-

موضوع موثق حول الحقوق والواجبات

موضوع موثق حول الحقوق والواجبات
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الحقوق والواجبات

إنَّ الحياة بين البشر تقوم على أساس التكامل والتوازن في الحقوق والواجبات، فقد كان من الضروري أن يعلم الفرد أنّه مثلما هناك حقوق يكتسبها، فهناك واجبات تُطلَب منه ويجب احترامها، وأنَّ حقوقه بالأصل هي واجبات غيره عليه، وواجباته هي حقوق لغيره، فإنَّ هذه العلاقة الترابطية في الحقوق والواجبات هي التي تنظم شكل العلاقة بين الأفراد ضمن المجتمع الواحد.[1]

مفهوم الحق

اختلف فقهاء القانون في وضع تعريفٍ واحدٍ للحق، وذلك لكثرة الحقوق وتنوع خصائصها، فكان من الصعب عليهم الاجتماع على رأي واحد، حتى إنّ البعض منهم قد أنكر فكرة الحق بذاتها، باعتبار أنّ الحق هو سيطرة إرادة الشخص صاحب الحق على إرادة الشخص الملزم به، بينما اتجه البعض الآخر إلى إثبات فكرة الحق، بتعريفه بأنه سلطة ممنوحة لشخص، وهذه السلطة لا يمكن إنكارها، ومنهم من وضع تصوراً جديداً لفكرة الحق واستبدلها بالمركز القانوني الذي يجعل الشخص ملزماً اتجاه شخص آخر، بينما الحق من الناحية الأخلاقية، هو ما يحصل عليه الفرد من مكاسب مادية أو معنوية يثبتها القانون له، بحيث يستطيع الفرد الدفاع عن مصالحه والمطالبة بها.[2][3]

أنواع الحقوق

قسم الفقهاء الحقوق إلى تقسيمات عدة، حيث لم تكن لجميع هذه التقسيمات أهمية متساوية، وكما أن معظم تلك التقسيمات كانت متداخلة بعضها ببعض، ومن هذه الحقوق:[4]

  • الحقوق السياسية: هي الحقوق التي تُمنح للشخص المنتمي إلى جماعة سياسية، كبلدٍ معين مثلاً، وتمكنه من المشاركة في إدارة الدولة، ومن هذه الحقوق حق الانتخاب، وحق الترشح في المجالس النيابية أو المجالس المحلية، وحق تولي الوظائف العامة في الدولة.
  • الحقوق اللصيقة بالشخصية: وتسمى الحقوق الشخصية، التي تثبت للشخص بكونه إنساناً، بغض النظر عن جنسيته، سواء كان من مواطني الدولة أو كان أجنبياً عنها، ونظراً لارتباط هذه الحقوق بعناصر الشخصية فقد سُمّيت الحقوق اللصيقة للشخصية، وتعد هذه الحقوق ضرورية ليمارس الإنسان نشاطه، وبدونها لا يكون الإنسان آمناً على حياته، ومن أمثلتها: الحق في الحياة، والحق في سلامة الجسد، والحق في حماية الكيان الأدبي للشخص؛ كالشرف، والكرامة، والخصوصية، والفكر، والاسم، والصورة، والصوت، والسرية.
  • حقوق الأسرة: هي الحقوق التي تثبت للفرد باعتباره عضواً من أعضاء الأسرة، حيث إنّ هذه الحقوق لا تمنح السلطة لأصحابها فقط، بل تتطلب منهم تقديم الواجبات في الوقت ذاته، كحق الزوج في الطاعة، وحق الزوجة في الإنفاق عليها، وحق الأب في تربية أولاده، وحق الأبناء في التعليم والنفقة عليهم.
  • الحقوق المالية: وتنقسم هذه الحقوق إلى حقوق عينية وحقوق شخصية، فالحق العيني هو السلطة المباشرة للشخص على شيء معين دون وساطة من أحد، بينما الحقوق الشخصية فهي رابطة قانونية تقوم بين شخصين، يخوّل القانون أحدهما وهو الدائن أن يطالب المدين بالقيام بعمل ما، أو الامتناع عن عمل ما، أو إعطاء شيء ما.
  • الحقوق الذهنية: هي الحقوق التي يقرها القانون على أشياء معنوية غير محسوسة ناتجة عن فكر أو ذهن، فيكون لصاحب الحق الذهني الاستئثار بالشيء الذي ابتكره، بحيث ينسبه إليه، ويستغله استغلالاً مالياً.

