خصائص التربية الإسلامية
مفهوم التربية الإسلاميّة
التربية من الأمور الأساسيّة في الحياة البشرية، فما يتربى عليه الفرد يظهر بصورةٍ فرديةٍ أو جماعيةٍ في المستقبل، وقد تم الاهتمام بهذا الموضوع بشكلٍ كبيرٍ؛ فحاول المختصون وضع المناهج المختلفة للتربية التي تتناسب مع طبيعة البشر وتغير الظروف والأحوال من زمنٍ لآخر، إلّا أن المنهاج الإسلامي هو الوحيد الذي استطاع أن يثبت على مر العصور وأن يناسب الفئات المختلفة من البشر باختلاف الأجناس والأعراق واللغات، حيث يقول عليه الصلاة والسلام: (تركتُ فيكم شيئَينِ لن تضِلوا بعدهما: كتابَ اللهِ، وسُنَّتي).[1][2]
لقد ضعفت الأمة وظهرت فيها المشاكل والمصائب عندما ابتعد المربون عن المنهج الإسلامي، ففي العادة يعجب الضعيف بالقوي ويقلده، وخلال مراحل مختلفةٍ من الأزمنة عانت الأمة من الضعف فاتجه إعجاب البعض إلى الدول الغربية بوصفها الأقوى، وقلدوا الغرب في حياتهم وطرق تربيتهم للأجيال، متناسين أنّ ما يناسب تلك الأمة لا يناسبنا نحن المسلمين، ولو أنهم اتبعوا المنهج الإسلامي والسنة النبوية الشريفة لما ظهرت لديهم المشاكل.[2]
والتربية في اللغة مصدر للفعل ربَّى بمعنى التهذيب، والتنشئة، والتعليم، والرعاية.[3] أمّا اصطلاحاً فلها العديد من المفاهيم من وجهة نَظَر الكثير من المُفكِّرين، فقد عرفها وليام فرانكينا بقوله: هي الأفعال، والتصرفات، والنشاطات التي تصدرُ عن الآباء، والمُدرِّسين، والمدرسة؛ لتعليم الصغار، إضافة إلى الأحداث التي تدورُ داخل الفصل، مثل: التغيُّرات العِلميّة، والعمليّة. بينما عرفها آخرون بأنها تكيُّف الأفراد مع بيئتهم، وثقافاتهم المحيطة بهم، وممّا يجدر ذِكره أنّه من الطبيعيّ أن يكون هناك تعدُّد في هذه المفاهيم، وذلك بناء على العوامل، والظروف المُتغيِّرة؛ وذلك لكونها موضوعاً عامّاً يثير اهتمام الأفراد جميعهم.[4]
أما في ما يخص مفهوم التربية الإسلامية فقد عرفها بعض الكتاب المسلمين بأنها إعداد وتجهيز الفرد المسلم بشكل كامل وشامل لجميع النواحي ولجميع المراحل العمرية، وذلك من خلال القيم والمبادئ والأساليب التي أظهرها دين الإسلام. كما عُرفت أيضاً بأنها مجموعة نظم متكاملة تتضمن الحقائق والقيم والمهارات المتغيرة التي تخص الإنسان، حيث يتم تقديمها من خلال مؤسسة تربوية إلى المتعلمين الموجودين فيها.[5]
خصائص التربية الإسلامية
تتميز التربية الإسلامية بالعديد من الخصائص التي تجعلها في مكانة رفيعة وتميزها عن غيرها من أنواع التربية غير الإسلامية، وهذه الخصائص هي:[2]
- الربانية: فإن الله تعالى هو الذي خلق الإنسان وهو الأكثر قدرة على معرفة ما يحتاجه وما يناسبه، وهذا يجعل التربية تتصف بالعدل والمساواة والقدسية، فلا يمكن لأي شخصٍ أن يعترض عليها وإنما يقدّسها وينفذها بصورتها، بينما مناهج التربية التي يضعها الإنسان تحتوي على الكثير من الأخطاء والثغرات نتيجة قصور عقل الإنسان في إحاطة جميع أنواع البشر وصفاتهم وخصائصهم، كما أن البشر يتفاوتون في مدى تقبلهم لما يؤمرون به، وعندما يكون هذا المنهج من عند البشر فإن بعض الأشخاص لا يقبلون به بسبب نعرة الفوقية وعدم الانصياع والانقياد، قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا).[6]
- التكامل: ويقصد بذلك أن التعاليم التربوية المأخوذة من القرآن متكاملة وتشمل جميع مناهج الحياة، سواء كانت متعلقة بالأخلاق أو بالاقتصاد، أو بالسياسة، أو بالدين فبذلك يتحقق التكامل والتوافق والتوازن بين كل من الإنسان ونفسه، وبين الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه، وبين كل مجتمع ومجتمع آخر.
