أسباب السعادة الزوجية
السعادة الزوجية
إنّ السعادة شعورٌ مرتبطٌ بالراحة، والاطمئنان، والسكون الداخلي لنفس الإنسان، وهي أمرٌ قد كتبه وقدّره الله -تعالى- لكلّ إنسانٍ، منذ تكوّنه جنيناً في رحم أمّه، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ثمَّ يرسلُ الملَكُ فينفخُ فيهِ الرُّوحَ، ويؤمرُ بأربع كلِماتٍ: بكَتبِ رزقِهُ وأجلِهُ وعملِهُ وشقيٌّ أو سعيدٌ)،[1] إلّا أنّها في الوقت ذاته قرارٌ من داخل الإنسان، فهو الذي يملك بإرادته وأفعاله أن يكون سعيداً، وأن يعمل على كلّ الأسباب التي تجلب له السعادة، وتَحول بينه وبين الحزن والكآبة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)،[2] ويختار الإنسان سعادته إذا ما اختار طريق الله -تعالى- وسار فيه، ويختار شقاءه إذا ما سلك طرقاً أخرى تُشقيه، وتُبعده عن الله -تعالى- وعن سبيله، وشعور السعادة هو شعورٌ لا يُشترى ولا يقدّر بثمنٍ، فهو كنزٌ على الإنسان أن يسعى دائماً لإيجاده في داخله، وألّا يحصره في وقتٍ أو زمانٍ معيّنين، بل يجعله حالةً دائمةً مستمرةً في غالب حياته، فهو نعمةٌ من الله تعالى، والعلاقة الزوجية علاقةٌ أزليةٌ تربط بين اثنين، وتجعل منهما زوجين، سواءً كانا متشابهين أم مختلفين، فإن تشابها فإنّ هذا التشابه سيولّد التوافق، وإن اختلفا فإنّ هذا الاختلاف سيولّد التكامل، والزوجية آيةٌ من آيات الله في خلقه، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)،[3][4] وتعتبر هذه العلاقة من أسمى وأوثق العلاقات، فهي علاقةٌ قائمةٌ على المودة والرحمة والسكينة، وتُشعِر كل طرف فيها أنّه شريكٌ للآخر في كلّ شيءٍ، وتعرّف السعادة الزوجية بأنّها حالةٌ يستطيع كلّ زوجين أن يعيشا بها وعليها إذا ما أرادا ذلك، وإذا ما قصدا أسبابها وفنونها، وعملا على ممارسة أساليبها، فبسعي كلّ طرفٍ منهما لها، وبتعاونهما على إيجادها، فإنّهما سيستطيعان غرس تلك الحالة وبسهولةٍ في حياتهما، يقول الدكتور محمد المهدي: (إنّ السّعادة الزوجية ليست كلمةً سحريةً، ولكنّها حالةٌ يمكن الوصول إليها ببصيرةٍ وقصدٍ)، وهذه الحالة يسعى لها كلّ زوجين، فبها تحلو حياتهما وتستمرّ، وبفقدانها تُظلِم وتنقطع، وبالتالي فهي ركيزةٌ أساسيةٌ، وقوامٌ مهمٌ في استمرار الحياة بين الزوجين.[4][5]
أسباب السعادة الزوجية
للسعادة الزوجية مفاتيحٌ عديدةٌ، ويستطيع كلّ طرفٍ من الزوجين أن يدخل بها إلى بوابة السعادة الزوجية، ويعيش في ظلالها مع شريك حياته، وفيما يأتي بيان بعض المفاتيح التي تحقّق السعادة بين الزوجين:[6]
- عدم بخل كلٍّ من الزوجين بالكلمة الجميلة على الآخر، حتى على مستوى تلك الكلمات البسيطة، وغيرها من عبارات الحب والثناء.
- التغافل والتقليل من اللوم والعتاب عن أكثر ما يراه كلّ طرفٍ من الزوجين على الآخر، أمّا إن تطلب الأمر تنبيهاً لتعديل سلوكٍ أو إهمالٍ، فليكن ذلك التنبيه برفقٍ ولطفٍ ورحمةٍ.
- اهتمام الزوجين ببعضهما، والتمتع بمهارة الإصغاء.
- الاحترام المتبادل بين الزوجين، والحذر من السخرية، فإنّها تؤذي القلب، وتكدّر صفو الحياة.
- المبادرة الى تقديم الاعتذار إذا أخطأ أحد الزوجين في حقّ الآخر، فإنّه أطيب للخاطر، وأدعى لدوام المحبّة بينهما.
- إدخال شيءٍ من الدعابة على الحياة الزوجية، فإنّها تعمل على التقليل من حديتها وضغوطاتها.
- الإكثار من الدعاء بأن يصلح الله -تعالى- لهما حياتهما، فإنّه إن رضي واستجاب، رضيَ الزوجان وسعدا.
- تقدير وإكرام كلٍّ من الزوجين لأهل الآخر، وخصوصاً الوالدان.
- اهتمام كلّ من الزوجين بنفسه، ونظافته، وحُسن مظهره.
