شروط قراءة القرآن
القرآن الكريم
القرآن الكريم هو كلام الله الذي أنزله على آخر الأنبياء محمد -عليه السلام- للبيان والإعجاز باللفظ و المعنى، وتلاوته عبادة لله، ونُقِل إلينا عن الرسول بالتواتر من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس،[1] فهو آخر الكتب السماوية، وقد حفظه الله من التبديل والتحريف على مرّ الأزمنة والعصور، وهو منهج كامل وشامل لحياة المؤمن، فلا يوجد أمر يحتاجه الإنسان في حياته إلا وقد ذكره الله -سبحانه- في كتابه، ووضع له المنهج الصحيح تسهيلاً وتيسيراً لحياة المؤمن، فالله -تعالى- وضع لنا المنهج القويم الذي به تصلح حياتنا، ويحقق لنا الاستقرار، وهو من النعم التي تستوجب من المؤمن شكر الله سبحانه و تعالى.[2]
آداب وشروط قراءة القرآن
القرآن الكريم هو كتاب الله -تعالى- ملك الملوك، ومن أراد أن يقرأ كلام ملك الملوك لا بد أن يُهيّئ نفسه ويلتزم بالآداب الواجبة لذلك حتى تكون قراءته قراءة صحيحة يؤجر عليها إن شاء الله وينال الأجر الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ)،[3] ومن هذه الآداب والشروط:[4]
- عزم النية لله وحده دون سواه من البشر، وجعل القارئ قراءته عبادة وتقرباً من الله عز وجل، دون رياء أو نفاق، فإذا دخل الرياء على قراءته أصبح عمله هباءً منثوراً.
- الطهارة التامة؛ بحيث يطهّر جسده من الحدث الأصغر والأكبر، بالإضافة إلى طهارة الثوب و المكان من النجس والخبث، وأن ينظف فمه بالسواك تكريماً وتعظيماً لكلام الله.
- استحباب استقبال القبلة أثناء القراءة تعظيماً وأدباً مع الله -تعالى- وهو الأكمل، مع جواز القراءة على غير ذلك، قال تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).[5]
- القراءة بتدبّر؛ فلا ينشغل بحواسه بما يلهي به قلبه عن تدبر الآيات وفهم المقصود من معانيها، فيستحضر القارئ أنه يقرأ كلام ربه ويناجيه بتلاوة كلامه، ويتقرب إليه بقراءة كتابه، ولا بد من القارئ أن يَعرض عمله على الآيات التي يقرؤها، فإن كان هناك شيئاً من التقصير أقبل إلى ربه، فاستغفر من ذنبه، واجتهد في الطاعات والبعد عن المعصية، فإن ذلك أقرب إلى الخشوع والتدبر، قال الله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا).[6]
- الإمساك عن القراءة عند التثاؤب أدباً واحتراماً وتعظيماً لكلام الله سبحانه وتعالى.
- اختيار الوقت المناسب للقراءة؛ بحيث يكون ذهنه صافياً، وأفضل وقت لقراءة القرآن بعد صلاة الفجر، وفي منتصف الليل وجوفه، بحيث يكون الإنسان بعيداً عن مضاجر الحياة وانشغالاتها، وبعيداً عن اللهو والضحك ومدّ النظر إلى ما يلهي القارئ عن تدبر كلام الله، ويشتّت الفكر عن التركيز بمقاصد آياته.[7]
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند إرادة القراءة، ومعنى الاستعاذة أن يقول عند بداية القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والمقصود منها: "أي أستنجد بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرّني فى ديني أو دنياي، أو يصدّني عن فعل ما أُمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه"، فالاستعاذة تطهيراً لنا من الوسوسة وتوجيه مشاعرنا إلى الله خالصة له.[8]
- السجود عند آيات سجود التلاوة، فيستحب لقارئ القرآن إذا مرّ بآيةٍ فيها سجدة أن يسجد لله ويُمرّغ جبينه بالسجود و يشعر بعظمة الله سبحانه، ويوجد في القرآن الكريم أربع عشرة سجدة، وينبغي أن يقع السجود عقب آية السجدة التي قرأها، فإن أخّر ولم يطل الفصل سجد، وإن طال الفصل فقد فات السجود، ويراعي آداب السجود في الهيئة والتسبيح، فيسبّح بما يسبّح به في سجود الصلاة، ومن ثم يقول: "اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين".[9]
