فوائد الاستماع للقرآن
القرآن الكريم
القرآن في اللغة مصدر الفعل قرأ، وفي الاصطلاح هو كلام الله -تعالى- الذي أنزله بواسطة جبريل -عليه الصلاة والسلام- إلى نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو مصدر التشريع الإسلامي الأوّل، وعدد سوره 114 سورة، مُقسّم إلى ثلاثين جزءاً، وهو الكتاب المحفوظ بالصدور، والمكتوب في المصاحف،[1] وقد أنزل الله -تبارك وتعالى- القرآن الكريم ليكون سبيلاً لهداية الناس، وإخراجم من الظلمات إلى النور، وقد جاء في القرآن دعوة الله -تعالى- للإيمان به، وبملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، فضلاً عن بيان أسمائه وصفاته ومخلوقاته، وقد دعت الآيات الكريمة إلى التفكّر في خلق الله -تعالى- في السماوات والأرض، وإنّ القرآن هو الكتاب الذي ختم الله -تعالى- به الرسالات السماوية، ومعنى ذلك أنّه جاء مصدّقاً بما قبله ومهيمناً عليه، ومن كفر به عوقب.[2]
فوائد الاستماع للقرآن
اتُّفق على استحباب طلب الاستماع للقرآن الكريم من القارئ الذي يُجيد التلاوة صاحب الصوت الحسن، فهذا من شأنه أن يساعد على فهم آيات القرآن الكريم وتدبّر معانيه، وقد كان ذلك من عادة سلف أمة القرآن، ويُقصد بالاستماع للقرآن إلقاء السمع للآيات، وحضور القلب، وتدبّر ما يسمع له، وفي الحديث عن ذلك يجدر بيان أنّ للاستماع للقرآن الكريم فوائد عدة، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:[3]
- نيل وكسب رحمة الله تعالى: فقد وعد الله -تعالى- من يستمع القرآن الكريم ويتدبّره بنيل رحمته سبحانه، وممّا يدلّ على ذلك قوله سبحانه: (وَإِذا قُرِئَ القُرآنُ فَاستَمِعوا لَهُ وَأَنصِتوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ)،[4] ومن الأدلة على نيل -رحمة الله- بالاستماع للقرآن قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عنه أبو هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: (وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).[5]
- طريقٌ للهداية: فقد بيّن الله -تعالى- أنّ أهل القرآن هم أصحاب عقولٍ نيّرة وسليمة، فهم يتّبعون أحسن القول، وقد بشّر الله -تبارك وتعالى- أهل القرآن بالهداية، ومن الأدلة القرآنية على ذلك قوله سبحانه: (فَبَشِّرْ عِبَادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَـئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ وَأُولَـئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)،[6] وعليه يمكن القول إنّ من يستمعون القرآن فيتّبعونه هم أصحاب العقول الزكية، وأصحاب الفهم الصحيح، وهم الذين غلبت عقولهم شهوتهم، فتركوا الباطل واتّبعوا الحق.
