أبو القاسم الشابي
أبو القاسم الشابي
أبو القاسم الشابي هو شاعر عربي تونسيّ، وُلِد سنة 1909م في بلدة الشابة التابعة لتوزر في تونس، وكان والده شيخاً يقضي نهاره بين المحكمة والمسجد، وقد ساهمت هذه النشأة في التأثير بشكل واضح في حياته. توفي أبو القاسم الشابي في سنة 1934م،[١] حيث اشتد عليه المرض الذي دفعه إلى أن يسافرإلى العاصمة التونسية؛ للحصول على العلاج في المستشفى التي ظلّ فيها حتى وفاته، ومن ثمّ نُقِل ليُدفَن في توزر.[٢]
تعليم أبي القاسم الشابي
انضمّ أبو القاسم الشابي في المرحلة الابتدائيّة إلى الكُتّاب؛ لدراسة اللغة العربية داخل مدينة قابس، وقد امتلك ذاكرة تميزت بقوتها، وساعده ذلك على حفظ القرآن الكريم عندما كان في عمر تسع سنوات، ومن ثمّ علّمه والده أصول الدين واللغة العربية، وفي سنة 1920م أرسله إلى العاصمة التونسية عندما كان في عمر الثانية عشرة؛ حتّى يكمل دراسة المرحلة الثانوية في جامع الزيتونة.[٣]
اهتمّ أبو القاسم الشابي بالقراءة حتّى يُطوّر معارفه؛ إذ لم يعتمد فقط على دراسته في جامع الزيتونة، كما حرص على زيارة المكتبات، مثل مكتبتَي الخلدونيّة والصادقيّة؛ بهدف دراسة الأدب العربيّ سواءً الحديث أم القديم، كما اهتمّ بمتابعة الأدب العالمي الأوروبي؛ من خلال قراءة مجموعة من الترجمات المتخصّصة بهذا الأدب. تمكّن أبو القاسم الشابي من الحصول على شهادة المرحلة الثانوية الصادرة عن جامع الزيتونة في سنة 1927م، وتُعدّ هذه الشهادة من أهمّ الشهادات التي حصل عليها الطلاب في ذلك العصر، ثمّ قرّر لاحقاً أن يُكمل دراسته في مدرسة الحقوق في تونس، وتخرّج منها سنة 1930م.[٣]
أدب أبي القاسم الشابي
وجود أبي القاسم الشابيّ في العاصمة التونسية شجّعه على زيارة مجالس الفكر والأدب، فأدّى ذلك إلى تطور موهبته في الأدب؛ خصوصاً في مجال المحاضرات وكتابة القصائد الشعرية، فاستطاع أن يُلقي أوّل محاضرة خاصّة به في سنة 1929م، داخل مبنى المكتبة الخلدونية، وكانت عن الخيال الشعري الخاص بالعرب، وتحدّث في هذه المحاضرة عن الإنتاج العربي في مجال الشعر داخل العديد من الدُّول وضمن أزمنة متنوّعة، وصار كاتباً في جمعيّة الشباب المسلمين.[٣]
حرص أبو القاسم الشابيّ عندما كان طالباً في جامع الزيتونة على المشاركة في المجالس الأدبية الخاصة بكبار الأدباء في تونس، فاهتمّ بزيارة النادي الأدبيّ حتى يحضر منتديات الفكر، ومجلس الشعر، والمحاضرات، واهتمّ بتخليص الشعر العربي من أي رواسب قديمة، وحرص على تطبيق آراء الأعلام الغربيّين في مجالَي الخيال والفكر، فكان ينتقد في محاضراته الجمود العقلي الموجود داخل أذهان بعض السياسيين والمثقفين؛ بسبب رفضهم تطور الإبداع، والأدب، والشعر، ونتج عن محاضراته ظهور العديد من ردود الأفعال المتبايِنة والمنتقِدة له، كما قرّر بعض من المفكرين مقاطعته، وأدى ذلك إلى شعوره بالحزن، وقد ازداد حزنه عندما توفي والده.[٣]
زواج أبي القاسم الشابي ومرضه
