شروط التوبة في الإسلام
التوبة
إنّ من طبيعة النفس البشريّة ضعفها وعمل المعصية صغرت أو كبرت، ومن رحمة الله سبحانه بنا أن جعل لنا سبيلاً للتخلص من آثار المعصية السيّئة، سواء كانت هذه المعصية تتعلق بحق الله سبحانه كتقصير في أداء الطاعة على وجهها المشروع، أو انسياق خلف هوى النفس وشهواتها المتعددة، أو كانت تتعلق بحق الإنسان كاستجابة لهوى النفس وطمعها، ونزولاً عند جموح رغباتها، وإزاء هذا كله تجلت رحمة الله سبحانه بنا بأن شرع لنا التوبة، والتي تدور حول طلب المغفرة من الله سبحانه بترك المحاسبة على المعصية بعد تركها وعزم عدم العودة إليها، مع الندم على فعلها فالتوبة تغسل المسلم من الذنوب وتنقيه من آثارها.
إزاء تقلبات النفس وجموحها الدائم نحو المعاصي في ظل مغريات العصر المستمرة والمتزايدة وجب على المسلم أن يقاومها بشدة ، ويروض نفسه على ترك المعاصي والإكثار من الطاعات، والمسارعة إلى التوبة دون يأسٍ أو فتور، حتى وإن تكررت منه المعصية لغلبة الهوى والشهوة، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53]
شروط التوبة في الإسلام
- الندم على المعصية بمعنى التأسف والحزن على فعلها، وهذا شعور قلبي ونفسي يظهر عند المسلم عندما يؤنبه ضميره على فعل المعصية، فيكون هذا الندم استيقاظ للضمير الحي لديه، واستشعار لمعنى الرقابة الذاتيّة.
- الإقلاع عن المعصية بتركها، وما أروع ما ذكره الإمام الغزالي في هذا السياق، عندما شبه الإقلاع عن المعصية بالسموم التي يراجعها الإنسان ويخرجها من جوفه، متى أخبر أنّه قد تناولها من غير قصد منه، فسموم المعاصي والآثام أشد فتكاً بالنفس من سموم الطعام والشراب، فبالقدر ذاته الذي يكون قذفه للطعام المسموم من خارج جوفه، يجب أن يكون تركه وقذفه للمعاصي بعيداً عنه.
- العزم على عدم العودة إليها، وهو نوع من التأكيد لصدق نيّة الإنسان في التوبة.
- إعادة الحقوق المسببة للمعصية وهذه الحقوق تقسم إلى قسمين حقوق ماديّة تجب إعادتها كاملة، أو إعادة قيمتها إن تعذر إعادتها بذاتها، وكانت لها قيمة معيّنة، وحقوق معنويّة، كالغيبة والنميمة، والسبُّ والشتم، فهذه لا بدّ من طلب العفو والصفح من صاحبها، وهو ما يعرف بالاستبراء.
آثار التوبة
- طمأنينة الفرد وشعوره بالراحة النفسيّة.
- نيل رضوان الله سبحانه والفوز بمحبته.
- أهلية المسلم لاستجابة الدعاء، واستحقاقه العون من الله سبحانه.
- نيل محبّة الناس متى تعلّقت التوبة بحقوقهم، ففي ذلك ترابط ومحبة وتراحم.
- تحقيق لمعنى العبوديّة الصحيحة لله سبحانه إذ إنّ في التوبة تذللاً وندماً، وهذا من تمام العبودية لله سبحانه.