تعريف المبتدأ والخبر
الجملة
الجملة كلامٌ يتكوَّن من كلمتين أو أكثر بحيث يؤدّي معنىً مُفيداً، وتكون الجملة إمّا فعليّة تبدأ بفعل، وتتكوَّن من رُكنَين أساسيَّين، هما: الفعل، والفاعل، مثل: حضر الضيوفُ، أو الفعل ونائب الفاعل، مثل: فُتِح البابُ، وإمّا أن تكون اسميّة تبدأ باسم، وتتكوّن أساساً من المبتدأ والخبر، مثل: المنزلُ واسعٌ.[1] والاسم هو ما يدلُّ على معنى دون اقترانه بزمنٍ مُعيَّن، وله علامات تُميِّزه، من أهمّها: أنّه يقبل دخول حروف الجرِّ عليه، كالباء مثلاً في (بتلوين)، ودخول التنوين (تلوينٌ)، وأل التعريف (التلوين).[2]
تعريف المبتدأ والخبر في الجملة الاسميّة
تتكوَّن الجملة الاسميّة من المبتدأ، والخبر، والمبتدأ اسم مرفوع تبدأ به الجملة.[3] أمّا الخبر فهو يُكمل معنى المبتدأ ويُتمِّم معنى الجملة، وهو مرفوع أيضاً، ومثال ذلك: الصدقُ فضيلةٌ؛ فالصدق هو المبتدأ، ولفظ فضيلة يُخبر عن المبتدأ ويُتمّم معنى الجملة.[4]
صور المبتدأ
للمبتدأ ثلاث صور رئيسيّة يأتي بها، هي:[4]
- الاسم الصريح، مثل: الصادقُ محبوبٌ؛ فالصادقُ مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة،[5] ويأتي الاسم الصريح على عدّة صور، منها:[6]
- ضمير الرفع المنفصل: مثل ضمير المخاطب (أنت) في الجملة: أنت عادل.[8][9]
- المصدر المُؤوَّل، مثل: أن تجتهدَ في دروسك خيرٌ لك، وتأويله (اجتهادُك).[8]
- الاسم الظاهر، مثل: الطالبة مهذّبةٌ.
- اسم الإشارة، مثل: تلك معلِّمةٌ ماهرةٌ.
- الاسم الموصول، مثل: قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ)[7]
- اسم الاستفهام، مثل: أيُّ التجارب أنفع؟.
صور الخبر
يأتي الخبر اسماً مُفرداً، وجملة، وشبه جملة، وفي ما يأتي بيان ذلك:[3]
- الخبر المُفرد: أي ما ليس بجملة، ولا شبه جملة، ويأتي أيضاً مثنّىً، وجمعاً، مثل: العاملُ نشيطٌ، والعاملان نشيطان، والعمّالُ نشيطون، والعاملاتُ نشيطاتٌ. ويُقسَم الخبر المُفرد إلى نوعين، هما:
- الخبر الجملة: يأتي الخبر بصورة جملة اسميّة، وجملة فعليّة، ويكون في محلِّ رَفْع، ومن شروط الجملة التي تقعُ خبراً، أن تشتملَ على رابط يربِطُها بالمبتدأ، ويعود إليه، مثل:
- الخبر شبه جملة، وشبه الجملة نوعان:
- الخبر الجامد: وهو ما ليس فيه معنى الوصف، مثل: هذا حجرٌ، وهو يتحمَّل الضمير إذا تضمَّن معنى المُشتقّ، مثل: محمدٌ شجاعٌ، وقلبه حجر، أمّا إذا لم يتضمَّن معنى المُشتَقِّ، فإنّه يكون فارغاً من الضمير.
- الخبر المُشتَقّ: وهو ما كان وَصْفاً، يرفعُ ضميراً مُستتراً يعود على المبتدأ، مثل: سعيدٌ قائمٌ، وتقدير الجملة (سعيدٌ هو قائمٌ).
- الضمير الراجع إلى المبتدأ، سواء أكان ضميراً مُتّصِلاً، أم مُستتِراً، أم مُقدَّراً، ومن أمثلة الخبر في حال كونه جملة اسميّة: (اللوحةُ ألوانُها جميلةٌ)، و في حال كونه جملة فعلية: (المطرُ يزدادُ).