- الحرص الدائم على الحلال في المأكل، والمشرب، والملبس، وفي كلّ تفاصيل الحياة، فالحلال تطيب به الحياة للزوجين، ويُبارَك فيها.
- تبادل كلّاً من الزوجين الثقة، وحُسن الظّن.
- الابتعاد عن المقارنة، فلا تقارن الزوجة زوجها بغيره، ولا يقارن الزوج زوجته بغيرها، بل يرضى كلاً منهما بما قسم الله -تعالى- له، ويحمد الله عليه.
- الحرص على حفظ أسرار بيت الزوجية، وعدم إخراجها ونقلها لأحدٍ.
- وجود الاستعداد لتنازل أحد الطرفين للآخرعند حدوث المشاكل، والتحلّي بالصبر والهدوء.
- تقدير كلّ طرفٍ من الزوجين لجهود الآخر وتعبه، وعدم تكليفه ما لا يطيق أو يحتمل.
أهمية السعادة الزوجية
ممّا لا شك فيه أنّ دخول السعادة إلى الحياة الزوجية لها أهمية بالغة على حياة الزوجين، وفيما يأتي بيان بعضها:[4]
- أنّها مقوّم أساسيٌ لسير الحياة بين الزوجين، بالشكل السليم.
- أنّها وقايةٌ من كل كدرٍ، أو كآبةٍ قد تحلّ بين الزوجين.
- أنّها تجعل كلاً من الزوجين ينظر بنظرة الحب والإيجابية لحياتهما، ويبعدان عنهما كلّ شبهةٍ أو عقبةٍ قد تعترض طريقهما، أو اختلاف قد ينشبّ بينهما.
- أنّها تضفي على الحياة روح المودة والسكينة، وتحقّق الاستقرار المنشود الذي هو المطلب الأساسي للزوجية.
حلّ الخلافات الزوجية
من الطبيعي بين الحين والآخر أن تطرأ بعض الخلافات والمشاكل على الحياة بين الزوجين، وحينها فإنّه ينبغي عليهما أن ينظرا إلى تلك الخلافات من منظور البناء، وليس من منظور الهدم، فإن أحسنا التصرّف عند الاختلاف، وبنياه على الحوار والتفاهم، فإنّ اختلافهما يعدّ حينها عامل بناءٍ قويٍ لحياتهما واستمراريتها، وعاملاً مهمّاً كذلك من عوامل الوصول إلى السعادة، والاستقرار بينهما، فالطريقة التي يستخدمها كلٌ من الزوجين في التعامل مع الخلافات، لها دورٌ كبيرٌ؛ إمّا في بناء الحياة واستمرار سعادتها، وإمّا في العمل على هدمها، ومن الأمور المهمة التي يجب على الزوجين اتباعها في حل المشاكل الأسرية عند حدوثها ما يأتي:[7]
- التفرقة بين الخلاف وسوء الفهم، فمعرفة حقيقة الأمر ستساعد على حلّه، وإزالة اللبس الذي قد يحصل بناءً عليه.
- محاسبة النفس على تقصيرها في حقّ ربها، فربّما يكون الخلاف بلاءً ابتُليا به؛ لتقصيرٍ أو ذنبٍ حصل منهما، أو من أحدهما.
- تصغير الخلاف، وحصره داخل حدود البيت، دون أن يعلم به أيّ أحدٍ من الناس.
- تحديد المشكلة، والتركيز على حلّها، دون التطرّق إلى مشاكلٍ وأخطاءٍ سابقةٍ ليس لها علاقةٌ في صُلب الموضوع.
- إبداء كلٍّ من الطرفين رأيه ونظرته عن المشكلة، دون أن تكون نظرةً مسلّمةً من الخطأ، لا تقبل النقاش والحوار.
- البدء بذكر النقاط الحسنة في الطرف الآخر، فهي مدعاةٌ لتقريب وجهات النظر، وتقريب القلوب وترقيقها.
- عدم التركيز على الحقوق، وتضخيمها، دون الواجبات.
- امتلاك القوة والشجاعة للاعتراف بالخطأ عند بيانه ووضوحه، دون خوفٍ أو شعورٍ بالنقصان.
- تأجيل حلّ الخلاف والنقاش فيه حتى تهدأ النفوس، ويزول الغضب.
- الهدوء والتروّي عند النقاش، والأخذ بأساليب الحوار وأسبابه.
- التغاضي عن الهفوات والزلات، وعن الخطأ غير المقصود.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2643، صحيح.
- ↑ سورة الشمس، آية: 7-8.
- ↑ سورة الروم، آية: 21.
- ^ أ ب ت محمد حسن هلال (6-9-2018)، "معنى السعادة الزوجية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018. بتصرّف.
- ↑ هشام بن أحمد آل طعـيمة، "نحو علاقة زوجية مثالية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018.بتصرّف.
- ↑ محمد رشيد العويد (30-9-2009)، "حوار حول المرأة ومفاتيح السعادة الزوجية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018. بتصرّف.
- ↑ د. يحيى اليحيى (31-12-2001)، "أساليب عملية في حل الخلافات الزوجية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018.بتصرّف.