مقالة عن الأخلاق
الأخلاق في الإسلام
تعرّف الأخلاق في الإسلام بأنّها مجموعةٌ من القيم والمبادئ، التي تنظّم السلوك الإنساني، وذلك بناءً على ما حدّده الشرع الإسلامي، وذلك لضمان ما يحقّق حياة العباد، على الوجه الذي يحقّق الغاية من وجود الإنسان وخلقه، والأخلاق التي نصّ عليها الإسلام وحثّ عليها، تتميز بأنّها ذات طابعٍ إلهيٍ؛ أيّ أنّها مرادةٌ من الله تعالى، كما أنّها ذات طابعٍ إنسانيٍ؛ أيّ أنّ الإنسان له دورٌ كبيرٌ فيها، وذلك بالمجهود الذي يقوم به في تطبيق الأخلاق عملياً، ومن الجدير بالذّكر بأنّ النظام الأخلاقي الذي نصّ عليه الإسلام، يسعى إلى الوصول بالخيرية للمجتمع الإسلامي، وذلك بتكامل الجانب العملي مع الجانب النظري، فالنظام الأخلاقي جوهر جميع الرسالات السماوية، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ)،[1] فإتمام الأخلاق من الغايات التي أُرسل لأجلها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك كانت الأخلاق من أهداف جميع الرسالات السماوية، ومما يدل على أهمية الأخلاق ومكانتها العالية، ربطها بالعقيدة الإسلامية، وربطها بالإيمان، حيث قال الله تعالى: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)،[2] فالآية الكريمة دلّت على أنّ الإيمان برّ، ودلّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ البرّ يتمثّل بالأخلاق الحسنة، كما أنّ الأخلاق تشمل جميع أنواع البرّ والخير والمعروف، كما أنّ الأخلاق مرتبطةً بجانب العبادة في الإسلام، وكذلك في جانب المعاملات، مما يدلّ على أهمية الأخلاق، ومكانتها في جميع الأمور التي نصّت عليها الشريعة الإسلامية، والأخلاق تكون على نوعين: فإما أن تكون أخلاقٌ حسنةٌ، أو أخلاقٌ سيئةٌ، فالخلق الحسن: هو ما ينتج عنه أقوالٌ وأفعالٌ طيبةٌ، والخلق السيء يكون بعكس الخلق الحسن.[3]
أهمية الأخلاق وفضائلها
قال الله -تعالى- موجّهاً الخطاب لنبيه محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم: (أُولـئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه)،[4] فالأمر للرسول بالاقتداء بجميع الأخلاق التي نصّت عليها الشرائع السابقة، مما يدل على أهمية الأخلاق ومكانتها الرفيعة، كما أنّ الله -تعالى- وصف نبيه محمداً بالخُلق العظيم، بينما كان الوصف للأنبياء الآخرين ببعض الأخلاق والصفات الحسنة، مثل: رشيدٌ وتقيٌ وحليمٌ وغير ذلك من الأوصاف الحسنة، ومما يدل على أهمية الأخلاق وفضلها، أنّها تمثّل الدين، وأنّها من الأعمال التي تثقل ميزان أعمال العبد، كما أنّ المتمثل بالأخلاق الحسنة من أحبّ الناس إلى الله تعالى، وأقربهم مجلساً من الأنبياء عليهم السلام، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما من شيءٍ يُوضَعُ في المِيزانِ أثْقلُ من حُسْنِ الخُلُقِ، وإنَّ صاحِبَ حُسنِ الخلُقِ ليَبلُغُ بهِ درَجةَ صاحِبِ الصَّومِ والصلاةِ)،[5] فالخلق من أعظم الأعمال التي يقوم بها العبد، على الرغم من العبادات التي شرعت في الدين، والجهاد في سبيل الله تعالى، كما قال ابن القيم -رحمه الله- عن الأخلاق: (الدين هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلق، زاد عليك في الدين)، كما أنّ المؤمنين يتفاوتون في إيمانهم بناءً على أخلاقهم الحسنة، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، و خيارُكم خيارُكم لنسائِهم)،[6] وكان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يدعو ربّه بأن يرزقه الاخلاق الحسنة، رغم تحلّيه بأكرم الأخلاق، حيث كان يقول: (اللَّهمَّ حسَّنْتَ خَلْقي فحسِّنْ خُلُقي)،[7] ووردت العديد من الآيات القرآنية التي تأمر بالتحلّي بالأخلاق الحسنة، وتمدحهم، كما أنّ جزءاً منها نزل في مكة المكرمة، وجزءاً آخراً نزل في المدينة المنورة، مما يدلّ على أهمية الأخلاق في كلّ الأوقات والأحوال.[8][9]
من أخلاق الإسلام
حثّ الإسلام المسلم على التحلّي بالعديد من الأخلاق الحسنة والكريمة، وفيما يأتي بيان بعضها:[10]
- خلق الحياء: إنّ الحياء مما يميز المؤمن المخلص في إيمانه لله تعالى، كما أنّ الحياء خلق الإسلام، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ لِكُلِّ دينٍ خُلُقًا، وخُلُقُ الإسلامِ الحياءُ)،[11] وللحياء العديد من الأنواع، إلّا أنّ أفضلها الحياء من الله عزّ وجلّ، ثمّ الحياء من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وذلك باتباع الأوامر، واجتناب النواهي، التي جاء بها، ومحبّته، والاطلاع على السيرة الخاصة بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، والآثار الواردة عنه، واطلاع الناس على منزلته، ومكانته الرفيعة، كما أنّ الحياء يكون في اللسان؛ بتزيين الكلام الصادر منه، ويكون أيضاً في المعاملات؛ بالتعامل مع الناس بالأخلاق الحسنة، والابتعاد عن النفاق، والمجاملات الكاذبة.
- خلق الزهد: يجب على المسلم أن يزهد بالحياة الدنيا، وذلك بأن يعلم بأنّ الحياة الدنيا سريعة الزوال، وليست ذات قيمةٍ، وأنّها ناقصةٌ، مع العلم بأنّ الحياة الآخرة الحياة الباقية، والحقيقية، حيث قال الله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ)،[12] وكان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- زاهداً زهداً عظيماً في الحياة الدنيا، فكانت تمرّ الشهور دون أن تُوقد النّار في بيته، فكان يعيش على التمر والماء، مع أهل بيته، وكان الفراش الخاص به من الأدم، وحشوه من الليف، فإنّ الرغبة في الحياة الدنيا تبعد العبد عن طاعة الله تعالى، والانقياد لأوامره.
- خلق الكرم: هو مما يطلق عليه الجود، والبذل، والإنفاق، والسخاء، والإيثار، فالكرم من علامات البرّ، حيث قال الله تعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)،[13] فإنّ الكرم من المقومات العظيمة التي يقوم عليها الدين الإسلامي.
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 45، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 177.
- ↑ "الأخلاق في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 90.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 5726، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1435، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 959، صحيح.
- ↑ "منزلة الأخلاق في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-10-2018. بتصرّف.
- ↑ "مكانة الأخلاق في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-10-2018. بتصرّف.
- ↑ "أخلاق المسلم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-10-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3389، حسن.
- ↑ سورة الحديد، آية: 20.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 92.