تحديد مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي
العصر الجاهلي
الحياة العقليّة عند العرب في الجاهلية
من المعروف أنّ العلم هو نتاج الحضارات، والظروف الاجتماعيّة التي عاشها العرب في العصر الجاهلي، لم تكن تسمح لهم بتكوين علم منظم، ولا علماء متخصصين، وعلى الرغم من ذلك فقد كان للطبيعة المفتوحة الواسعة الموجودة بين أيديهم، وتجاربهم العمليّة، وسفرهم في الصحراء، تأثير كبير على عقلهم، فقد عرفوا الكثير من النجوم، ومواقعها، واكتشفوا نوعاً من الطب توارثوه جيلاً بعد جيل، إضافة إلى علم الأنساب، والفراسة، فقد تميّز العرب في الجاهليّة بالذكاء الشديد، وسرعة البديهة، والفصاحة.
مظاهر الحياة العقليّة في العصر الجاهلي
الشعر
لقصائد الشعر الجاهلي شكل مختلف عن بقيّة قصائد العصور الأخرى، حيث تبدأ قصائدهم بأبيات من الغزل الجميل، ثمّ ينتقل الشاعر إلى وصف الصحراء التي جابها وصفاً دقيقاً، وبعد ذلك يصف ناقته، وأخيراً يدخل في الغرض الذي أنشأ القصيدة من أجله، فقد يكون مدحاً، أو رثاءً، أو هجاءً، أو حماسةً، أو اعتذاراً، ولا ننسى تطرقه إلى ذكر الحكمة في ثنايا قصيدته، وللشعر الجاهلي خصائص عدة، وهي:
- تصوير الطبيعة الجاهلية تصويراً دقيقاً.
- الصدق في التصوير، والتعبير.
- البساطة، والوضوح، والواقعيّة.
بإمكاننا الوصول إلى الشعر الجاهلي من مصادر عدة، كالمعلقات، والأصمعيّات، وحماسة أبي تمام، ودواوين الشعراء الجاهليّين، والكتب المفسّرة للقرآن، والكتب المختصّة بالنحو، واللغة، ومعاجم اللغة، وحماسة البحتري، وكتب الأدب العامّة.
النثر
هو كلام منثور، وليست له قيود، ولا قافية، وألفاظه منتقاة بدقة، وعباراته مصوغة بطريقة حسنة، وجذابة، فهي تؤثّر في أذن السامع، إذ يختلف في تكوينه عن الكلام العادي، الذي يستخدمه الناس للحديث في أمور حياتهم اليوميّة.
للنثر الجاهلي عدة أنواع، وهي الخطابة، والأمثال، والحكم، والقصص، وسجع الكهان، ولكن تميّزت الخطابة عن كل هذه الأنواع، بكونها حديثاً معانيه جيّدة، ومتينة، ومؤثرة، وموجهاً لجمع من الناس للوصول لهدف معيّن، كأن يجذبهم لرأي ما، أو يقنعهم بفكرة محددة، أو يحثهم على القتال في حالات الحرب، أو لتهذيب نفوسهم.
تتميّز الخطابة في ذلك العصر بغلبة السجع عليها، فتكون جملها قصيرة، ومتوازنة، ومليئة بالحكمة، والموعظة، ومن أشهر خطباء العصر الجاهلي، زهير بن جناب، وهاشم بن عبد مناف، وقس بن ساعدة، وحاجب بن زرارة، والحارث بن عباد البكري.