- مجلبةٌ لحضور القلب وبكاء العين: فقد كانت سنة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام جميعاً- والصالحين هي خشوع قلوبهم لآيات القرآن الكريم عند استماعها والبكاء كذلك، فقد وصفهم الله -تعالى- بقوله: (أُولـئِكَ الَّذينَ أَنعَمَ اللَّـهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّن حَمَلنا مَعَ نوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبراهيمَ وَإِسرائيلَ وَمِمَّن هَدَينا وَاجتَبَينا إِذا تُتلى عَلَيهِم آياتُ الرَّحمـنِ خَرّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا).[8]
مواضيع قرآنية
يجدر بالذكر أنّ الله -سبحانه- قد ذكر في القرآن الكريم أخبار السابقين والآخرين، وفصّل في كتابه الحلال والحرام، وسيرة الصالحين والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وبيّن وصف الجنة ونعيمها، ووصف النار وعذابها، وكذلك جاء في القرآن تفاصيل يوم الدين وما بعد الموت من بعثٍ، ونشورٍ، وحسابٍ، ووصفٍ للحوض، والصراط، والميزان،[2] وقد وعد الله -تعالى- قارئ القرآن العامل بما جاء فيه بألّا يضلّ في حياته الدنيا ولا يشقى في آخرته، وفي الحديث عن قراءة القرآن تجدر الإشارة إلى أنّ هجر القرآن يكون بهجر التلاوة أو التدبّر أو كليهما معاً؛ فأمّا هجر التلاوة فهو عدم قراءة القرآن الكريم، وأمّا هجر تدبّره فيعني أنّ المسلم يقرأ القرآن وقلبه لاهٍ عن تدبّر معانيه وفهم آياته، وهذا هاجرٌ للتدبّر دون التلاوة؛ فله أجر التلاوة دون أجر التدبّر.[9]
خصائص القرآن الكريم
إنّ خصائص القرآن الكريم كثيرة، ويمكن بيان بعض منها فيما يأتي:[10]
- محفوظ من الله تعالى؛ فقد هيّأ الله -تعالى- الأسباب لحفظ القرآن الكريم من أيّ زيادةٍ أو نقصان، وكذلك من الضياع أو التحريف، ومن الأسباب التي هيّأها الله -تعالى- لحفظه: أنّه أنزله على أمّةٍ اعتادت الحفظ؛ فقد كانت العرب تحفظ القصائد الطوال، وكذلك جعل الله -تعالى- حفظه أمراً سهلاً وميسوراً، وهيّأ لحفظه علماء كرام.
- مُعجَزٌ تحدّى الله -تعالى- به الناس للإتيان بمثله.
- خاتم الكتب السماوية، وأكملها، والمهيمن عليها.
- لا يُملّ قراءةً أو تدبراً أو ترديداً مهما تمّ تكراره.
- قراءته سهلةٌ وحفظه ميسورٌ.
- قراءة كل حرفٍ منه بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، ويُضاعف الله -تعالى- لمن يشاء من عباده.
آداب تلاوة القرآن الكريم
توجد مجموعةٌ من الآداب التي ينبغي على تالي القرآن الكريم أن يُراعيها، ومن هذه الآداب نذكر ما يأتي:[11]
- إخلاص النية لله -تعالى- عند قراءة القرآن وتدبّره وحفظه؛ حتى ينال الأجر والثواب؛ فالعمل الذي يشوبه الرياء يُصبح وبالاً على صاحبه.
- طهارة الباطن والظاهر، ويُقصد بذلك طهارة الباطن من الآثام، والظاهر من الخبث والحدث.
- نظافة الثياب واختيار هيئة ومظهر حسناً، بالإضافة إلى استحباب استقبال القبلة.
- عدم قطع تلاوة القرآن الكريم إلا لشيءٍ مهمٍّ للغاية.
- حضور الجوارح بما فيها السمع والبصر، وخضوع القلب، فلا ينشغل بأي شيءٍ عن تلاوة القرآن الكريم.
- الامتناع عن التدخين والروائح الكريهة خاصة قبل قراءة القرآن الكريم، وتنظيف الأسنان بالسواك.
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى القرآن في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "القرآن الكريم"، 6-4-2001، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
- ↑ د. محمود الدوسري (30-9-2017)، "فضائل استماع القرآن (خطبة)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 204.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2699 ، صحيح.
- ↑ سورة الزمر، آية: 17-18.
- ↑ سورة الأحقاف، آية: 29-30.
- ↑ سورة مريم، آية: 58.
- ↑ "فضل القرآن"، www.ar.islamway.net، 6-1-2016، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
- ↑ علي الراجحي، "خصائص القرآن الكريم وحقوقه"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "آداب يُطلب من تالي القرآن مراعاتها"، 30-10-2002، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.