-

نبذة عن سليمان القانوني

نبذة عن سليمان القانوني
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

سليمان القانونيّ

ترك العُثمانيّون بعد انتهاء الدولة العُثمانيّة أثراً طيّباً لشخصيّات أحدثَت فرقاً في التاريخ، وإحدى هذه الشخصيّات (سليمان القانونيّ)، وهو السُّلطان العاشر للدولة العُثمانيّة، وثاني الخُلفاء العُثمانيّين، والذي في عصره وصلت الدولة العُثمانيّة إلى أوج ازدهارها، وتوسُّعها، وقوَّتها السياسيّة، والثقافيّة، والحربيّة،[1] وقد أطلق الغرب عليه لقب (سليمان العظيم). وُلِد سليمان القانونيّ عام 1495م في مدينة طرابزون، ووالده هو السُّلطان سليم الأوّل الذي كان والياً على المدينة، ووالدته هي حفصة سُلطان. نشأ سُليمان مُحبّاً للعِلم، والعُلماء، ومُهتمّاً بالأدب، والفُقهاء، فكان شابّاً ذا شخصيّة تتَّصِف بالوقار، والجدِّية، حيث تولَّى الحُكم بعد وفاة والده عام 1520م، وكان قد بلغ 26 من عُمره، فكان أوَّل ما فعله هو القضاء على الخارجين على الدولة، كجان بردي الغزالي في الشام، وأحمد باشا في مصر، وقلندر جلبي في منطقتي قونية، ومرعش، والذين استهانوا بسليمان القانونيّ؛ لصِغر سنِّه، إلّا أنَّه أوقف ثورتهم، ومن الجدير بالذكر أنّ حُكم سليمان القانونيّ استمرَّ لمدّة 48 سنة قدَّم فيها العديد من الإنجازات التي رفعت من شأن الدولة العُثمانيّة، حتى تُوفِّي عام 1566م عن عُمر يناهز 74 عاماً، وكان آنذاك قد خرج بقيادة جيش هائل؛ لفتح مدينة سيكتوار المجريّة بالرغم ممَّا كان يُعانيه من آلام؛ بسبب مرض النقرُس، واستمرَّ القتال، والحصار لمُدَّة 5 أشهر شديدة، حتى فتح المسلمون المدينة، وتُوفِّي سليمان بعدما اطمئنَّ بنصر المسلمين.[2]

إنجازات سليمان القانونيّ

قدَّم سليمان القانونيّ إنجازات كبيرة ساهمت في ارتقاء الدولة العُثمانيّة على عِدَّة مستويات، ومن أهمّ إنجازاته:[2]

  • تطوُّر البحريّة العُثمانيّة: شَهدت البحريّة العُثمانيّة قوَّة لم تصل إليها من قبل، بالرغم من أنَّها قد شهدت نُموّاً عظيماً في زمن السلطان بايزيد الثاني؛ وذلك بسبب انضمام خير الدين بربروس، والذي لقّبه سليمان القانونيّ ب(قبودان)، حيث كانت أهمّية بربروس تكمن في كونه قائداً لأسطول قويّ اجتاح به السُّفُن الصليبيّة في عُرض البحر المُتوسِّط، واقتحم به سواحل دولة إسبانيا، وفي عام 1529م استطاع بربروس بدعم من السُّلطان سليمان ضَرْب سواحل إسبانيا، وإنقاذ 70 ألف مسلم من أيدي الحكومة الإسبانيّة، كما تولَّى بربروس قيادة الحملات البحريّة غرب البحر المُتوسِّط، ولم تستطع إسبانيا القضاء على أسطوله رغم محاولاتها التي كبّدتها أكبر الخسائر خاصّة عام 1538م في معركة بروزة، ومن أهمّ إنجازات أسطول بربروس انضمامه للأسطول الفرنسيّ في حربه ضِدَّ الهابسبورغ، حيث انتهت هذه المعركة باستعادة فرنسا لمدينة نيس، وتنازُلها عن ميناء طولون للدولة العُثمانيّة؛ فأصبح هذا الميناء قاعدة حربيّة للمسلمين في غرب البحر المُتوسِّط.
  • التطوُّر التجاريّ: استطاع الأسطول العُثمانيّ التوسُّع في مناطق الدولة العُثمانيّة، فاستولى على مياه البحر الأحمر، وسواحل الحبشة، الأمر الذي ساعد على انتعاش التجارة بين قارَّة آسيا، ودُوَل الغرب.
  • التطوُّر الحضاريّ: شيَّد سليمان القانونيّ العديد من الحصون، والمعاقل، والمساجد، والقناطر، وقد تحوَّلت بعض المُدن، كدمشق، والعراق إلى مراكز تتزيَّن بالمباني المعماريّة الرائعة، ومن أشهر المعماريّين في زمن سليمان القانونيّ المعماريّ (سنان باشا) الذي امتلك طرازاً معماريّاً خاصّاً به، فأبدع في تصميم جامع سليمان القانونيّ، أو ما يُسمَّى (جامع السليمانيّة) الذي تمّ تشييده في مدينة إسطنبول سنة 1557م، وإلى جانب الفنِّ المعماريّ برز فنُّ المُنَمنَمات، والخطّ، وازدهر العِلم، فظهر الكثير من العُلماء من أبرزهم أبو السعود أفندي.
  • تطبيق القانون والإدارة: لُقِّب السُّلطان سليمان ب(القانونيّ)؛ وذلك لتطبيقه القوانين التي وضعها؛ لتنظيم بلاده بكلِّ عدالة، وصدق، حيث كانت الدولة العُثمانية بحاجة إلى قوانين مُنظِّمة لها؛ وذلك بسبب اتّساع رقعتها في زمنه، فوَضع سليمان بالاستعانة بأبي السعود أفندي مجموعة من القوانين المَبنيّة على الشريعة الإسلاميّة، والأحكام العُرفيّة، وأطلقَ عليها اسم (قانون نامه سلطان سليمان)، والتي استُخدِمت منذ القرن 13هـ، وحتى القرن 19هـ.