- الوضوح: فلا بد أن يكون منهج التربية واضحاً للجميع؛ ليستطيع أي شخصٍ فهمه وتطبيقه، فمنهج التربية في القرآن واضح غير معرض للنقصان ولا يشوبه شك أو غموض، فكل ما يخصه من أوامر أو نواهي أو توجيهات واضح تماماً.
- الواقعية: حيث يجب أن تكون التربية واقعية؛ ليستطيع الإنسان تطبيقها، و هي تتمثل في التربية القرآنية، فهي واقعية تماماً وفقاً لأن البشر مختلفون بطبائعهم وصفاتهم، فهو منهج يتعامل مع البشر على مبدأ احتمالية الخطأ والصواب بعيداً عن الكمال، فلا كمال إلا لله وحده عز وجل، و يتمثل ذلك في قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ).[7]
- اليسر والسهولة: إذ تتميز التربية القرآنية بالسهولة في تعاليمها و مبادئها و يتمثل ذلك من خلال قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ...).[8]
- الإيجابية العملية (الفاعلية): فمن صفات التربية القرآنية الفاعلية أي أنها لا تقتصر فقط على تعلم العلم سواء كان دينياً أو دنيوياً فقط، ولكنها تتطلب أيضاً العمل بالعلم الذي اكتسبه الفرد وعدم كتمانه إضافة إلى تعليمه للناس، قال تعالى: (... وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّـهِ ومَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).[9]
- التدرج: حيث إن عملية التربية لا تصلح إن تم التحول مرة واحدة بالسلوك بشكل مفاجئ، إنما تحتاج إلى التدرج فيها حتى نحصل على أفضل نتيجة من خلالها.
- الشمول: ولتكون التربية صحيحة لا بد من أن تشمل جميع جوانب حياة الناس، دنيوياً وأخروياً؛ حيث يستطيع من يتبعها أن يطبقها كما جاءت، وأن تكون صالحةً لجميع أنواع الناس والأمم؛ للحصول على نتائج إيجابية جيّدة.
خصائص التربية العامة
أما التربية في كتب التربويين فلها مجموعة من الخصائص والسمات، ومنها ما يأتي:[10]
- تعتبر غير محددة أو محصورة بزمن معين و إنما ملازمة للفرد طول حياته.
- تعتبر شاملة لكل المعارف و المهارات، وتتبع جميع الوسائل كي تتيح للمتعلمين الفرصة المناسبة لتطوير أنفسهم و قدراتهم.
- تعطي الأشخاص القدرة على مجابهة مشكلات الحياة.
- تغطي حاجات الإنسان وحقوقه في التعليم.
- تغطي الفروقات بين التعليم النظامي وغير النظامي وتحقق التكامل بينهم.
- تعطي الفرصة للمشاركة من كافة الجهات التعليمية سواء كانت حكومية أم غير حكومية.
أهمِّية التربية
تتلخَّص أهمِّية التربية في مجموعة من النقاط، وهي:[4]
- تزيل جميع الفروقات بين كل طبقات المُجتمَع؛ من خلال التفاهُم والتعاوُن فيما بينها.
- تسهل اكتساب اللغة المستخدمة في المجتمع؛ عن طريق الاختلاط والتفاعُل بين أفراد المجتمع.
- تحقق النموّ العقليّ والاجتماعيّ، ممّا يُؤدِّي إلى اكتساب خبرات جديدة.
- تجدد ثقافة المجتمعات، وتطورها، وتنقلها عَبْر الأجيال المختلفة.
- تسهل عمليّات التواصُل، بين الكبير والصغير، وبين المُعلِّم والمُتعلِّم، وبين المُربّي والطفل.
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2937، خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- ^ أ ب ت محمد الغنيمي (6-11-2013)، "خصائص التربية في القرآن الكريم"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 17-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى تربية في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-08-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب طارق عامر (23-1-2011)، "التربية (مفهومها ، أهدافها ، أهميتها)"، al3loom، اطّلع عليه بتاريخ 14-8-2018. بتصرّف.
- ↑ محمد البشر (1993)، طبيعة التربية الإسلامية (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الشروق، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ سورة سورة الإسراء، آية: 82.
- ↑ سورة سورة الروم، آية: 22.
- ↑ سورة سورة البقرة، آية: 286.
- ↑ سورة سورة البقرة، آية: 140.
- ↑ وفية الياسري (19-12-2015)، "التربية – مفهومها - دلالاتها - وظائفها"، humanities، اطّلع عليه بتاريخ 19-9-2018. بتصرّف.