العلامات الكبرى بالترتيب
علامات الساعة
تُعرّف العلامة لغةً على أنّها ما يُنصب في الطريق ليُهتدى به، ويمكن تعريفها على أنها الأمارة، أو السِّمة، أو الشعار الذي تُعرف به الأشياء، أما الساعة فتُعرّف لغةً على أنها جزء من أربعة وعشرين جزءاً من الليل والنهار،[1] وتُعرّف علامات الساعة اصطلاحا على أنها الأحداث التي أخبر الله -تعالى- والنبي -عليه الصلاة والسلام- عن وقوعها في آخر الزمان لتنذر باقتراب يوم القيامة أو تدل على قدومه، ومن الجدير بالذكر أن الساعة تنقسم إلى ثلاثة أقسام؛ الساعة الصغرى وهي موت الإنسان، والساعة الوسطى وتعني موت أهل القرن الواحد، والساعة الكبرى وهي بعث الناس للمحاسبة، وإذا أُطلق لفظ الساعة في القرآن الكريم فالمراد بها الساعة الكبرى، كما في قول الله تعالى: (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ)،[2] وقوله عز وجل: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ).[3][4]
وتنقسم العلامات التي أخبر رسول الله عن وقوعها قبل قيام الساعة إلى عدة أقسام؛ القسم الأول ما وقع كما أخبر عليه الصلاة والسلام، كاقتتال الفئتين العظيمتين، وكثرة الهرج، وظهور الفتن، وتمنّي بعض الناس الموت، والتطاول في البنيان، وقتال الترك، والقسم الثاني ما وقع ولا زال يتكرر، كظهور الدجالين وأدعياء النبوة، وكثرة الزلازل، وتقارب الزمان، والقسم الثالث ما لم يقع بعد، ولكنه سيحدث حتماً، ومنها طلوع الشمس من مغربها، وقتال المسلمين لليهود، وخروج المسيح الدجال، وقد بيّن الإمام البيهقي -رحمه الله- أن علامات الساعة تنقسم إلى علامات صغرى وقد حدث أكثرها، وعلامات كبرى ستحدث في آخر الزمان، وهي العلامات التي ذكرها حذيفة بن أسيد الغفاري في الحديث النبوي الشريف، ومن الجدير بالذكر أن لتعلم علامات الساعة فوائد عديدة منها: تجديد الإيمان، والمسارعة إلى التوبة والإنابة، والمبادرة إلى الأعمال الصالحة، وعدم الركون إلى الدنيا لأنها ستفنى عند قيام الساعة التي ظهر الكثير من علاماتها.[5]
ترتيب علامات السّاعة الكبرى
اختلف أهل العلم في ترتيب بعض علامات الساعة الكبرى، واتفقوا على ترتيب بعضها الآخر، ويرجع السبب في اختلافهم إلى عدم ورود حديث نبوي شريف يدل على ترتيب علامات الساعة الكبرى، إذ لم يُروى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال ستقع العلامات الفلانية، ثم التي تليها، ثم التي تليها، وإنما ورد في بعض الروايات كالتي في صحيح مسلم ترتيب بعض العلامات، حيث قال -عليه الصلاة والسلام- إذا ظهر كذا؛ فسيكون كذا ثم كذا، ولكنه لم يذكر كل العلامات، ولذلك فإن العلماء اتفقوا على أن آخر علامات الساعة الكبرى نار تحشر الناس من المشرق،[6] واستنبطوا من خلال الجمع بين الأحاديث النبوية ترتيب ثلاثة علامات أخرى، حيث قالوا إن ظهور المسيح الدجال يتبعه نزول عيسى بن مريم عليه السلام؛ لأنه هو من يقتل الدجال، وبعدها يكون خروج يأجوج ومأجوج.[7]
علامات الساعة الكبرى
ورد ذكر علامات الساعة الكبرى في الحديث الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه، حيث قال: (اطَّلَعَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقالَ: ما تَذَاكَرُونَ؟ قالوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قالَ: إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ، الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بجَزِيرَةِ العَرَبِ، وَآخِرُ ذلكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهِمْ)،[8] وتجدر الإشارة إلى أن علامات الساعة الكبرى متتابعة يلحق بعضها بعضاً، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (خُروجُ الآياتِ بعضُها على إِثْرِ بعضٍ، يَتَتَابَعْنَ كما تَتَابَعُ الخَرَزُ في النِّظامِ)،[9] ويمكن بيان علامات الساعة الكبرى فيما يأتي:[10]
- خروج المسيح الدجال: حيث أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن خروج الدجال في آخر الزمان، وبيّن أن خروجه أعظم فتنة تصيب البشرية، حيث قال: (ما بيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ)،[11] وقد بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- صفات المسيح الدجال، حيث أخبر أنه شاب شديد جعودة شعر الرأس، وأعور العين، وله قدرات خارقة للطبيعة، كإحياء الموتى، فيدّعي الألوهية، ويتبعه سبعون ألف يهودي من أصبهان، ويجول في شتى بقاع الأرض بسرعة خيالية، فيدخل كل مكان إلا مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ لأن الملائكة تحميها، وتكون نهايته على يد عيسى بن مريم عليه السلام.
