موضوع عن يوم الأم
يوم الأم هو يوم الحياة والأسرة، هو يومٌ تُعلن فيه الدقائق والساعات عن انحنائها لمن ربّت وعلّمت وزرعت ولم تنتظر مقابل، ولم تُفكّر أبدًا إلا بأبنائها، فالأم تعمل وتُعطي وتضحّي دون أن تلتفت لمقابل، وهي النبع الصافي والشجرة الوارفة والغيمة التي تُمطر حبًا وعطاءً، ويوم الأم ما هو إلا رمزٌ يُعبّر عن الحب اللامحدود للأم، رغم أنَّ الأم لا يكفيها يومٌ واحد فقط، لأنها زينة الأيام وبهجتها، بل إنَّ جميع الأيام أيّامها، فهي الضلع الأقرب للقلب، والأكسجين الذي يحمل كلّ معاني الحياة، والروح التي تُحلّق في فلك الحب والأمل، ولا يشعر بعظمة الأم ومكانتها إلا من عاش حياته بلا أم، فمن لم يكن له أم لن تكفيه أفراح الدنيا لتردم الحزن العميق في داخله، لأنَّ الأم هي الفرح وسرّ الابتسامة.
بغض النظر عن التاريخ الذي يحتفل فيه العالم بيوم الأم، يكفيها شرفًا وفخرًا أنَّ الله تعالى جعل رضاه مقرونًا برضاها، وأمر بطاعتها وبرّها، بل إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أوصى بالأم وجعلها أحقّ الناس بالصحبة والحب والولاء، فالأم لا تحمل ابنها وتُعطيه من جسمها وصحّتها فقط، بل تظلّ حاملةً لهمّه حتى بعد أن يكبر ويُصبح أكثرة قوةً منها، ولا أحد يتمنى الخير للأبناء أكثر من الأم، لأنها الوحيدة التي ترجو أن يكون أبناؤها أفضل منها في كل شيء.
حضن الأم هو أكثر الأماكن أمنًا وأكثرها اتساعًا رغم ضيقه، وقلبها جنة لا يحدّها حد، ودعواتها بلسمٌ يشفي القلوب، ومهما جرت الأقلام في مدحها فلن توفيها الكلمات ولو جزءًا بسيطًا من حقها، ولا يوجد أصدق من وصف الله تعالى حيث قال في كتابه العزيز: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ). [سورة لقمان: 14]، ولله درّ الأم ما أعظم برّها، ولله درّها حين تختصر الدنيا كلها في قلبها، فهي التي تزرع القلب أشجار الخير ليُزهر الفرح والعطاء، ولولاها لكان وجه الحياة كئيبًا، ولو أُتيحب الفرصة أن يتحول الخير إلى تمثال، لتمثّل بصورة الأم، وصدق الشاعر حين قال:
الأُمُّ تلثُمُ طفْلَها وتَضمُّه
حرمٌ سماويُّ الجمال مقدَّسُ
تتألَّه الأَفكارُ وهي جوارهُ
وتَعود طاهرةً هناكَ الأَنفسُ.