مقال عن العناية بالمساجد
المسجد
إنّ المساجد من أعظم الأماكن، وأكثرها عظمةً وتشريفاً، حيث قال الله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ)،[1] وذلك لما يكون في المساجد من ذكرٍ لله تعالى، وتسبيحٍ وتقديسٍ له، ويُنادى من المساجد إلى طاعته وعبادته، فيلتقي العبد بربّه في المساجد، فيحمده ويقدّسه، والمساجد هي بيوت الله -تعالى- على الأرض، ومما يدل على ذلك ما رواه الصحابي أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (أحبُّ البِقاعِ إلى اللهِ مساجدُها)،[2] ومن علامات حب العبد لله تعالى، حبّ المساجد وتعلّق القلب بها، وذلك بعكس ما يحدث من تثاقل الذهاب إلى المسجد، حتى أصبح ذلك عادةً من العادات اليومية، كما أنّ الإطالة في الصلاة من المشاق والمتاعب، إلّا أنّ الواجب على المسلم تعظيم الله تعالى، ومن وسائل تعظيم الله، تعظيم شعائره، حيث قال الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)،[3] فيجب أن تراعى عدة أحكامٍ في المسجد، منها: عدم الخضوع بالأقوال، سواءً بالكلام الفاحش، أو بالأصوات المرتفعة.[4]
العناية بالمساجد
يجب على المسلم الذي يريد الذهاب إلى المسجد، الالتزام بعدة أمورٍ وآدابٍ وأحكامٍ مستمدةٍ من القرآن الكريم، والسنة النبوية، وفيما يأتي بيان بعضها:[5][6][7]
- يستحب من المسلم لبس أفضل الثياب عند الذهاب إلى المسجد، حيث قال الله تعالى: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ)،[8] وكذلك يستحب استخدام السواك قبل الذهاب إلى المسجد، فلا يُقبل من المسلم الذهاب إلى المسجد بملابس النوم، أو ملابس العمل، حيث إنّ في ذلك إلحاقاً للضرر بالمصلّين، وقد يكون السبب في ذلك؛ التكاسل في تغيير الملابس، إلّا أنّ لقاء الله تعالى، لا بدّ له من الاستعداد التام، حيث قال الله عزّ وجلّ: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).[9]
- ورد النهي في الشريعة الإسلامية للذي أكل البصل أو الثوم عن الذهاب إلى المسجد، إلّا أنّ النهي ليس لذات الثوم والبصل، وإنّما بسبب الأذى والضرر الذي يلحق بالمصلّين؛ بسبب رائحتهما، ودليل ذلك ما رواه الصحابي جابر بن عبد الله، في صحيح مسلمٍ، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من أَكلَ البصلَ والثُّومَ والكرَّاثَ، فلا يقرَبَنَّ مسجدَنا، فإنَّ الملائِكةَ تتأذَّى مِمَّا يتأذَّى منهُ بنو آدَمَ).[10]
- يستحب الذهاب إلى المسجد مشياً بسكينةٍ ووقارٍ، كما أنّه يُستحب الذهاب إلى المسجد في وقتٍ مبكرٍ، مع ذكر الدعاء الثابت في السنة النبوية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، الذي رواه عنه الإمام مسلم في صحيحه.
- نهت الشريعة الإسلامية عن تشبيك الأصابع ببعضها البعض عند الذهاب إلى المسجد، وكذلك النهي عن تشبيك الأصابع عند الجلوس لانتظار الصلاة، وكذلك بعد أداء الفريضة من الصلاة، إلّا أنّ ذلك يجوز عند الحاجة، كما أنّ بعض العلماء ذهبوا إلى جواز ذلك مطلقاً، دون أيّ حرجٍ أو بأسٍ.