بعد وفاة والد أبي القاسم الشابي تأثر بمرض تضخُّم القلب، وكان عُمره اثنين وعشرين عاماً، فمنعه الطبيب عن أيّ جهود جسدية أو فكرية تؤثّر في صحته، ولكنّه استمر في كتابة النثر والشعر؛ ممّا أدى إلى ازدياد خطورة حالته الصحية. تزوج أبو القاسم الشابي عام 1929م قبل موت والده تنفيذاً لرغبته، ولكن ظلّ مرضه يؤثر فيه بسبب إرهاقه لنفسه، فازدادت نوباته القلبية بعد عام 1930م، وقد عالجه العديد من الأطباء ولكن لم تتحسن صحته، وخلال فترة عام 1932م وُلِد ابنه الأول، وأُرغم أبو القاسم الشابي على البقاء في فراشه عام 1933م، وتوقف عن القراءة والكتابة.[٢]
شعر أبي القاسم الشابي
تميّز شعر أبي القاسم الشابي بتأثّره في الأدب الغربي، ومجالات التجديد المؤثرة في الشعر العربي، وظهر هذا التأثر بشكل واضح في قصائده التي تناول فيها عدة موضوعات، مثل الحزن، والموت، والفرح، والشباب، والأمل، واليأس،[٤] وألّف أبو القاسم الشابي العديد من المؤلفات، ولكنّ شهرته تعود إلى ديوانه الشعري الذي جمعه في عام 1934م، وأطلق عليه اسم أغاني الحياة، وحرص على ترتيبه بنفسه، فاختار القصائد التي تهمّه، وتخلى عن قصائد أخرى، واهتمّ بإعداد الديوان للطبع والنشر.[٢]
توفّي أبو القاسم الشابي قبل أن ينشر ديوانه الشّعريّ، فطبعه أخوه محمد الشابي، واحتوت طبعة الديوان على الترتيب الذي اختاره أبو القاسم لقصائده، ونُشِر في عام 1954م، مع إضافة بعض من القصائد الأخرى للشابي، مثل: أيها الليل، وفي الظلام، وأغنية الأحزان، ونظرة في الحياة، وأيها الحب، وأنشودة الرعد، ومن كُتُبه المشهورة أيضاً كتابه المعروف بعنوان الخيال الشعري عند العرب، ومن مؤلفاته الأخرى قصة الهجرة النبوية، ورواية في المقبرة، وكتاب المذكرات، ودراسة شعراء المغرب، ومجموعة من المقالات.[٢]
مثّل شِعر أبي القاسم الشابي وسيلةً أساسيةً لتوصيل أفكاره ومبادئه إلى المجتمع، فحرص على الكتابة عن جمال الحياة حتّى يدرك الناس أهميتها، واعتمد في نظم الشعر العربي على أساسَين، هما: سهولة الألفاظ وعمق المعاني؛ حيث ارتبطت المعاني مع الحياة والإنسان والشعور، أما الألفاظ السهلة فكانت قويّةً قادرةً على حمل مجموعة من المعاني المتنوعة؛ حيث ساهمت في تقريب العبارة الشعريّة إلى الرمزية التي يشوبها الخيال أو الغموض، كما استخدم مجموعة من الأوزان الشعرية التي تتناسب مع إيقاع موسيقى الشعر، ومن أكثر بحور الشعر التي استخدمها الخفيف، والمنسرح، ومجزوء الكامل، والمتقارب، والرمل، وجميع هذه البحور الشعرية تتوافق مع طبيعة شعر أبي القاسم الشابي.[٢]
المراجع
- ↑ "مذكرات أبو القاسم الشابي"، www.hindawi.org، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج تأليف: أبو القاسم الشابي، وتقديم: أحمد بسج (2005)، ديوان أبي القاسم الشابي (الطبعة الرابعة)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة: 7-9. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "أبو القاسم الشابي.. شاعر الأمل"، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-11-2017. بتصرّف.
- ↑ عبدالله خليل هيلات، الموسوعة الأدبية العالمية، دار الكتاب الثقافي، صفحة: 354. بتصرّف.