ما الفرق بين العفو والمغفرة طب 21 الشاملة

ما الفرق بين العفو والمغفرة طب 21 الشاملة

العفو وصية ربانية للمسلمين

إنّ الله -سبحانه- اتّصف بالعفو والمغفرة، والصفح عن ذنوب وزلّات عباده، كما أنّه أمر المسلمين بتطبيق هذا الخلق الرّفيع فيما بينهم، فما من شكٍّ أنّه قد يحصل بعض المواقف التي يُخطئ فيها الإنسان بحقّ أخيه عن قصدٍ أو دون قصدٍ، ثمّ يهمّ بالاعتذار إليه ليسامحه، فرغّب الله -سبحانه- أن يقبل المسلم اعتذار أخيه، ويسامحه عمّا بدر منه من سوءٍ، حيث قال الله تعالى: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)،[1] وقد أمر نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك، فقال: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)،[2] وكذلك فإنّ العفو وصيّة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- للمؤمنين، فقد قال مُوصياً أحد صحابته: (يا عقبةُ بنَ عامرٍ صِلْ من قطعَكَ، وأَعْطِ من حَرَمَكَ، واعْفُ عمَّن ظلمَكَ)،[3] والعفو من صفات المؤمنين المتقين، وأعظم مثالٍ يُحتذى به في العفو هم صحابة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، إذ كان الواحد فيهم إذا أغضبه شخصٌ أو أساء له، لا يكتفي بالعفو والمغفرة وحسب، بل كان بعضهم يطلقه حرّاً لوجه الله إذا كان عبداً، وللعفو عن الناس فوائد جليلة عظيمة، أعظمها أن تسود الألفة والمحبة بين الناس، فلا يحمل أحدهم السوء في قلبه على أحدٍ، بل إنّ العفو يقلب العدوّ صديقاً قريباً، قال الله -تعالى- في آثار العفو بين الناس: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)،[4] والعفو والصفح يعودان بالخير على صاحبها دائماً، فقد وعد الله -تعالى- من يغفر زلّات الناس في حقّه أن يغفر الله ذنبه، قال الله تعالى: (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).[5][6]

تعريف العفو والمغفرة

عرّف العلماء العفو والمغفرة لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك على النحو الآتي:

الفرق بين العفو والمغفرة

ذهب العلماء إلى رأيين في توضيح الفرق بين العفو والمغفرة؛ فرأى بعضهم أنّ العفو أشمل من المغفرة، ورأى آخرون عكس ذلك؛ بأنّ المغفرة أشمل من العفو، وفيما يأتي بيان ذلك:[8]

ومن منطلقٍ آخر رأى بعض العلماء أنّ الفرق بين العفو والمغفرة يكون من حيث إنّ المغفرة تأتي بمعنى إسقاط العقاب ومنح الثواب، وتكون في حقّ الله -سبحانه- تجاه عباده؛ أي أنّ الله -تعالى- وحده هو من يغفر الذنوب والزلّات، ويلحقها بالثواب، ولذلك يُقال: غفر الله لك، ولا يُقال: غفر فلانٌ لك، إلّا في نوادر الأحوال، أمّا العفو فهو بمعنى إسقاط اللوم والذّم، ولا يقتضي إلحاق ذلك بالثواب، لذلك فقد يُقال: عفا الله عنك، ويُقال: عفا فلانٌ عن فلان، ونُقل عن ابن تيمية -رحمه الله- أنّه قال: العفو متضمّنٌ لإسقاط حقّه قبلهم ومسامحتهم به، والمغفرة متضمّنةٌ لوقايتهم شرّ ذنوبهم، وإقباله عليهم، ورضاه عنهم؛ بخلاف العفو المجرّد؛ فإنّ العافي قد يعفو، ولا يُقبل على من عفا عنه، ولا يرضى عنه، فيتّضح ممّا سبق أنّ المغفرة أعمّ وأشمل من العفو؛ لما يلحق بها من عطاءٍ وثوابٍ.[8]

ورد في القرآن الكريم آية تضمّنت العفو والمغفرة، ثمّ عطفت عليهما الرّحمة كذلك، حيث قال: (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)،[10] وجاءت تفاسير العلماء في تبيان معنى الآية الكريمة متتعدّدةٍ؛ إذ ذهب الطبريّ إلى أنّ المؤمنين سألوا الله -تعالى- العفو من التقصير في أداء الطاعات والواجبات التي عليهم، إذ سُبق الدعاء بقول الله تعالى: (وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ)،[10] ثمّ أعقبوا الدعاء بسؤال الغفران، بمعنى ألّا يؤاخذهم الله بزلّاتهم ولا يُحاسبهم عن تقصيرهم بما عليهم، بل يُقابل ذلك بالصفح والعفو، ثمّ جاء السؤال بالمغفرة؛ أي أن يستر الله عليهم قبيح أفعالهم، فلا يفضحهم بها، ثمّ يأتي السؤال بالرحمة تتغمّدهم وتنجيهم من عذابه.[11]

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 109.
  2. ↑ سورة الأعراف، آية: 199.
  3. ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 6/859، إسناده صحيح.
  4. ↑ سورة فصلت، آية: 34.
  5. ↑ سورة التغابن، آية: 14.
  6. ↑ "العفو والصفح"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-9. بتصرّف.
  7. ↑ "معنى كلمة العفو"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-7. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث "الفرق بين المغفرة والعفو"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-7. بتصرّف.
  9. ↑ "معنى كلمة المغفرة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-7. بتصرّف.
  10. ^ أ ب سورة البقرة، آية: 286.
  11. ↑ "الفرق بين العفو والمغفرة والرحمة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-9. بتصرّف.