيها حكمٌ شرعيٌّ، أو لم يكن لها سندٌ شرعيٌّ، أو تطبيقٌ نبويٌّ، وصفَ البِدعة، أو ما يُسمّى بالبِدَع، وقد زاد الأمر عن حدِّ المعقول حتى إنَّ البعض يُعطون حتّى ما يتعلَّق بالأمور الدنيويّة لقب بِدعة، فلم يبقَ للناس من أمور دنياهم سبيلٌ يلجؤون إليه ليس فيه بِدعةٌ، ممّا يعني توغّل الإثم في جميع تصرّفاتهم وأفعالهم وحاجياتهم، فما هي البِدعة في الإسلام، وما هي النظرة الصحيحة لها بناءً على النصوص النبويّة الصحيحة، وهل صحيحٌ أن كلَّ مُحدثٍ بِدعة، أم أنّ للبِدعة قيوداً وضوابط وحدوداً، فلا ينطبق لفظ البِدعة إلا على ما تتوفر فيه تلك الضوابط والشروط؟

معنى البِدعة

البِدعة لُغةً

البِدعة في اللغة: مفرد بِدْعات وبِدَع، ولها عدّة معانٍ حسب استخدامها في الجملة، وهي:[1]

البِدعة اصطلاحاً

للبِدعة في الاصطلاح الفقهيّ عدّة تعريفات، وهذه التعريفات جميعها مُكمِّلةٌ لبعضها البعض، وممّا جاء في تعريف البِدعة عند العلماء ما عرَّفه الإمام ابن تيمية، فعرّف البِدعة في الدين بأنّها ما لم يُشرِّعْه الله -سبحانه وتعالى- أو رسوله المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، أو هي فعل ما لم يأمر به الله ورسوله أمر إيجابٍ، أو حتّى أمر استحباب.[2]

وعرَّف الإمام الشاطبيّ -رحمه الله- البِدعة بأنّها طريقةٌ مخترعةٌ في دين الله، تُضاهي أو تُماثل الأحكام الشرعيَّة، وتُضاهي هنا تعني (أنّها تشبه الطريقة الشرعيّة، غير أنّ الحقيقة ليست كذلك بل هي مُضادّة لها)، ويُقصَدُ بفعل تلك الطرق وابتداعها والسلوك عليها زيادةُ التقرُّب إلى الله -سبحانه وتعالى- والمبالغة في عبادته عزَّ وجل، وهذا التعريف يصدق عند من يرَون أنّ البِدع لا تدخل في العادات؛ فلا يمكن حسب رأيهم أن تُسمّى العادات بِدَعاً، إنّما لا تُطلق البِدعة إلا على ما كان مُحدَثاً في دين الله -العبادات على وجه التّخصيص.[2]

ومن يرى إدخال الأعمال العاديّة والعادات اليوميّة في معنى البِدعة، فقد عرَّف البِدعة بمفهومٍ آخر هو أنّها (طريقة في الدِّين مُخترَعةٌ، تضاهي الشّرعيّة، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعيّة)، ويرى الإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله- أنّ للبِدعة مفهوماً آخر فيقول: (والمراد بالبِدعة ما أُحدِث ممّا لا أصل له في الشريعة يدلُّ عليه، فأمّا ما كان له أصل من الشرع يدلّ عليه، فليس ببِدعة شرعاً، وإن كان بِدعةً لغةً، فكلّ من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدِّين يرجع إليه فهو ضلالة، والدّين بريء منه، سواءً كان ذلك في مسائل الاعتقادات، أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة).[2]

حدّ البِدعة في الشرع

نشأ التوسُّع في إطلاق لفظ التبديع والبِدعة على الكثير من الأمور والعادات نتيجة خلاف العلماء في معنى مفهوم البِدعة وحدودها وضوابطها، لذلك فإنّ من يُدرك حدود البِدعة شرعاً يعي جيّداً ما يُمكن إدخاله في مفهوم البِدَع وما لا يمكن أن يكون منها، وفيما يأتي بيان آراء العلماء في حدّ البِدعة الشرعيّ:

التّوسع

توسَّع بعض العلماء في تحديد معنى البِدعة وحدودها؛ فحملوها على جميع ما أُحدِث من أمور بعد عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- سواءً كانت تلك الأعمال تتعلّق بالعبادات وترجع إليها، أم أنّها لا تتجاوز كونها مجرّد عاداتٍ أو حتّى إن كانت من المعاملات، ولم يُفرِّقوا كذلك بين إن كانت تلك البِدعة أو ذلك الأمر والفعل المُبتدَع حسناً أم قبيحاً.[3]

وقد سلك الإمام الشافعيّ -رحمه الله- هذا المسلك، وتبنّى هذا الرأي؛ حيث يرى كما ينقل عنه ابن حجر أنّ البِدعة عنده بِدعتان: هما بِدعةٌ محمودة، وبِدعةٌ مذمومة، وأنّ ما وافق السنة من تلك البدع فهو محمود، وما خالف السنة يدخل في نطاق البدع المذمومة، كما نُقِل عن الإمام الشافعيّ -رحمه الله - أنّه كان يقول بخصوص المُحدَثات -البدع- أنّها ضربان: الضّرب الأوّل ما أُحدِث وكان في مضمونه يخالف كتاب الله، أو يخالف سُنّة رسوله، أو يخالف أثراً أو إجماعاً، فهذا النوع من البدع يُعدّ من بدع الضلال، أمّا الضّرب الثاني فيدخل فيه ما أُحدِث من الخير ولا يخالف شيئا من كتاب الله، أو سُنّة نبيّه، أو أثر أو إجماع، فهذا يُعدّ مُحدَثاً غير مذمومٍ.[3]

وقد قسَّم الإمام الفقيه سلطان العلماء العزّ بن عبد السلام البِدعة بناءً على تعريفه لها إلى خمسة أقسام، تندرج تحت التكاليف الشرعيّة الخمسة؛ فالبِدعة عنده تُعرَّف بأنها: (ما لم يُعهَد في عصر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهي تنقسم إلى بِدعة واجبة، وبِدعة مُحرَّمة، وبِدعة مندوبة، وبِدعة مكروهة، وبِدعة مُباحة)، أمّا طريق معرفة نوع البِدعة بناءً على تقسيمه السابق فيكون بأن يُعرَض الأمر المُحدَث -البِدعة- على القواعد العامّة للشريعة الإسلاميّة، وبيان ذلك فيما يأتي:[3]

التّضييق

جعل بعض العلماء البِدعة أضيق من ذلك؛ فلم يجعلوا فيها إلا ما جاء مخالفاً للشريعة، وممّن يرى ذلك الإمام الشاطبيّ رحمه الله، حيث يُفسّر البِدعة بأنّها (الطريقة المخترعة على أنّها من الدين وليست من الدين في شيء، فهي بِدعةٌ مذمومة في كلّ حال، ولا يدخل في حقيقتها واجب أو مندوب أو مباح)، فيظهرمن قوله أنّ البِدعة ما كانت في الدين فقط، فإن لم تكن في الدين كأن تكون من أمور الدنيا فلا تُسمّى بِدعةً، كإحداث ما يتعلّق بالصناعات الحديثة، أو تقسيم البلدان، أو غير ذلك من أمور الدنيا التي لم تكن موجودةً من قبل، وكذلك ما جرى اختراعه بعد عصر النبوّة من أمور ترتبط بالدين إلا أنّها ليست منه، كتعلم النّحو وتعليمه، وتعلّم علم أصول الفقه، وغير ذلك من العلوم التي تخدم لشريعة، فلا تُعدّ مثل هذه الأمور بِدعاً؛ لأنّه قد جاء ما يوافقها من الشريعة، ولها فيها أصول تندرج تحتها وتنبني عليها.[3]

أقسام البِدعة

قسم الإمام الشاطبيّ البِدعة إلى قسمين رئيسين، هما البِدعة الحقيقيّة، والبِدعة الإضافيّة، وبيانهما فيما يأتي: [4]

المراجع

  1. ↑ "تعريف البِدعة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2017. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، نور السُّنة وظلمات البِدعة، السعوديّة: مطبعة سفير، صفحة: 18-20. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث " بحوث في العقيدة > البدع طعن في الشريعة وقدح في كمالها "، مجلة البحوث الإسلاميّة، 1406هـ، العدد: 14، المجلد: 14، صفحة: 159. بتصرّف.
  4. ↑ "تقسيم البِدعة إلى حقيقيّة وإضافيّة"، WWW.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-10-2017. بتصرّف.