- يُستحب من المسلم الإكثار من ذكر الله تعالى، وتسبيحه، وتقديسه، وتحميده، وتنزيهه، وشكره، وكذلك يستحب الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، وقراءة الحديث النبوي، وتعلّم الفقه، والعلوم الشرعية، حيث قال الله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ).[11]
- صلاة ركعتين تحيةً للمسجد، ودليل ذلك ما رواه الصحابي أبي قتادة الأنصاري، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: (فإذا دخل أحدُكم المسجدَ، فلا يجلِسْ حتى يركعَ ركعتَينِ).[12]
- نهى الإسلام عن البيع والشراء في المسجد، وكذلك نهى عن إجابة الضالين لحاجتهم، حيث إنّ في ذلك إشغالٌ عن ذكر الله تعالى، وعبادته، وتسبيحه، وتقديسه.
- المحافظة على نظافة المسجد، حيث إنّ ذلك لا يعدّ من وظيفة الخادم لوحده، فإنّما يجب على المصلّين، وروّاد المسجد، المحافظة على نظافته، ومن ذلك المحافظة على نظافة الجوارب والحذاء، وعدم البصاق في المسجد، أو في ساحاته، وما يلحق به من الأفنية، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (التَّفْلُ في المسجدِ خَطِيئةٌ، وكفَّارتُها دَفْنُها)،[13] إلّا أنّ العلماء اختلفوا بالمقصود من دفن البصاق، وما عليه الجمهور منهم أنّ المقصود؛ دفنها في التراب أو الحصى، أو إخراجها من المسجد.
- يجب على المسلم أن يعلم بأنّ المناديل الورقية التي توضع في المساجد، تعدّ من الوقف؛ أيّ أنّه يستعمل منها بقدر ما يحتاج، دون إسرافٍ أو تبذيرٍ لها، ودون أن يأخذ منها شيءٌ ليستخدمها خارج المسجد.
- الحذر من التنخم، أو الاستنشاق، أو إخراج وسخ الأنف بصوتٍ عالٍ؛ لأنّ ذلك يلحق الأذى بمن حوله، وقد يسبب له مواقفاً محرجةً، كما أنّه لا يجوز إلقاء ما يخرج منها في المسجد، فيجب أن يكون بمنديلاً ورقياً، دون إلقاء المنديل في المسجد.
- تغطية الفم بالمنديل الورقي عند العطاس، أو الكحة، والسعال.
- لا يجوز كتابة وقفٌ لله، على الكراسي التي في المسجد، بل يكفي كتابة وقفٍ عليها.
- يجب صناعة الصناديق التي توضع بها المصاحف، دون أن تكون عرضةً لاتكاء المصلين عليها، حيث إنّ ذلك من مظاهر تعظيم القرآن الكريم.
- جعل أماكن مخصصةً لوضع الأحذية فيها، بحيث تكون بعيدةً لا يتأذى منها المصلّين، كما يجب عدم خلع الحذاء عند مدخل المسجد.
- تجنّب الكلام والتحدّث بأمور الدنيا في المسجد.
أهمية المسجد
تعدّ المساجد من أفضل أماكن التربية، وإصلاح المجتمعات والأفراد، وذلك بالتربية الإيمانية المتكاملة، ومما يدل على ذلك حرص الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على بناء المسجد، فور وصوله إلى المدينة المنورة، فهي أماكن اجتماع المسلمين، مما يحقق المودة والمحبة والحبّ والاحترام فيما بينهم، فكان الصحابة خير مثالٍ على ذلك، فقد كانوا يسألون الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن كلّ الأمور التي يحتاجونها.[14]
المراجع
- ↑ سورة الجن، آية: 18.
- ↑ رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 27، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية: 32.
- ↑ "المسجد بيت الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "من آداب المساجد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "ذوقيات المسجد"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "آداب المساجد والمجالس"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 31.
- ↑ سورة الحج، آية: 32.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 564، صحيح.
- ↑ سورة النور، آية: 36.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 714، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 552، صحيح.
- ↑ "أهمية المساجد ودورها في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-9-2018. بتصرّف.