الفتوحات في عهد سليمان القانونيّ

سعى سليمان القانونيّ إلى توسيع حدود الدولة العُثمانيّة، وقد حقَّق سليمان رغبته؛ إذ وصلت الدولة العُثمانيّة إلى أوج اتِّساعها في زمنه، فضمَّت العديد من المُدن في آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، كما أنَّه سيطر على البحر الأحمر، والبحر المُتوسِّط، والبحر الأسود،[1] ومن أهمّ مراحل الفتوحات التي خاضها سليمان القانونيّ أثناء تولِّيه الحُكم:[3][2]

  • أوروبا: إنَّ من أوَّل المُدن الأوروبيّة التي فتحها سليمان هي مدينة بلغراد التي استولى عليها سنة 1521م، كما استولى على جزيرة رودس، واستطاع تحطيم الجيش الهنغاريّ، وفي عام 1529م وصل سليمان القانونيّ إلى فيينا، وحاصرها، إلّا أنَّه لم يستطع فتحها رغم محاولاته المُتكرِّرة؛ وذلك بسبب ظروف الطقس الصعبة، وبُعد المسافة عن العاصمة العُثمانيّة، ونقص الإمدادات، والمُقاومة التي وجدها من جُنود المدينة، وفي المُقابل فقد استطاع ضمّ أجزاء من دولة المجر، بالإضافة إلى عاصمتها بودابست.
  • آسيا: استطاع سليمان أن يضمَّ العراق، ومنطقة أرضروم في شرق آسيا الصُّغرى إلى الدولة العُثمانيّة، وذلك في حملته الأولى التي خاضها ضِدَّ الدولة الصفويّة في عام 1534م، كما استطاع في حملته الثانية عام 1548م الاستيلاء على مدينة تبريز، وقلعتي وان، وأريوان، أمّا في حملته الثالثة سنة 1555م فقد استولى على شرق الأناضول، وحصل على تنازُل من الشاه طهماسب الأوّل عن مدينة تبريز، وقلعتي وان، وأريوان، ولم تتوقَّف فتوحات سليمان عند ذلك؛ فقد ضَمَّ قلعة تعز، ومنطقة عُمان، والأحساء، وقطر إلى نفوذ الدولة العُثمانيّة أثناء مواجهته للبُرتغاليّين في المحيط الهنديّ، والخليج العربيّ.
  • أفريقيا: حقَّق سليمان القانونيّ انتصارات في أفريقيا، فضمَّ ليبيا إلى النفوذ العُثمانيّ عام 1551م، بالإضافة إلى القسم الأعظم من تونس، وإريتريا، وجيبوتي، والصومال.

إسهامات سليمان القانونيّ في القدس

اهتمّ السُّلطان سليمان القانونيّ بمكَّة، والمدينة، والقُدس، أمّا مدينة القُدس فكانت قد نَمَت، وازداد عدد سُكّانها في زمنه، ومن الجدير بالذكر أنَّه قدَّم إسهامات عديدة لهذه المدينة المُقدَّسة، ومن أبرزها:[4]

  • بناء سُور القُدس: اتّسعت رقعة مدينة القُدس مع ازدياد عدد سُكّانها، فكانت الحاجة لحماية المدينة من هجمات الصليبيّين ضرورة مُلحَّة، فأمر سليمان ببناء سُور القُدس من سُور قديم كان موجوداً منذ القرون الوُسطى في عهد الأيوبيّين، وقد بلغ طول السُّور 4كم، وبلغ ارتفاعه 12.5-13.5م، كما أُعِيد ترميم أبراج المُراقبة في السُّور، وانتهى بناؤه سنة 1540م.
  • ترميم قلعة القُدس: تطلَّع سليمان لإعادة ترميم القلعة في الجهة الجنوبيّة للمدينة؛ وذلك لتأمين القُدس بشكلٍ أكبر، حيث انتهى من ترميمها سنة 1531م.
  • الاهتمام بقُبَّة الصخرة المُشرَّفة: رمَّم سليمان القانونيّ قُبَّة الصخرة أكثر من مرَّة، كما أمر بتزيينها بالنقوش، وألبسها ألواح منقوشة بالفنِّ القاشانيّ وصلَ عددها إلى أكثر من 3454 لوحاً أتى بها من الأستانة عام 1549، كما جدَّد سليمان أبواب القُبَّة الثلاثة، وجدَّد نوافذها الزُّجاجيّة.
  • بناء المُنشآت المائيّة: لم تمتلك مدينة القُدس موارد مياه تكفي لسُكّان المدينة؛ فأنشأ سليمان فيها البِرَك، والآبار، والصهاريج، وحَفَر القنوات، والطُّرُق؛ لإيصال الماء إلى المدينة بأكملها.

المراجع

  1. ^ أ ب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة، الدولة العثمانية، صفحة 26. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت تامر بدر (11-3-2014)، "السلطان سليمان القانوني"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-11-2018. بتصرّف.
  3. ↑ V.J. Parry (20-9-2018), "Süleyman the Magnificent"، www.britannica.com, Retrieved 6-11-2018. Edited.
  4. ↑ د.صالح الشورة (2016)، "إسهام السلطان سليمان القانوني في التطور العمراني الجديد للقدس"، جملة المشكاة للعلوم الإنسانيّة والاحتماعيّة، العدد 2، المجلد 3، صفحة 323 ،325-329 ،335. بتصرّف.