مفهوم الواجب

يُعرّف الواجب بأنّه التزام أخلاقي أو ديني أو مجتمعي يتعلق بقضية معينة. فالحق كما هو معروف يقرره القانون، وهذا الحق لا تكون له قيمة إلا إذا فُرض على الأفراد المكلفين به احترامه، فإنَّ هذا الاحترام يكون واجباً يقع على عاتقهم، فهو واجب قانوني إذا لم يقم الأفراد بالعمل به يجبرهم القانون على ذلك، وقد يكون الواجب الذي يقع على عاتق الأفراد واجب عام أي يشمل الجميع بعدم التعرض لصاحب الحق، وقد يكون واجباً خاصاً بحيث يخص شخصاً معيناً أو مجموعة معينة بالسماح لصاحب الحق اقتضاء حقه.[3][5]

أنواع الواجبات

تقسم الواجبات إلى قسمين، هما:[3]

  • الواجب الأخلاقي: وهو الالتزام النابع من الضمير الأخلاقي للفرد، فقد يشعر به الإنسان دون أن يلاحظه أحد، بحيث لا يمكن للفرد أن يقوم بواجباته الأخلاقية إلا إذا شعر بالحرية دون أن يجبره عليها أحد، وبالمسؤولية التي يتحملها الإنسان إرادياً وأخلاقياً، وبالرغبة في تحقيق الخير، فإن توافرت هذه العناصر الثلاثة فإنها تكفل للإنسان القيام بالواجبات عن طيب خاطرٍ.
  • الواجب الاجتماعي: وهو مجموعة من القواعد التي تصدر من الجماعة إلى شخص ما، ويجب عليه احترامها حتى لو لم تتماشَ مع مصلحته الخاصة، لما يترتب على مخالفتها من ضررٍ للمجتمع والناس عامّة، وقد يكون الواجب الاجتماعي محدداً بقوانين، أو قد يكون عرفياً، من شأنه أن يحافظ على تكامل المجتمع واستقراره.

الحقوق والواجبات في الإسلام

لقد حرص الإسلام في أحكامه على الموازنة بين حقوق الفرد وواجباته، بل حدد ماهية هذه الحقوق وطرق حمايتها، وأمر المسلمين بها، وعاقب من يتعدى عليها، ومن أبرز الحقوق التي دعا الإسلام إلى المحافظة عليها:[1][6]

  • الحرية الدينية: أعطى الإسلام للناس حرية اختيار معتقداتهم، ومنع إكراه أحد على الدخول في الإسلام، ولم يقتصر ذلك على الحرية الدينية فقط بل شمل جميع أنواع الحريات؛ كحرية التنقل، والعمل، وممارسة الشعائر الدينية.
  • حق الكرامة الإنسانية: كرم الله تعالى البشر باختلاف أعراقهم وأجناسهم، فدعا الإسلام إلى الوحدة الإنسانية بعيداً عن الصراعات والحروب.
  • حق الملكية الخاصة: حرم الإسلام الاعتداء على أيّ أحد في الوطن، سواء كان مسلماً أو غير مسلم، حيث جعل قتل النفس البشرية كقتل الناس جميعاً، وإحياء النفس البشرية كإحياء الناس جميعاً.
  • حق العدل: إنَّ الإسلام دين الحق، فقد أمر أن يتم الحكم بين الناس بعدل وإنصاف، ودون محاباة أحد.
  • حق المساواة: أمر الإسلام بالمساواة بين الناس جميعاً في الحقوق والواجبات، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، فأعطاهم حق الحياة، والحرية الدينية، وممارسة الشعائر الخاصة بهم، وغيرها من أنواع الحريات.
  • حق الرعاية: لا تقتصر الرعاية على المواطنين المسلمين بل يمتد الحق لرعاية المواطنين غير المسلمين، فتتمثل في حمايتهم من أي عدوان خارجي على أراضيها.
  • التعلم والتعليم: فالتعليم في الإسلام ليس حقاً فقط بل هو واجب وفريضة على الجميع، وسمح كذلك لغير المسلمين بتعلّم دينهم، وتاريخهم، ومعارفهم.

المراجع

  1. ^ أ ب د. سالم بن نصيرة (15-8-2011)، "الحق والواجب"، www.alittihad.ae، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2018. بتصرّف.
  2. ↑ علي الزعبي (2006)، حق الخصوصية في القانون الجنائي (الطبعة الأولى)، بيروت: المؤسسة الحديثة للكتاب، صفحة (62-69)، جزء 1. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت الديوان الوطني للتعليم والتكنولوجيا عن بعد، "الحقوق والواجبات"، www.univ-skikda.dz، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2018. بتصرّف.
  4. ↑ د.نبيل سعد (2010)، المدخل إلى القانون، نظرية الحق (الطبعة الأولى)، بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية، صفحة 42، 43، 44، 50، 61، 62، 83، 84، 98، جزء 1. بتصرّف.
  5. ↑ د. توفيق فرج (1983)، المدخل للعلوم القانونية ، القاهرة: مؤسسة الثقافة الجامعية، صفحة 4، 5. بتصرّف.
  6. ↑ د. حسن السيد، "حقوق المواطنة وواجباتها في ضوء الكتاب والسنة"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2018. بتصرّف.