- نزول عيسى بن مريم عليه السلام: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نزول عيسى بن مريم -عليه السلام- يكون في زمن المهدي، وأواخر أيام المسيح الدجال، حيث ينزل -عليه السلام- والمسلمون يصطفّون لصلاة الفجر خلف إمامهم المهدي، فيقدّمه المهدي ليؤمّ الناس، فيقول عيسى عليه السلام: (تَقَدَّمْ فَصَلِّ، فإنها لك أُقِيمَتْ)،[12] وأول عمل يقوم به عيسى -عليه السلام- قتل المسيح الدجال، حيث يقتله في منطقة تسمى باب اللدّ، ثم يحكم بين الناس بشريعة القرآن الكريم.
- الدخان: ورد ذكر علامة الدخان في قول الله تعالى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ)،[13] ومن الجدير بالذكر أن ترتيب هذه العلامة ليس معروفاً.
- طلوع الشمس من مغربها: وهي من أواخر علامات الساعة الكبرى، حيث تقع بعد يأجوج ومأجوج، وعند وقوعها يُغلق باب التوبة، ويكون خروج الدابة قريب من وقتها.
- خروج الدابة: تخرج الدابة بوقت قريب جدا لطلوع الشمس من مغربها، وقد ورد ذكر هذه العلامة في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ).[14]
- الخسوفات الثلاث: حيث أخبر عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما ورد في الحديث الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه، والذي سبق ذكره، ولم يرد أي تفصيل عما سيحصل فيها.
- النار التي تحشر الناس: وخروج النار التي تحشر الناس تعد آخر علامة من علامات الساعة الكبرى، فلا يكون بعدها إلا يوم القيامة.
- يأجوج ومأجوج: هما قبيلتان كثيرتا العدد من ذرية آدم عليه السلام، وقد ورد ذكر يأجوج ومأجوج في سورة الكهف، حيث أخبر الله -تعالى- أن ذي القرنين بنى عليهم سداً بعد أن اشتكى إليه الناس من ظلمهم وفسادهم، وبيّن -عز وجل- أن السد الذي بناه عليهم ذو القرنين سيمنعهم من الخروج، حيث قال: (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا)،[15] وفي الحقيقة أن ذلك السد سيبقى حائلاً بينهم وبين الخروج إلى آخر الزمان، حيث يأذن الله -تعالى- لهم بالخروج، فيُدكّ حينها ذلك السد، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا)،[16] فيخرجون أفواجاً كموج البحر، ويكون ذلك علامة على اقتراب يوم القيامة.[17]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى علامات الساعة في معجم المعاني الجامع "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 63.
- ↑ سورة القمر، آية: 1.
- ↑ الشيخ ندا أبو أحمد (26-5-2014)، "معنى أشراط الساعة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
- ↑ "لماذا نتعلم أشراط الساعة وعلامات الفتن"، www.ar.islamway.net، 3-8-203، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
- ↑ حسن الزهيري، الدفاع عن الله ورسوله وشرعه، صفحة 21، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ "هل أشراط الساعة الكبرى تأتي بالترتيب؟"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2901، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3227، صحيح.
- ↑ الشيخ عادل العزازي (22-2-2016)، " علامات الساعة الكبرى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن هشام بن عامر، الصفحة أو الرقم: 2946، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 7875، صحيح.
- ↑ سورة الدخان، آية: 10.
- ↑ سورة النمل، آية: 82.
- ↑ سورة الكهف، آية: 97.
- ↑ سورة الكهف، آية: 98.
- ↑ " خروج يأجوج ومأجوج"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-3-2019. بتصرّف.