- الإشارة إلى المبتدأ، مثل: الحرّية تلك أمنية الأبطال.
- تكرار المبتدأ بلفظه بقصد التفخيم، والتهويل، مثل: القيامة ما القيامة؟.
- العموم في الخبر، أي أن يكون الخبر عامّاً يدخل فيه المبتدأ، مثل: محمدٌ نعمَ الرجل.
- شبه جملة من الجار والمجرور، مثل: (الرجلُ في المنزلِ)، وتُعرَب كما يأتي:
- شبه جملة ظرفيّة تتكوّن من ظرف زمان، أو مكان، واسم يليه، مثل: (العاملُ خلفَ العمارةِ)، وتُعرَب كما يأتي:
- الرجلُ: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- في: حرف جر يفيد الظرفية المكانيّة.
- المنزل: اسم مجرور بحرف الجر (في) وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
- وشبه الجملة من الجار والمجرور -في المنزل- في محلّ رفع خبر المبتدأ.
- خلفَ: ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو مُضاف.
- العمارةِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
- وشبه الجملة الظرفيّة -خلفَ العمارة- في محلّ رفع خبر المبتدأ.
تقدّم الخبر على المبتدأ وجوباً
تتعدَّد حالات وجوب تقدُّم الخبر على المبتدأ، وهي على النَّحو الآتي:[10]
- إذا كان المبتدأ نكرة، والخبر شبه جملة، أو جملة، مثل: أمام العمارة رجلٌ، في البيت غريبٌ، وقصدَهُ ولدُكَ محتاجٌ؛ حيث تُعتبَر كلٌّ من (رجلٌ، وغريبٌ، ومحتاجٌ) نكرة محضة.
- إذا اتّصل المبتدأ بضمير يعود على جزء من الخبر، مثل: في المكتبة أمينها؛ فالهاء ضمير يعود على المكتبة، وهي جزء من الخبر.
- أن يكون للخبر حقُّ الصدارة، كأسماء الاستفهام، مثل: أين الحفلة؟، وتُعرَب (أين): اسمَ استفهام مبنيّاً في محل رفع خبر مُقدَّم، وتُعرَب (الحفلة): مبتدأ مُؤخَّراً مرفوعاً وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وكذلك الخبر المضاف إلى اسم استفهام، مثل: صديقُ مَنْ زيدٌ؟
- أن يكون الخبر محصوراً في المبتدأ، مثل: إنّما الصِّدقُ خُلُقٌ، وليس في الصفِّ إلا الطلابُ.
- أن يكون الخبر لفظة كم الخبريّة، مثل: كم يومٍ غيابُك؟، أو مضافاً إليها، مثل: مديرُ كم شركةٍ أنت!.
- أن يكون المبتدأ مُقترِناً بفاء الجزاء، مثل: أمّا لديك فالخيرُ.
- أن يكون تأخير الخبر مُؤدِّياً إلى لبس، أو اختلاط في المعنى، مثل: لله درُّكَ، فلو تأخَّرَ الخبر فيها، مثل: درُّكَ لله؛ لما اتّضحَ المعنى المقصود.
تأخُّر الخبر وجوباً
يجب تأخُّر الخبر عن المبتدأ في حالات، منها:[10]
- أن يكون المبتدأ، والخبر متساويين في نوع التنكير، أو التعريف، بحيث يصلحُ كلٌّ منهما أن يكون مبتدأ، مثل: قريبي صديقي؛ إذ إنّ الخبر (صديقي)، قد تأخَّر وجوباً؛ لأنّه تساوى مع المبتدأ في كونه اسماً معرفة.
- أن يكون الخبر جملة فعليّة فاعلها ضمير مُستتِر، يعود على المبتدأ، مثل: الأمُّ تسهرُ على راحة أولادها، فلو تأخَّر المبتدأ؛ لأصبح فاعلاً، نحو: تسهرُ الأمُّ على راحة أولادها.
- أن يكون المبتدأ محصوراً في الخبر، مثل: إنّما البحتريُّ شاعرٌ.