- ارتداء المرأة للحجاب من الأدب عند قراءة القرآن الكريم، لكن لا حرج أن تقرأ القرآن وهي مكشوفة الرأس ما لم يكن عندها أجنبياً، فتغطية الرأس لا تعد شرطاً لقراءة القرآن.[10]
- يُستحب للقارئ أن يتأثّر ويتفاعل مع آيات القرآن، فإذا مرّ بآية عقاب استعاذ الله من العذاب، وإذا مر بآية رحمة يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مرّ بآية تنزيه لله -تعالى- نزّهه سبحانه.[11]
هدي الرسول في قراءة القرآن
القرآن الكريم كتابٌ أنزله الله على خير مبعوثٍ رحمة للعالمين، سيدنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فإذا أردنا أن نقتدي بقراءة أحد فلا بد أن يكون لنا الحبيب المصطفى هو قدوتنا الأولى، فهو خير أسوة لنا، حيث كانت قراءته قراءةً سهلةً لينةً متوسطة السرعة، يعطي كل حرف حقّه ومستحقّه، وكان يبدأ قراءته بالاستعاذة والبسلمة عند بداية كل سورة؛ حتى تكون القراءة باسم الله وبركته وعونه وتوفيقه، أما عن أحوال قراءته -عليه الصلاة والسلام- فقد كان يقرأ بجميع الأحوال؛ قائماً، وقاعداً، ومضّجعاً، وفي سيره، وفي ركوبه، وفي سائر أحواله، فلم يكن يمنعه شيء من القراءة، فلا يوجد حجّة أو عذراً لنا أمام الله على تركنا لقراءة القرآن، ولا بد من كل مسلم أن يعمل جاهداً على تلاوته يومياً ولو بالشيء اليسير، فقليل دائم خير من كثير منقطع، قال تعالى: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ).[12][13]
فضل قراءة القرآن الكريم
لا شك أن قارئ القرآن له أجر عظيم من الله تعالى، فقراءة القرآن حرز وحصن له من كل سوء بإذنه عز وجل، وقراءته سبب لرفعته في الدنيا و الآخرة، وهو بركة لقارئه في حياته الدنيا، ونور له على الأرض، وذخر له يوم القيامة، و يشعر قارئ القرآن بالسكينة والوقار، وتحفّه الملائكة، وتغشاه الرحمة، ويذكره الله فيمن عنده، وفي كل حرف حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، فهنيئاً لقارئه العامل بما فيه الفاهم لمعانيه، فهو من أهل الله وخاصته، ويأتي القرآن يوم القيامة شفيعاً لأصحابه يوم القيامة.[14]
المراجع
- ↑ د.أمين الدميري (7-12-2016)، "التعريف بالقرآن الكريم لغة و اصطلاحا "، www.alukah.net ، اطّلع عليه بتاريخ 13-3-2019.بتصرف.
- ↑ أ.د.محمود فجال، القرآن الكريم منهج متكامل، صفحة 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1416، صحيح.
- ↑ نجلاء جبروني (24-9-2018)، "آداب تلاوة القرآن الكريم "، www.alukah.net ، اطّلع عليه بتاريخ 17-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 191.
- ↑ سورة محمد، آية: 24.
- ↑ "آداب قراءة القرآن"، www.fatwa.islamonline.net. بتصرّف.
- ↑ سعيد المصري (1997)، فضل قراءة القرآن (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة القدسي، صفحة 30.بتصرف.
- ↑ محيي الدين النووي (1994)، التبيان في آداب حملة القرآن (الطبعة الثالثة )، بيروت-لبنان: دار ابن حزم، صفحة 135-153. بتصرّف.
- ↑ "حكم قراءة القرآن للمرأة بملابس كاشفة"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2019. بتصرّف.
- ↑ حسان أبو عرقوب (13-6-2011)، "من أحكام تلاوة القرآن "، www.aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2019. بتصرف.
- ↑ سورة المزمل، آية: 20.
- ↑ خالد المصري (1997)، فقه قراءة القرآن (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة القدسي، صفحة 29-44. بتصرف.
- ↑ د.مهران عشمان، "فضل تلاوة القرآن"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-3-2019. بتصرّف.