موضوع عن عيد المولد النبوي الشريف
يوم المولد النبويّ الشّريف
كلُّ القُلوبِ إلىَ الحبيبِ تَمِيْلُ
أَمَّا الدَّلِيِلُ إذَا ذَكرتَ محمداً
الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل من عام الفيل، هذا اليوم الذي سطّر للبشريّة تاريخًا جديدًا مُشرقًا، يهدي النّاس من الظلمات إلى النّور بإذن الله تعالى، إنّه اليوم الذي طلع فيه البدرُ علينا، ووُلد فيه أفضل وأطهر وأحسن خلق الله تعالى، نبيّنا حبيبنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، إذ قال تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) (آل عمران: 164)؛ فكان وسيظلّ إلى الأبد يومًا عظيمًا في الدين الإسلاميّ، يومًا محفورًا في قلوب المسلمين الذين يحتفلون به كلّ عام، ويقيمون من أجله الفعاليّات ومجالس الذكر التي تملؤها الروحانيّة والطمأنينة، والمحاضرات التي تسرد عبرًا عظيمة من سيرته، وينشدون الأناشيد العذبة وأبيات الشعر التي تغنّت بفضائل النبي عليه السلام وصفاته الحميدة، منها قصيدة البردى للإمام البوصيري التي قال فيها:
محمدٌ سيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْنِ
نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ
في يوم المولد النبويّ الشريف نستذكر معاناة نبيّنا الكريم عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام في سبيل الدعوة الإسلاميّة كي يصلنا الدين الإسلاميّ كما أنزله الله تعالى عليه، ونستذكر استشعار أرواحنا الدائم بوجوده بيننا، من خلال اتباعنا لسنّته النديّة الفضيلة في كلّ جوانب حياتنا في كلّ أيامنا لا في يوم معيّن فقط، والتماس أثر الاقتداء به على أنفسنا وما حولها وعلى الحياة بأكملها، فنتعاون سوياً ونحفّز أطفالنا على فعل الخير وتعريفهم ببعض ما كان يفعله عليه الصلاة والسلام من أمور خيّرة، والأخذ بيدهم لنشرها أيضًا وتعريف من حولهم من أصدقائهم بها، مثل: إعطاء صدقة، أو دفع بلاء عن أحدهم، أو إطعام مسكين، أو توزيع الماء على العاملين تحت أشعة الشمس، أو إماطة الأذى عن الطريق.
إنّ حبّ الرسول عليه أتمّ الصلاة والتسليم، ودراسة سيرته الكريمة والنهل من دروسها العظيمة، وفعل شتّى أمور الخير التي حثّ عليه السلام على فعلها غير مقتصر على يوم واحد، إنّما يجب فعله كلّ يوم، ففي الآية الكريمة يخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام قومه: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران: 31)، ومن أحسن من صبغة الله التي نادى بها رسولنا الكريم؟ ومن مسلك النفس لكلّ ما يبعث الجمال والخير فيها، ويسير بها إلى دروب مُزهرة أخّاذة تُدخله الجنان؟ فعليك يا رسولنا الكريم أفضل الصلوات وأتم التسليم وعلى آلك وصحبك الكرام، يا من كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وأحسن منك لَم تَرَ قطُّ عَيني
يا من خُلقت مبرَّءاً من كُل عيب