- إن يكون الخبر لمبتدأ دخلت عليه لام الابتداء، مثل: لعملٌ صالحٌ خيرٌ من مال زائل.
- أن يكون المبتدأ له حقُّ الصدارة في الجملة، إمّا بنفسه، كأسماء الاستفهام، مثل: مَن القادمُ؟، وأسماء الشرط، مثل: أيّ شريفٍ تصاحبْه أصاحبْه، وما التعجبيّة، مثل: ما أطيبكَ!، وكم الخبريّة، مثل: كم صديقٍ عرفتُه، أو أن يكون مُضافاً إلى أيّ واحد من الأسماء السابقة، مثل: صاحبُ من القادم؟.
تعدّد الخبر
قد يتعدّدُ خبر المبتدأ، فيكون للمبتدأ أكثر من خبر واحد، حتى وإنَّ تعدَّد المعنى، أو اختلف، مثل: المعلم صبورٌ مُتفهّمٌ مُخلِصٌ؛ فصبور خبر أوّل، ومُتفهِّم خبر ثانٍ، ومُخلِص خبر ثالث، ويأتي التعدُّد على ثلاثة أنواع، هي:[11]
- أن يتعدَّدَ الخبر لفظاً، ومعنى، بحيث يكون كلّ واحد مُخالِفاً للآخر، مثل: بلدُنا زراعيٌّ صناعيٌّ، وفي هذا النوع يجوز عَطْف الخبر الثاني وما بعده، على الخبر الأول بحرف عطف مناسب، مثل: بلدنا زراعيٌّ، وصناعيٌّ.
- أن يتعدَّدَ الخبر في اللفظ فقط، بحيث تُؤدّي جميع الألفاظ معنىً واحداً رغم كونها مُختلِفة في المعنى الخاص بكلٍّ منها، مثل: الرجل طويلٌ قصيرٌ؛ حيث يراد أنّ الرجل مُتوسِّطٌ في الطول، وفي هذا النوع لا يجوز العَطْف، ولا أن يفصلَ بين الخبرين فاصل، ولا أن يتأخَّرَ المبتدأ عن تلك الأخبار؛ لأنَّ ذلك يُؤدّي إلى اختلال المعنى.
- أن يتعدَّدَ الخبر في اللفظ، والمعنى، وهذا التعدُّد يكون تابعاً لتعدُّد المبتدأ حقيقة، وحكماً، مثل: السبّاقون: غلامٌ، وشابٌّ، وكهلٌ، وفي هذا النوع يجب عَطْف الخبر الثاني على الأوّل، والثالث على الثاني، بشرط أن يكون حرف العطف هو الواو.
حَذْف المبتدأ أو الخبر
يجوز حَذْف المبتدأ، أو الخبر، إذا كان هناك ما يدلّ عليهما، بشرط ألّا يتأثَّرَ أو يتغيَّرَ المعنى بسبب حَذْف أيٍّ منهما، كأن يُقال: أين الأطفال؟ فيُجاب: في الملعب؛ حيث إنّ المبتدأ حُذِف هنا جوازاً؛ لأنّ تقديرَه واضح المعنى (الأولاد في الملعب)، وكأن يُطرَحَ سؤال: مَن في المزرعة؟ فيُجاب: الأهل؛ وهنا حُذِف الخبر جوازاً؛ لأنّ تقديرَ القول: الأهلُ في المزرعة، وللمبتدأ والخبر مواضع مُعيَّنة يحذفان فيها وجوباً، وهي على النحو الآتي:[10]
- حَذْف المبتدأ وجوباً: يُحذَفُ المبتدأ وجوباً في عدّة مواضع، من أشهرها:
- حَذْف الخبر وجوباً: يُحذَفُ الخبر وجوباً في عدّة مواضع، من أشهرها:
- أن يكونَ خبر المبتدأ في أصله نعت، إلّا أنّه ترك أصلَه وصار خبراً، مثل: ذهبتُ إلى الصديقِ الأديبُ؛ حيث وردت كلمة الأديب على أنّها خبر مرفوع لمبتدأ محذوف تقديره هو، والتقدير هنا هو: ذهبتُ إلى الصديقِ هو الأديبُ.
