أبو الطيب المتنبي
شعراء العصر العباسي
يعدّ العصر العباسي من أكثر العصور الإسلامية ازدهاراً في جميع جوانب الحياة السياسية، والثقافية، والاقتصادية، والأدبية، وقد ظهر ذلك بشكل واضح وجليّ في ازدهار الحركة الشعرية، والأدبية، فقد ظهر في هذا العصر العديد من الشعراء الذين لا زال الأدب وكتب التاريخ تتحدث عنهم، وعن أشعارهم، من أمثال: أبي العتاهية، والشافعي، وأبو فراس الحمداني، والمتنبي، وأبي نواس، وغيرهم، وفي هذا المقال سنعرفكم على الشاعر العباسي أبي الطيب المتنبي.
أبو الطيب المتنبي
المتنبي هو أحمد بن الحسن بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، وقد اختلف الرواة في نسبه فقد قُيل أنه هو نفل، وقُيل أنه ابن سقاء كان يعيش في الكوفة، وقُيل أنه من قبيلة كندة اليمنية، ولد المتنبي في مدينة الكوفة في عام 915م -303ه، ونشأ وترعرع في بلاد الشام، ويعتبر المتنبي من أشهر شعراء العصر العباسي، حيث إن شعره يعدّ الأكثر تداولاً بين الناس بعد أكثر من ألف سنة على وفاته.
سبب تلقيبه بالمتنبي
اختلف الرواة في سبب تلقيب المتنبي بهذا اللقب فقد ظهرت العديد من الآراء التي حاولت تفسير ذلك، منها:
- لُقب أبو الطيب بالمتنبي أي مدعي النبوة، وقد قُيل أنه ادعى النبوة في بادية السماوة بين الكوفة والشام، وقد أسره أمير حمص لؤلؤ بسبب ذلك، وقد أطلق سراحه بعد أن رجع عن دعواه، وفي شعر أبي الطيب ما يؤيد هذا القول ويدعمه؛ من ذلك قوله:
سأطلب حقي بالقنا ومشايخٍ
إذا شئتُ خفَّتْ بي على كلِّ سابحٍ
- هناك من يرى أنه لُقب بهذا اللقب بسب أبيات قالها في بادية كلب، وهي:
ما مقامي بأرض نخلة إلا
أنا في أمَّةٍ تداركها الله
- رأي بعض الرواة بأن أبا الطيب لقب بالمتنبي بسبب تفوّقه في الشعر على كافّة معاصريه، ومن جاء بعدهم من الشعراء، فقد قال عنه ابن رشيق: "ملأ الدنيا، وشغل الناس، كما قُيل: أنّه قال :أنا أول من تنّبأ بالشعر".
شعر المتنبي
يعتبر شعر المتنبي انعكاساً صادقة لصورة للعصر العباسي، فقد تحدث في شعره عن الثورات، والاضطرابات، والآراء، والمذاهب التي ظهرت في فترة حياته، كما أنّه تحدث في شعره عن حياته، وطموحه، وعقله، وشجاعته، وسخطه، ورضاه، وقد تميّز شعره بالقوّة، والجزالة، والابتعاد عن الصنعة والتكلف الذي ساد في عصره، وقد نظم المتنبي في العديد من الأغراض الشعرية، منها:
المدح
نظم المتنبي الكثير من القصائد في غرض المدح، فقد نظم في مدح سيف الدولة الحمداني، ومن ذلك قصيدته:
الوصف
يعتبر شعر المتنبي سجلاً تاريخياً، وصف فيه المعارك التي دارت في عصره، وخاصة تلك الحروب التي خاضها سيف الدولة الحمداني، ومن ذلك قوله:
مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني
وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيّ فِيهَا
الحكمة
اشتهر المتنبي بشعر الحكمة، وقد جرت بعض أبياته الشعرية، مجرى الأمثال، وذلك بسبب صدقها، واتصالها بالنفس الإنسانية، ومن ذلك أبياته التي تصف الحياة:
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ
مقتل المتنبي
قُتل المتنبي وهو عائد من الكوفة برفقة ابنه محمد، وغلامه مفلح، عندما لقيه فاتك بن أبي جهل الأسدي، وهو خال ضبّة بن يزيد الأسدي العيني الذي هجاه المتنبي بقصيدة شديدة مطلعها:
مَا أنصَفَ القَومُ ضبّه
وقد دار قتال بين الطرفين، فقتل المتنبي بعد أن حاول الهرب فقال له غلامه: أتهرب وأنت القائل:
الخيل والليل والبيداء تعرفني
فرد عليه المتنبي: قتلتني قتلك الله.