- أن يكونَ خبر المبتدأ مخصوصاً بالمدح، أو الذمّ، مثل: نِعمَ الزارعُ حليمٌ؛ حيث تُعتبَر كلمة (حليم) هي المخصوص بالمَدح في الأصل؛ ولكونه واقعاً مُتأخِّراً عن الجملة، يكون خبراً مرفوعاً لمبتدأ محذوف تقديره هو، كما في التقدير (نِعمَ الزارعُ هو حليمٌ).
- أن يكون الخبر صريحاً في القسم، فيكون معلوماً أنّه يمين، مثل: في ذمّتي لأسافرنَّ إلى مكّة.
- أن يكون الخبر مصدراً يؤدّي معنى فِعله، كأن يقول السبّاح مثلاً: سباحةٌ شاقّةٌ، أي (سباحتي سباحةٌ شاقّةٌ)، وصبرٌ جميلٌ، أي (صبري صبرٌ جميلٌ).
- أن يقع الخبر كَوناً عامّاً، والمبتدأ واقعٌ بعد (لولا الامتناعيّة)، مثل: لولا العِلمُ لشقِيَ العالَم، وتقدير الجملة: (لولا العلمُ موجودٌ لشقيَ العالَم).
- أن يكون لفظ المبتدأ نصّاً في القسم، مثل: لأمانةُ الله لأنصرنَّ الضعيف، وتقديرالجملة: (لأمانةُ الله قسمي لأنصرنَّ الضعيف)، وهنا دليل آخر على حَذْف الخبر وجوباً، وهو ارتباط لام الابتداء بالقسم؛ إذ لا ترتبطُ هذه اللام بالخبر بل بالمبتدأ.
- أن يقعَ الخبر بعد الواو التي تُؤدّي معنى العطف، والمعيّة معاً، مثل: الفلّاح وحقلُه، وتقدير الجملة: (الفلّاح وحقلُه مُتلازِمان).
- أن يأتيَ بعد الخبر حالٌ تدلّ عليه، وتسدّ مسدَّه، دون أن تصلحَ أن تكون هي الخبر، مثل: قراءتي القصيدة مكتوبةً؛ حيث تُعتبَر كلمة (مكتوبةً) حالاً منصوبة لا تصلحُ أن تكونَ خبراً للمبتدأ، والخبر يكون هنا ظرفاً محذوفاً مع جملة فعليّة بعدَه، كأن نقول: (قراءتي القصيدة إذا كانت مكتوبةً)، وهنا تمّ حَذْف الخبر المُتعلِّق بظَرفِه.
المراجع
- ↑ د. محمود مغالسة، النحو الشافي، لبنان: مؤسسة الرسالة، صفحة 19-20. بتصرّف.
- ↑ د. محمد السامرائي (2014)، النحو العربي أحكام ومعان (الطبعة الأولى)، لبنان: دار ابن كثير، صفحة 11-14، جزء الأول. بتصرّف.
- ^ أ ب د. محمد السامرائي (2014)، النحو العربي أحكام ومعان (الطبعة الأولى)، لبنان: دار ابن كثير، صفحة 168-181، جزء الأول. بتصرّف.
- ^ أ ب د. محمد السامرائي (2014)، النحو العربي أحكام ومعان (الطبعة الأولى)، لبنان: دار ابن كثير، صفحة 173، جزء الأول. بتصرّف.
- ↑ د. محمود مغالسة، النحو الشافي، لبنان: مؤسسة الرسالة، صفحة 108-109. بتصرّف.
- ↑ "المبتدأ والخبر"، www.almaaref.org، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2018.
- ↑ سورة البلد، آية: 19.
- ^ أ ب "الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ (1 / 2)"، learning.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2018. بتصرّف.
- ↑ أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن (20-2-2018 )، "شرح المبتدأ والخبر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت عباس حسن (2010)، النحو الوافي (الطبعة الخامسة عشرة)، مصر: دار المعارف، صفحة 492-507، جزء الأول. بتصرّف.
- ↑ عباس حسن (2010)، النحو الوافي (الطبعة الخامسة عشرة)، مصر: دار المعارف، صفحة 528، جزء الأول. بتصرّف.